المحتويات:
الإنسان: كائن متفرّد
يعتبر الإنسان أعظم الكائنات تميزاً وإبداعاً، حيث أنعم الله عليه بكل ما يلزمه ليكون خليفة له في الأرض. هذا التميز يتجسد في جوانب عديدة منها: طريقة خلقه، وظائف أعضائه، مشاعره، غرائزه، سلوكياته، وقدرته الفريدة على التفكير. لقد استطاع الإنسان توظيف هذه النعم لخدمة نفسه وتطوير حياته عبر مسيرته الطويلة.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” {التين: 4}. هذه الآية الكريمة تحمل دلالات عميقة ومعاني واسعة، تدعو الإنسان إلى التفكر في تكوينه الجسدي. هذا التفكر يقود إلى مكسبين رئيسيين: الأول دنيوي، وهو فهم طريقة عمل الجسم وإيجاد علاجات للأمراض. والثاني أخروي، وهو تعزيز يقين الإنسان بأن الله هو الخالق المستحق للعبادة.
التكوين الإلهي المتقن
إن آيات الله في خلق الإنسان لا تحصى ولا تعد، بعضها ظاهر وواضح، والبعض الآخر لا يمكن إدراكه إلا من خلال البحث والدراسة أو الاستماع إلى آراء الأطباء والمتخصصين. ولعل أكثر ما يثير الإعجاب في الإنسان، مما يمكن للجميع ملاحظته واستخدامه في كل لحظة، هي الحواس الخمس: البصر، السمع، اللمس، الشم، والتذوق. فلو تأمل الإنسان في هذه الحواس والأعضاء المسؤولة عنها، وفي الفوائد العظيمة التي تقدمها له، لأدرك أن الله تعالى لم يخلقه إلا في أحسن صورة.
الحواس الظاهرة: نافذة على العالم
تعد الحواس الخمس من أهم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فهي بوابته إلى العالم الخارجي. من خلال البصر، نرى جمال الطبيعة وروعة الكون. ومن خلال السمع، نستمع إلى أصوات الحياة ونستمتع بالموسيقى والألحان. أما اللمس، فيمنحنا الإحساس بالدفء والبرودة، والخشونة والنعومة. والشم يميز الروائح الطيبة من الكريهة، والتذوق يمتعنا بمختلف النكهات والأطعمة. هذه الحواس تعمل بتناغم وتكامل لتوفر لنا تجربة حسية غنية ومتنوعة.
الأعضاء الداخلية: معجزة مستمرة
إن شكل الإنسان وهيكله، والتنوع الكبير في المظاهر بين الذكور والإناث، بالإضافة إلى الاختلافات الداخلية، وكيفية انجذاب كل جنس للآخر، كلها أمور تدل على عظمة الخالق الذي أبدعها وأتقنها. هذه الاختلافات هي أساس الحياة والتكاثر، وهي التي أوصلت الإنسان إلى التكامل المنشود.
بالنسبة للأعضاء الداخلية، فإن الدماغ مثلاً يحتوي على عدد هائل من الخلايا ويتكون من أجزاء متعددة، ولديه قدرات عظيمة تفوق الخيال. وإذا نزلنا إلى الأسفل قليلاً، نجد تلك المضخة العجيبة، القلب، التي تعمل باستمرار دون توقف، منذ اللحظات الأولى في حياة الإنسان وحتى الممات.
الجانب النفسي: تفاعل الروح والجسد
هناك جانب هام في الإنسان يجب الإشارة إليه، وهو الجانب النفسي والطريقة التي تتفاعل بها النفس البشرية مع الجسد والروح. هذا التفاعل، إذا أحسن الإنسان إدارته وتوظيفه، يمكن أن يحقق به إنسانيته وأسمى معانيها. أما إذا أساء استخدامه، فسينقاد وراء شهواته وأطماعه دون ضوابط، مما يؤدي به إلى الهلاك.
التأمل والتقدير: طريق إلى المعرفة
كل هذه الجوانب العظيمة في الإنسان تستحق أن يخصص لها جزء من وقته لدراستها والتعرف عليها قدر الإمكان، لكي يدرك فضل الخالق سبحانه وتعالى عليه. ومهما عبد الإنسان ربه في كل وقت، فإنه لن يوفي ولو جزءاً بسيطاً من حقه.