الثقة الإلهية: سر السكينة والتوفيق

استكشف معنى الثقة بالله، وكيفية تحقيقها، وأهميتها في مواجهة تحديات الحياة. تعرف على مواقف وجوب الثقة بالله، وأثرها الإيجابي على النفس والمجتمع.

محتويات

معنى اليقين بالله – أساس السعادة

إنّ الثقة بالله – سبحانه وتعالى – هي إيمان راسخ في رحمته وعفوه، وقدرته على تدبير أمور عباده. فهي اعتقاد جازم بأن الله – عز وجل – سيُجيب دعاءنا، ويُعيننا على مواجهة المصاعب، وسيُكافئنا على أعمالنا الصالحة. يتجلى هذا اليقين في التوكل عليه، والرضا بقضائه وقدره، والثقة في حكمة الله – سبحانه وتعالى – حتى في أصعب الظروف.

طرق تعزيز الثقة بالله

تُبنى الثقة بالله – جلّ جلاله – من خلال عدة سبل، منها: اجتناب المعاصي، والحرص على التوبة النصوح عند الوقوع في الخطأ، مع اليقين بقبول توبة العبد النديم. كما يتطلب الأمر إتقان العمل، ورجاء الأجر والثواب، والظن الجازم بأن الله – سبحانه وتعالى – سيجازي عباده بما يستحقونه من خير.

أكثر من ذلك، يجب علينا أن نؤمن إيماناً جازماً بكرم الله – عز وجل – وعلمه الغير محدود، وأن خزائن السماوات والأرض بيده، وأن عطاءه لا ينقص من ملكه شيئاً. فكل منع هو لحكمة بالغة لا نعلمها إلا هو – سبحانه وتعالى –.

أوقات تجلى الثقة الإلهية

تتجلى أهمية الثقة بالله – سبحانه وتعالى – في مواقف محددة، منها: لحظة الموت، فعن جابر رضي الله عنه، قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول:(لا يموتَنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل)[رواه مسلم]. كما تتجلى هذه الثقة في مواجهة الشدائد والمحن، وكما جاء في قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن القتال مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُكشف عما بهم من كرب وضيق إلا بعدما أحسنوا الظن بالله، قال تعالى:(وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[التوبة: 117-118].

ولا تقتصر هذه الثقة على مواجهة الموت والشدائد فقط، بل تمتد إلى ضيق العيش، وغلبة الدين، والدعاء والتوبة. ففي كل هذه المواقف، يُعيننا اليقين بالله على الصبر، والرجاء في فرج قريب.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربِّه عز وجل قال:(أذنَب عبدٌ ذنبًا . فقال : اللهمَّ ! اغفِرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنَب عبدي ذنبًا ، فعلم أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ، ويأخذ بالذَّنبِ . ثم عاد فأذنب . فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبًا . فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذُ بالذنبِ . ثم عاد فأذنب فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنبَ عبدي ذنبًا . فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذ بالذنبِ . اعملْ ما شئت فقد غفرتُ لك ” . قال عبدُالأعلى : لا أدري أقال في الثالثةِ أو الرابعةِ ” اعملْ ما شئت)[رواه مسلم].

فوائد الثقة بالله – طريق إلى الحياة الطيبة

إنّ الثقة بالله – سبحانه وتعالى – ليست مجرد شعور، بل هي ركن أساسي من أركان الإيمان، لها أثر بالغ في حياة المسلم. فهي تُمثل امتثالاً لأوامر الله ورسوله، كما جاء في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ )[ الأنفال: 24 ].

كما تُقوي الثقة بالله علاقتنا بالله، وتُنمي العديد من الجوانب العقدية المهمة، كالتوكل والاستعانة بالله، واللجوء إليه، والخوف منه، والرجاء به. فعبر هذه الثقة، نرجو رحمة الله ونخشى سخطه وعقابه.

أكثر من ذلك، تُسهم الثقة بالله في تحقيق السكينة والطمأنينة في القلوب، وتُسهل أمور حياتنا، وتُعيننا على قبول قضاء الله وقدره برضا تام. كما تدفعنا إلى طلب المغفرة والرحمة من الله – سبحانه وتعالى – دائماً.

إنّ أجر من يحسن الظن بالله عظيم، وقد وعد الله – سبحانه وتعالى – من يثق به بالجنات التي تجري من تحتها الأنهار. وتُساعدنا هذه الثقة على التفكر والتدبر في أسماء الله وصفاته، وما تقتضيه من معاني العبودية والإخلاص لله – عز وجل –.

Total
0
Shares
المقال السابق

الموسيقار حسن الشافعي: رحلة فنية مميزة

المقال التالي

عبقرية حسن كامل الصباح: رائد الاختراع اللبناني

مقالات مشابهة