فهرس المحتويات
تعريف التوبة |
شروط التوبة الناجحة |
أسباب رفض التوبة |
المراجع |
ماهية التوبة و أهميتها
التوبة هي الرجوع عن المعاصي والذنوب، والتخلي عنها بصدق وندم، مصحوبةً بعزم راسخ على عدم العودة إليها. إنها جوهر التطهّر الروحي و سبيلٌ للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]. وتشمل التوبة إصلاح ما أمكن إصلاحه من آثار الذنب، كإرجاع الحقوق لأصحابها إن وجدت.
الركائز الأساسية للتوبة الصحيحة
لكي تكون التوبة مقبولةً عند الله تعالى، يجب توافر شروط أساسية. منها الندم الحقيقي على الفعل المُرتكب، والعزم الجازم على عدم العودة إليه مرة أخرى. كما يتضمن ذلك ردّ الحقوق لأصحابها إن اقتضت الضرورة، وطلب السماح منهم إن أمكن. ويجب أن يكون ذلك قبل أن يحلّ الموت، فالتوبة لا تُقبل ممن أصرّ على المعصية حتى لحظة وفاته. قال تعالى: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء: 18].
متى لا تُقبل التوبة؟
رغم رحمة الله الواسعة وقبول توبته للذنوب مهما عظمت، إلا أن بعض الحالات قد تمنع قبول التوبة. يُعدّ الاستمرار في ارتكاب الذنب وعدم الندم الحقيقي من أهم تلك الأسباب. كما أن عدم إصلاح ما أمكن إصلاحه من آثار الذنب، كعدم ردّ الحقوق، قد يُعيق قبول التوبة. الزنا من الكبائر، وقد حذر الله ورسوله من الاقتراب منه. قال تعالى: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]. وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ”. [البخاري]. مع ذلك، باب التوبة مفتوحٌ، فالله غفور رحيم، وقد قبل توبة العديد ممن وقعوا في الزنا وندموا بصدق.
يُظهر لنا حديث ماعز بن مالك -رضي الله عنه- قبول التوبة حتى بعد ارتكاب الزنا، حيث ندم وطلب التوبة، وقد غفر الله له، ففي صحيح مسلم روي عن النبي ﷺ أنه قال: “استغفروا لماعز بن مالك”. وقيل: غفر الله لماعز بن مالك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لو سعتَهم”. هذا يدل على قبول توبة من تاب توبة صادقة، مهما كان الذنب.
يجب على المسلم أن لا يقنط من رحمة الله، وأن يبادر بالتوبة والاستغفار إذا أخطأ، وأن يتضرع إلى الله تعالى بالدعاء والتوبة النصوحة، وأن يحرص على التقرب إليه بالطاعات والعبادات. فالله تعالى يتقبل توبة عباده الصادقة و يغفر لهم ذنوبهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الإسلامُ يَجُبُّ ما قبلَه، والتوبةُ تَجُبُّ ما قبلَها”. [الشوكاني]
وباختصار، قبول التوبة مرتبطٌ بصدق الندم، والعزم على عدم العودة، وإصلاح ما أمكن إصلاحه. رحمة الله واسعة، وتوبته تتسع لكل من تاب إليه توبة نصوحا.
المصادر والمراجع
سورة التحريم، آية 8.
سورة الإسراء، آية 32.
صحيح البخاري، حديث رقم 6809.
صحيح مسلم، حديث رقم 1695.
فتح القدير للشوكاني.
سورة الزمر، آية 53.
سورة النساء، آية 18.