مقدمة
تعتبر الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية أدائها بأقواله وأفعاله. ومن بين الهيئات التي يقوم بها المصلي في صلاته، التورك والافتراش. وهما من السنن التي يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، وإذا تركها المصلي لا يلزمه سجود السهو عند جمهور العلماء.
تعريف التورك والافتراش
للتورك والافتراش معان محددة في الفقه الإسلامي، وهما يتعلقان بكيفية جلوس المصلي في الصلاة. ويمكن تعريفهما كالتالي:
- التورك: هو جلوس المصلي على وركه الأيسر مع نصب القدم اليمنى وتوجيه أصابعها نحو القبلة، وإخراج القدم اليسرى من تحت ساق القدم اليمنى.
- الافتراش: هو جلوس المصلي على قدمه اليسرى مع نصب القدم اليمنى وتوجيه أصابعها نحو القبلة.
تحديد مواضع التورك والافتراش
اختلف الفقهاء في تحديد المواضع التي يُسن فيها التورك والافتراش في الصلاة، وفيما يلي تفصيل لآراء المذاهب الأربعة:
رأي الحنفية
يرى الحنفية أن الافتراش هو الهيئة المستحبة للجلوس في جميع جلسات الصلاة، سواء في التشهد الأول أو التشهد الأخير أو بين السجدتين. ومع ذلك، يفرقون بين الرجل والمرأة، حيث يرون أن الافتراش خاص بالرجل، بينما يسن للمرأة التورك في جميع جلسات الصلاة، لأنه أستر لها.
رأي الشافعية والحنابلة
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الافتراش يكون في التشهد الأول وبين السجدتين. واستدلوا على ذلك بما ورد في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:
(وكانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى ويَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمْنَى) [رواه مسلم في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:498، صحيح].
أما التورك، فيكون في التشهد الأخير فقط. ولكن الحنابلة قيدوا ذلك بأن يكون في الصلاة تشهدان، كالصلاة الرباعية والثلاثية. أما إذا كانت الصلاة ركعتين، فإنه يفترش ولا يتورك. ويرى الشافعية أن الأصل في التشهد الأخير هو التورك، إلا إذا أراد المصلي سجود السهو أو إذا كان قد التحق بالجماعة متأخراً، فإنه يفترش.
رأي المالكية
يرى المالكية أن التورك هو الهيئة المستحبة للجلوس في جميع جلسات الصلاة، دون تفريق بين التشهد الأول والتشهد الأخير.
بعض السنن الأخرى في الصلاة
إلى جانب التورك والافتراش، هناك العديد من السنن الأخرى التي يستحب للمصلي فعلها في الصلاة. ومن هذه السنن:
- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام: اتفق العلماء على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. وقد اختلفوا في كيفية الرفع، فذهب الحنفية إلى أن الرجل يرفع إبهاميه مقابل أذنيه، والمرأة ترفعهما مقابل كتفيها. وذهب المالكية والشافعية إلى أن المصلي يرفع يديه مقابل كتفيه. وذهب الحنابلة إلى أن المصلي مخير بين رفع يديه مقابل أذنيه أو كتفيه.
- التعوذ قبل القراءة: اختلف الفقهاء في حكم التعوذ قبل القراءة. فذهب الحنفية إلى أن التعوذ يكون في الركعة الأولى فقط. وذهب المالكية إلى كراهة التعوذ والبسملة قبل قراءة الفاتحة والسورة التي تليها. وذهب الشافعية والحنابلة إلى استحباب التعوذ سراً قبل القراءة، فيقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ثم يسمي قائلاً (بسم الله الرحمن الرحيم). ولكن يسمي سراً عند الحنفية والحنابلة، وذهب الشافعية إلى الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية.
المراجع
- مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكية الإسلامية، صفحة 7300. بتصرّف.
- مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشّرْبجي، الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي، صفحة 147. بتصرّف.
- مصطفى البغا، مصطفى الخن، علي الشّرْبجي، الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي، صفحة 154. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 901 -902. بتصرّف.
- ابن عابدين، الدر المختار على رد المحتار، صفحة 477. بتصرّف.
- رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:498، صحيح.
- البهوتي، كشاف القناع على متن الاقناع، صفحة 363. بتصرّف.
- زكريا الأنصاري، اسنى المطالب بشرح روض الطالب، صفحة 164. بتصرّف.
- عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 281. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 869. بتصرّف.
- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 878-879. بتصرّف.