التمييز بين المهلكات السبع والذنوب العظيمة

استكشاف الفروقات بين المهلكات السبع والكبائر في الإسلام. تحليل الآيات القرآنية التي تحرم الكبائر والمهلكات. هل يمكن تحديد عدد الكبائر؟

توضيح الفرق بين المهلكات السبع والكبائر

تأتي الإشارة إلى كل من المهلكات السبع والذنوب العظيمة في الأحاديث النبوية الشريفة. من بين هذه الأحاديث، نجد ما يلي:

المهلكات السبع

ورد ذكر المهلكات السبع في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:
(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ).[1]

الكبائر

ورد نص يوضح الكبائر في سنن أبي داود، بعد ذكر رواية أبي هريرة المذكورة، ونقل عن عمير الليثي أنه:
(أنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: هُنَّ تِسْعٌ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ[أي معنى حديث أبي هريرة السابق]وزَادَ: وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا).[2] وورد في حديث آخر: (أَكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ).[3]

وبالمقارنة بين الأحاديث، يتضح أن عدد الكبائر يفوق عدد المهلكات السبع. العلاقة بينهما هي علاقة عموم وخصوص، حيث أن كل مهلكة من المهلكات السبع تعتبر من الكبائر، ولكن ليست كل كبيرة تعتبر من المهلكات. يمكن توضيح الفرق من خلال التعريف التالي:

  • المهلكات: هي الذنوب التي تؤدي إلى الهلاك والدمار لصاحبها. كلمة “وبق” تعني هلك، و”أوبق غيره” تعني أهلك غيره.[4]
  • الكبائر: هي الذنوب التي يترتب عليها لعن أو وعيد بالنار أو غضب من الله تعالى، أو يترتب عليها حد من الحدود في الدنيا.[5]

حرمة المهلكات والكبائر في القرآن الكريم

ورد في القرآن الكريم ما يدل على تحريم المهلكات السبع، وذلك على النحو التالي:

  • الشرك بالله: قال تعالى: (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).[6]
  • السحر: قال تعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى).[7]
  • القتل بغير الحق: قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ).[8]
  • أكل الربا: قال تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا).[9]
  • أكل مال اليتيم: قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).[10]
  • التولي يوم الزحف: قال تعالى: (إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ).[11]
  • القذف: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ).[12]

كما ورد في القرآن الكريم تحريم الكبائر بشكل عام، وتحريم بعضها بشكل خاص:

  • يجب اجتناب الكبائر، قال تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ).[13]
  • عقوق الوالدين من الكبائر، قال تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا).[14]
  • قول الزور من الكبائر، قال تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).[15]

هل بالإمكان تحديد الكبائر بشكل قاطع؟

ذكر عن ابن عباس رضي الله عنه أن عدد الكبائر أقرب إلى السبعين منه إلى السبع. وقد أيده الذهبي في ذلك، موضحًا أن حديث المهلكات السبع لم يقصد حصر الكبائر، وأن هناك أدلة على أن من ارتكب ذنوبًا عظيمة لم تذكر في حديث المهلكات، فإنه يستحق غضب الله وعذابه، كالزنا والسرقة، التي وردت فيها نصوص تتوعَّد صاحبها بالعذاب والغضب والتهديد واللعن.[16]

المصادر

  1. [1] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2766، صحيح .
  2. [2] رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عمير بن قتادة الليثي، الصفحة أو الرقم:2875 ، سكت عنه وقال أبو داود ما سكت عنه فهو حسن.
  3. [3] رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6871 ، صحيح.
  4. [4] جلال الدين السيوطي،شرح السيوطي على مسلم، صفحة 105.
  5. [5] عبد العزيز بن عبد الله الراجحي،توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم، صفحة 472. بتصرّف.
  6. [6] سورة لقمان، آية:19
  7. [7] سورة طه، آية:69
  8. [8] سورة الإسراء، آية:33
  9. [9] سورة البقرة، آية:276
  10. [10] سورة الأنعام، آية:152
  11. [11] سورة الأنفال، آية:15
  12. [12] سورة النور، آية:23
  13. [13] سورة النساء، آية:31
  14. [14] سورة الإسراء، آية:23
  15. [15] سورة الحج، آية:30
  16. [16] شمس الدين الذهبي،الكبائر، صفحة 8. بتصرّف.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التمييز بين لفظي الزوجة والمرأة في القرآن الكريم

المقال التالي

مقارنة بين الأسد والضبع: نظرة متعمقة

مقالات مشابهة