مقدمة
الحياة البشرية عبارة عن رحلة مشتركة، حيث يعيش الأفراد ضمن مجموعات تتشارك في السمات والخصائص. هذه الحياة المشتركة تؤدي إلى ظهور أنماط سلوكية متماثلة، تُعرف بالتفاعلات الاجتماعية. تعتبر هذه التفاعلات مؤشراً هاماً على جوهر المجتمع، ومدى تحضره، وأسلوب تفكيره.
طبيعة التفاعلات الاجتماعية
تعتبر التفاعلات الاجتماعية انعكاساً للظروف الثقافية، والمعرفية، والدينية التي تسود المجتمعات. لذلك، تختلف هذه التفاعلات من منطقة إلى أخرى، تبعاً لتنوع هذه الأصول. تتميز بعض المجتمعات بتفاعلات اجتماعية راقية، تعكس صورة إيجابية عنها، بينما لا تتجاوز مجتمعات أخرى مظاهر سطحية وعادات قديمة تعيق التقدم الإنساني وتمنع تحقيق نهضة حقيقية.
قد تتأثر التفاعلات الاجتماعية أيضاً بالأوضاع السياسية والاقتصادية للأمة. ففي أوقات التدهور والانحدار، تشهد الأمم تراجعاً في المجال الاجتماعي.
إلى جانب ذلك، تلعب درجة تعقيد أو بساطة المجتمع دوراً كبيراً في تحديد شكل التفاعلات الاجتماعية السائدة بين الناس. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، الاختلاف بين التفاعلات الاجتماعية في القرى والمدن. ففي القرى، يظهر الناس في أقصى حالات التعاون، والتكاتف، والتآزر، ويبدون وكأنهم شخص واحد. ويعزى ذلك إلى بساطة الناس هناك، وعدم تعرضهم للتحديات التي يواجهها سكان المدن، من غزو فكري، والانشغال بالأعمال المعقدة، وتعقيد العلاقات الإنسانية وميلها نحو المصالح. كل هذا أدى إلى جعل سكان المدن أكثر ميلاً نحو التفاعلات الاجتماعية الزائفة، والابتعاد عن الجوهر الإنساني الحقيقي، وفقدان الهوية الجامعة.
الجوانب الخادعة في التفاعلات
إن الاهتمام بالتفاعلات الاجتماعية الشكلية على حساب الجوهر والقيم والأخلاق الحميدة هو من السمات التي تنتشر في المجتمعات التي تعاني من أزمة حضارية حقيقية. فمثلاً، يلاحظ بشدة في مثل هذه المجتمعات اهتمام الناس بالأثرياء حتى لو لم يكونوا على قدر عالٍ من الثقافة، أو العلم، أو الأخلاق.
كما ويلاحظ أيضاً اهتمام البعض بشراء الحاجيات والسلع الباهظة حتى لو أغرقوا أنفسهم في الديون والقروض البنكية، وكل ذلك من أجل التفاخر والتباهي. أيضاً وإلى جانب ذلك، فإن بعض التفاعلات الاجتماعية والعادات السيئة قد ترهق بعض الفئات في هذه المجتمعات وبشكل يتسبب للبعض المشاكل النفسية والصحية والعائلية.
التجليات المثالية للتفاعلات
إن أفضل التفاعلات الاجتماعية هي تلك التي تنطلق من القيم الأخلاقية والأعراف الحميدة والمفاهيم الدينية الصحيحة، حيث تمثل هذه التفاعلات انعكاساً حقيقياً لرحمة أبناء المجتمع الواحد، وتكاتف أفراده، ووعيهم بالقضايا الإنسانية المختلفة. ومثل هذه التفاعلات ليست حكراً على أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب، فهي منتشرة بين جميع الناس على اختلاف أعراقهم وأديانهم ولغاتهم وألوانهم.