المحتويات:
تصنيف اللسان عند دي سوسير
يرى دي سوسير أن اللسان هو نظام تواصلي فريد يميز الإنسان المنتمي إلى مجتمع معين. فاللسان، في نظره، يمثل نظامًا لغويًا شاملاً. وقد قسم دي سوسير الدراسات اللغوية، وتحديدًا دراسة اللسان، إلى قسمين رئيسيين وفقًا لأهداف الدراسة:
- اللغة: وهي العنصر الأساسي، وتعتبر ظاهرة اجتماعية مستقلة عن الفرد، مما يسمح بتصنيف دراستها كدراسة نفسية.
- الكلام: وهو العنصر الثانوي، وتصنف دراسته كدراسة تجمع بين الجوانب الفيزيائية والنفسية، ويمكن إدراكه عن طريق السمع والبصر.
ازدواجية اللغة والكلام في فكر دي سوسير
عرّف دي سوسير اللغة بأنها نظام اجتماعي تحكمه مجموعة من القواعد والقوانين المشتركة. ووصفها بأنها ظاهرة اجتماعية كامنة في أذهان مجموعة من الأفراد. وأشار إلى أن اللغة نظام نحوي يوجد افتراضيًا في كل ذهن، وبالتالي، فإن للغة جانبين أساسيين:
- جانب فردي: حيث تعتبر اللغة ملكة تميز الفرد عن الكائنات الأخرى.
- جانب جماعي: فهي ظاهرة اجتماعية مشتركة بين الأفراد الذين يمتلكونها بيولوجيًا. ووفقًا لهذا التصنيف، لا يمكن دراسة اللغة علميًا بشكل كامل؛ لأنها لا تمثل حقيقة اجتماعية خالصة، بل تمثل الفرد والجماعة في آن واحد.
أما الكلام، فقد اعتبره دي سوسير تجسيدًا واقعيًا للغة، وهو يختلف من شخص لآخر تبعًا للبيئة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. وأشار أيضًا إلى أن الكلام هو اختيار فردي إرادي يعتمد على حرية الفرد في التعبير عن أفكاره وشؤونه، مما جعله محور اهتمام الباحثين لوضع قواعد وقوانين لتلك اللغة.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الكلام صورة للممارسة الفردية المنطوقة أو النشاط العضلي الصوتي للفرد ضمن مجموعة معينة، بما يتناسب مع الأعراف السائدة في تلك الجماعة. ويرى دي سوسير أنه لا يمكن دراسة الكلام دراسة علمية؛ لأنه فردي ويخضع للاختيار الحر، وعنصر الاختيار غير قابل للتنبؤ به، وبالتالي غير قابل للدراسة العلمية.
الاختلافات الجوهرية بين اللغة والكلام
الكلام هو التعبير الفردي، سواء كان منطوقًا أو مكتوبًا، ويمكن إدراكه حسيًا عن طريق السمع والبصر. بينما اللغة تمثل القواعد العامة والحدود الموصوفة في كتب اللغة. اللغة والكلام لا يخضعان للدراسة العلمية بشكل كامل؛ لأن الكلام فعل فردي يخضع للاختيار الحر، وبالتالي لا يمكن التنبؤ به، بينما اللغة فعل جماعي يرتبط بالفرد والجماعة معًا، وليست حقيقة اجتماعية خالصة.
وبناءً على ما سبق، فإن اللسان هو ما يمكن دراسته دراسة علمية، لأنه واضح ومحدد ومتجانس، مما يسمح بملاحظته وتصنيفه كحقيقة إنسانية قابلة للبحث والدراسة، فهو نظام تواصلي.
المراجع
- سامية بن يامنة،الاتصال اللساني وآلياته التداولية في كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري، صفحة 95-96. بتصرّف.
- أبتمحمد جواد النوري،لسانيات النص وتحليل الخطاب، صفحة 53-59. بتصرّف.
- أبعبد الله احمد محمد،النحو العربي بين القديم والحديث: مقارنة وتحليل، صفحة 15-16. بتصرّف.