مقدمة
في عالم الإدارة والأعمال، تعتبر القرارات المحرك الأساسي للتطور والنجاح. فهم الفرق بين عمليتي صياغة القرارات واختيار القرار يمثل حجر الزاوية للإدارة الفعالة والقيادة الرشيدة. هذا المقال يسلط الضوء على هذه الفروق الجوهرية، مع التركيز على العمليات والخطوات المتبعة في كل مرحلة، وأهميتها في تحقيق الأهداف المنشودة.
مفهوم صياغة القرارات
صياغة القرارات هي عملية شاملة تهدف إلى إيجاد حلول جذرية للتحديات التي تواجه المؤسسة أو المنظمة. تتضمن هذه العملية البحث الدؤوب عن أفضل الحلول الممكنة من بين مجموعة متنوعة من الخيارات المطروحة، وذلك من خلال المفاضلة والتقييم الدقيق. يتطلب هذا من الإدارة التحلي بالحذر الشديد عند اختيار البديل الأمثل الذي يساهم في حل المشكلة بفاعلية.
تتضمن عملية صياغة القرارات عدة مراحل أساسية. تبدأ بتحديد المشكلة بوضوح وفهم أبعادها المختلفة، ثم تحليلها وتقييمها بشكل شامل. بعد ذلك، يقوم الشخص المسؤول عن صياغة القرار بجمع المعلومات ذات الصلة وتقييمها بعناية، ثم ينتقل إلى اقتراح الحلول المناسبة وتقييمها لاختيار الحل الأفضل من بينها. يمكن تعريف هذه العملية بأنها ديناميكية ومتسلسلة، تبدأ بالتصميم وتنتهي باتخاذ القرار النهائي. وتتميز بالمنطقية في اتباع الخطوات للوصول إلى القرار الصائب، والاعتماد على اكتشاف البديل الأمثل الذي يتناسب مع الأهداف المرجوة.
مفهوم اختيار القرار
تجدر الإشارة إلى أن اختيار القرار ليس مرادفًا لصياغة القرارات، بل هو مرحلة متقدمة من مراحل اتخاذ القرار. يمثل اختيار القرار الخلاصة التي يتوصل إليها صانع القرار بعد جمع المعلومات والأفكار حول المشكلة المطروحة وإيجاد مجموعة من البدائل والحلول الممكنة. إن عملية اختيار القرار هي انتقاء الحل الأمثل من بين مجموعة القرارات التي تم صياغتها مسبقًا من قبل شخص مخول بذلك.
تعتبر عملية اختيار القرار محورًا أساسيًا لتحقيق أهداف المؤسسات والمنظمات، وذلك من خلال تنفيذ العمليات الإدارية بكفاءة وفاعلية. تبدأ هذه العملية غالبًا بالعصف الذهني لإنشاء قائمة بالحلول المحتملة، وتنتهي باختيار القرار الأنسب من بين البدائل المطروحة بكفاءة عالية.
الفروق الجوهرية بين صياغة القرارات واختيار القرار
يكمن الفرق الأساسي بين عمليتي صياغة القرار واختياره في أن صياغة القرار هي عملية منظمة تمر بعدة خطوات محددة، يسبقها دراسة متأنية للمشكلة المطروحة وبحث معمق للتوصل إلى القرار المناسب بحذر ويقظة، وذلك لتجنب أي نتائج سلبية محتملة. أما بالنسبة لعملية اختيار القرار، فهي تمثل رد فعل للمؤثرات المحيطة بالقرار وقد تكون مفاجئة في بعض الأحيان. ومع ذلك، فإن المدير الناجح هو الذي يكون مستعدًا لمواجهة مثل هذه المواقف الطارئة، مع الحرص على التروي وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار قد يضر بالمؤسسة وعملها.
صياغة القرار هي الخطوة الأولى أو التمهيد للبحث عن مجموعة من البدائل وتقييمها ودراستها بعناية، في حين أن اختيار القرار يمثل المرحلة النهائية لعملية صياغة القرار، حيث يتم انتقاء الحل الأنسب من بين البدائل المطروحة.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]. وهذا يدل على أهمية التبين والتثبت قبل اتخاذ أي قرار.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.” وهذا يعكس أهمية الحكمة والتروي في حل الخلافات واتخاذ القرارات الصائبة.
أهمية صياغة واختيار القرارات
لا يمكن التقليل من شأن أهمية صياغة واختيار القرارات في نجاح المؤسسات والمنظمات. القرارات الصائبة تساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وتحسين الأداء، وتعزيز القدرة التنافسية. وعلى العكس من ذلك، فإن القرارات الخاطئة قد تؤدي إلى خسائر فادحة وتراجع في الأداء. لذلك، يجب على المديرين والقادة إيلاء اهتمام خاص لعمليتي صياغة واختيار القرارات، والحرص على اتباع أفضل الممارسات في هذا المجال.