التمييز بين كلمتي السنة والعام في اللغة العربية

استكشاف دلالات كلمتي السنة والعام في اللغة العربية، مع تحليل معانيهما اللغوية والمعجمية والاستخدامات القرآنية لكل منهما.

مقدمة حول مفردات اللغة

تزخر لغتنا العربية الفصيحة بمجموعة واسعة من الكلمات والمفردات، حيث تحمل كل كلمة معنى فريدًا ودلالة خاصة بها. يختلف تفسير هذه الدلالات تبعًا للسياق الذي تستخدم فيه الكلمة. إن اللغة العربية بحر واسع وعميق، يتطلب من الباحث والقارئ الكثير من التركيز والذكاء لفهم هذه المعاني المتنوعة. يجب على المرء أن يسعى لفهم الكلمات في سياقات مختلفة لتوضيح هذا التنوع. هنا، سنحاول جهدنا التمييز بين كلمتي “عام” و “سنة”، مع الاستعانة بأمثلة من القرآن الكريم لتيسير فهم هذا الفرق الدقيق الذي يقع فيه الكثيرون. هناك العديد من الكتب الأدبية التي تتناول هذه المواضيع المثيرة، ومن بينها كتاب “الفروق اللغوية” للعسكري.

معنى السنة في المعجم

الجذر اللغوي لكلمة “سنة” هو “سنو”، والفعل المضارع هو “يسنو” بمعنى دار حول البئر. تشير السنة إلى دورة من دورات الشمس، وتستخدم أيضًا للدلالة على الطعام والشراب. يقال “أسنت القوم” أي جاعوا وأصابهم القحط. تجمع كلمة سنة على “سنين” و “سنوات”.

المفهوم اللغوي للسنة

السنة هي عبارة عن تجميع لعدد من الشهور. تطلق كلمة “السنة” على الجدب والشدة. يقول العرب “أصابتنا سنة”، وتعني السنة من أول يوم تحسبه إلى مثله بعد مرور اثني عشر شهراً. ومن الأمثلة على ذلك في القرآن الكريم، ما ورد في سورة يوسف، عندما رأى الملك رؤيا، قال فيها: “قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا” (يوسف: 47). هنا، تشير السنوات السبع إلى سنوات الجدب والجوع والقحط. ولم يستخدم القرآن الكريم كلمة “سنين” لوصف السنوات التي ستحل محل السنوات السبع المجدبة، بل جاء بعدها: “ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ” (يوسف: 48-49). نستنتج مما سبق أن كلمة “السنة” تستخدم لوصف الأيام الشديدة والصعبة. مثال آخر يوضح ذلك هو وصف الله سبحانه وتعالى لنبي نوح عليه السلام، حين واجه الصعاب والمتاعب في دعوة قومه، فاستخدم الله سبحانه كلمة “سنة” ليدل على شدة المعاناة التي كان يعانيها مع قومه: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ۖ فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” (العنكبوت: 14).

العام في قواميس اللغة

“عوم” هو الجذر اللغوي لكلمة “عام”. لهذه الكلمة استعمالات ومعان متعددة بحسب السياق الذي تذكر فيه. جمعها “أعوام”. “عام يعوم” أي سبح في الماء. ومنه “عام الرجل” أي اشتهى اللبن، و”عامت النجوم” أي سارت.

الدلالة اللغوية لكلمة العام

العام هو أقل أياماً من السنة، وتُستعمل كلمة العام للدلالة على الخير والعطاء والنماء. بالعودة إلى الوصف الإلهي لمكوث سيدنا نوح في قومه، فبعد أن قضى سنين معاناة وتعذيب، جاء بعدها قوله: “إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا” (العنكبوت: 14)، أي أنه كان عام خير وسعادة وفرح لسيدنا نوح من بعد معاناة كبيرة.

ومن الأمثلة أيضاً “عام الفيل” الذي هجم فيه الأحباش بأفيالهم لهدم الكعبة، إلا أن الله أذلهم وهزمهم. وكذلك فهو عام خير وسعادة لأنه العام الذي ولد فيه سيد الكون محمد عليه الصلاة والسلام.

Total
0
Shares
المقال السابق

مقارنة بين التقويم الميلادي والتقويم الهجري

المقال التالي

دلالات كلمتي السنة والعام في القرآن الكريم

مقالات مشابهة

محددات صنع القرار: نظرة شاملة

استكشاف العوامل المتنوعة التي تؤثر في عملية صنع القرار، من جودة المعلومات والتأثيرات الاجتماعية والثقافية إلى العادات الشخصية والقدرات المعرفية. تعرف على خطوات اتخاذ القرارات الصائبة.
إقرأ المزيد