جدول المحتويات
مقدمة
عند الشروع في أي عمل بحثي، من الضروري فهم وتمييز الجوانب الأساسية التي تحدد مساره وقيمته. من بين هذه الجوانب، تبرز غايات الدراسة وأهميتها كعناصر رئيسية توجه الباحث وتحدد الأثر المحتمل لعمله. هذه المقالة تسعى لتوضيح هذه العناصر وتقديم إرشادات عملية لكيفية تحديدها وتدوينها بشكل فعال.
الفروق الجوهرية بين غايات الدراسة وقيمتها
يكمن جوهر التمييز بين غايات الدراسة وأهميتها في النقاط التالية:
- ترتبط الغايات بشكل مباشر بما يسعى الباحث إلى تحقيقه شخصياً من خلال الدراسة، بينما تعكس الأهمية الفائدة التي ستعود على الآخرين، سواء كانوا أفرادًا أو مجتمعات أو حقول معرفية.
- تجيب الغايات عن الأسئلة التي تدور في ذهن الباحث، بينما تعبر الأهمية عن الإضافة العلمية والمعرفية التي سيقدمها البحث في مجال تخصصه.
- تُستخدم الغايات كبوصلة ومنطلق لإجراء البحث وتقييم جودته، فإذا نجحت الدراسة في تحقيق أهدافها، اعتبرت ذات فائدة وقيمة للمجتمع العلمي.
الغايات من الدراسة
عند التخطيط لأي دراسة علمية، يجب البدء بتصميم خطة عمل متكاملة. تتضمن هذه الخطة تحديد مشكلة الدراسة، والمتغيرات المرتبطة بها، والمنهجية العلمية التي سيتبعها الباحث. من بين الخطوات الحاسمة في هذه الخطة، تحديد غايات الدراسة وأهميتها. تمثل غاية الدراسة الهدف الذي يسعى الباحث إلى تحقيقه بعد الانتهاء من البحث. قد يكون الهدف إثبات صحة فرضية معينة، أو نفيها، أو الوصول إلى نتائج جديدة ومحددة. تحديد الأهداف بشكل جيد يعتبر عاملاً أساسياً في نجاح الدراسة، حيث يصف هدف الدراسة النتيجة المرجوة بعد تنفيذ البحث، ويجيب على السؤال المحوري: “ما الذي يرغب الباحث في تحقيقه في نهاية البحث؟”
تعتبر غايات الدراسة العنصر الأساسي الذي يوجه جميع جوانب منهجية البحث لاحقًا، بدءًا من طرق جمع البيانات وتحليلها، وصولًا إلى عرض نتائج البحث وتفسيرها. لذلك، يجب أن ترتبط غايات الدراسة بمشكلة البحث ارتباطًا وثيقًا ودقيقًا. قبل تحديد غايات الدراسة، من الضروري الاطلاع على الأدبيات السابقة في مجال البحث الخاص بك وتحديد الثغرات المعرفية التي يجب معالجتها، مما سيساعدك في وضع غايات مناسبة لبحثك.
معايير تحديد الغايات الذكية للدراسة
لضمان تحديد غايات الدراسة بشكل واضح ودقيق، يجب أن تكون أهدافك البحثية “SMART”. هذا يعني أنه يجب عليك اتباع المعايير التالية:
- محددة (Specific): يجب أن تكون الغايات واضحة ومحددة، وتجنب العمومية والغموض.
- قابلة للقياس (Measurable): يجب أن تكون هناك طريقة لقياس التقدم نحو تحقيق الغايات، مما يسمح بتقييم النجاح.
- قابلة للتحقيق (Achievable): يجب أن تكون الغايات واقعية وقابلة للتحقيق في ضوء الموارد المتاحة والقيود المفروضة.
- ذات صلة (Relevant): يجب أن تكون الغايات ذات صلة بمشكلة البحث وأن تساهم في حلها أو فهمها بشكل أفضل.
- محددة زمنيًا (Time-bound): يجب تحديد إطار زمني لتحقيق الغايات، مما يساعد في تنظيم العمل وتحديد الأولويات.
بمجرد تحديد غايات الدراسة بهذه الطريقة، يصبح من الأسهل وضع خطة البحث والبدء في إجراءاته.
مثال على تحديد غايات الدراسة
تهدف الدراسة إلى تحديد تأثير استخدام طريقة الفصول الدراسية المعكوسة على نتائج اختبارات الطلاب في مادة العلوم خلال الفصل الدراسي الثاني.
أهمية الدراسة
يعكس هذا الجزء من الدراسة العلمية السبب وراء اختيار الباحث لموضوع بحثه، وتأثير الدراسة الحالية على مجال البحث الخاص بمشكلة البحث، بالإضافة إلى المعرفة الجديدة التي سيقدمها الباحث، والفئات التي ستستفيد من نتائج البحث. يمكن للباحث هنا تحديد أهمية بحثه الخاص من جانبين رئيسيين وهما: أهمية البحث من الجانب النظري، وأهمية البحث من الجانب التطبيقي.
خطوات تدوين أهمية الدراسة
لكتابة أهمية الدراسة بشكل واضح ومقنع، اتبع الخطوات التالية:
- استخدم مشكلة البحث كنقطة انطلاق لتحديد أهمية الدراسة.
- اذكر كيف ستساهم الدراسة في دعم وتطوير الأدبيات السابقة الموجودة في هذا المجال من خلال معالجة المشكلات والثغرات التي لم تعالج سابقًا.
- اشرح كيف ستعود الدراسة بالفائدة على المجتمع.
- اذكر الفئات أو المؤسسات المحددة التي ستستفيد من نتائج الدراسة.
- وضح كيف يمكن لنتائج الدراسة أن تساعد الدراسات والبحوث المستقبلية في هذا المجال.
مثال على تحديد أهمية الدراسة
كتب الباحث حسن محمد الملاك في تبريره لدراسته بعنوان “أثر دراسة مساق في الحاسوب في اتجاها طلبة الصف العاشر نحو الحاسوب”: “نظرًا لقلة توافر الدراسات التجريبية، ونظرًا للرغبة في مسايرة الاهتمام المتزايد بضرورة إدخال الحاسوب في التعليم، فقد ظهرت الحاجة إلى هذه الدراسة في كونها توفِّر معلومات حول موضوع استخدام الحاسوب في المدارس، من خلال مساهمتها في تحديد اتجاهات طلبة الصف العاشر نحو الحاسوب”[4]
