فهرس المحتويات
التسامح لغوياً | التسامح اصطلاحاً |
التسامح في الإسلام | التسامح في الفلسفة |
التسامح عبر الحضارات | أهمية التسامح |
أثر التسامح على الفرد والمجتمع |
البعد اللغوي لمفهوم التسامح
اشتقّ لفظ “تسامح” من الفعل الخماسي اللازم “تسامح”، ويدلّ على التّساهل، والتّهاون، واللين. ويشمل مدلوله اللغويّ الحلم، والعفو، والمُسامحة؛ أي غفران الحقوق، والعفو عن الخطأ، والموافقة على الصفح. وتدلّ السّماحة لغوياً على السّلاسة، والمساهلة، والتهاون، والحلم، والرّفق. وفي النظم الفلسفية العالمية، يُنظر إلى التسامح باعتباره احتراماً تبادلياً بين الأفراد والآراء، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة.
التسامح: تعريف اصطلاحي
يتفق أهل اللغة والفلاسفة وعلماء الاجتماع على وصف التسامح كقيمةٍ سامية، باعتباره عطاءً وبذلاً متفضّلاً، بلا إجبار ولا إلزام. وهو سهولة في المعاملات، وتيسير الأمور، واللين، والتّلطّف.
التسامح في الشريعة الإسلامية
يمتاز المفهوم الإسلامي للتسامح بقيمةٍ فريدة؛ فهو لا يتعارض مع مبادئ الحقوق والواجبات، ولا يمسّ الشرائع والحدود والمحرّمات، ولا القوانين والقضاء. بل يخصّ العلاقات الناظمة لتودّد الناس ومعاملاتهم وحسن معاشرتهم؛ بترك ما لا يجب تفضّلاً وتنزّهاً، بكرمٍ يُظهره القويّ صاحب السلطة على الضعيف المُلتزم بأداء الحقّ، مع قدرة الأول على تحصيل حقّه، ثمّ يتركه صفحاً وعفوًا.
يتجلى التسامح في الإسلام من خلال تعميم النظرة الأخلاقية والإنسانية، لتعزيز المساواة والعدل، وتثبيت مبادئ الاعتراف بالآخر واحترام المناهج والأفكار والمعتقدات والاختلافات، مهما تعددت وتنوعت أتباعها. ويُرسّخ الإسلام من خلال التسامح مبادئ الإخاء الإنساني، وينظّم تعاملات الناس وتفاعلهم بما يتناسب مع تنوّع دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم.
التسامح في الفكر الفلسفي
أكدت الفلسفة الإسلامية على أهمية هذه المفاهيم وارتباطها بالتسامح كقيمةٍ، حيث بيّن الفلاسفة الإسلاميون أن التسامح ضمان التقدّم وأساس بنائه. فالحقيقة لا تُحيط بها شخصية واحدة، بل قد تتعداها، والجميع معرضون للخطأ، والوصول إلى الحقيقة يتطلّب مشاركة الجميع، مهما اختلفوا.
يسعى التسامح إلى تحقيق التّوافق والتّوادّد والتّعاطف والإحسان بين الناس جميعاً، دون حصر هذه القيم لأفرادٍ أو أتباعٍ محددين. وقد تميّز الإسلام بقيمة التسامح، ونظّم هذه القيمة بما يتوافق مع معناها الإنساني الشّامل، بضمان الحقوق أولاً، ثمّ تعميم العدل، والدعوة إلى التّراحم والتّنازل عن الحقوق، والعفو عند القدرة، والعدل بما يملك كلّ فردٍ من قدرةٍ وسلطة.
التسامح عبر التاريخ والحضارات
يرتكز مفهوم التسامح في الغرب على ركيزتين مترابطتين: الحقوق والواجبات. فالإنسان عليه أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يتعامل مع الاختلافات. التسامح هنا قدرة على العيش مع التغيّرات، والتصرف السوي مع الاختلافات والتداخلات.
وعلى الرغم من أنّ هذا الخلق يتطلّب بذلاً، إلا أنّ الأفراد يحافظون عليه امتثالاً لحاجتهم إلى التعامل بالمثل والشعور بالعدل. فالتسامح في مجتمعات الغرب يعني السماح بأمور معينة على الرغم من كراهيتها، كنوع من التعامل مع الاختلافات، مثلما تفعل سلطة الدولة تجاه التدخين والخمور وغيرها من الأمور المسموحة.
قيم التسامح وأهميته
يُعدّ التسامح من أهمّ القيم الإنسانية العالمية. فأهميته فردياً تكمن في تعزيز احترام الفرد لذاته وارتباطه بالآخرين، أمّا مجتمعياً، فهو تشريعٌ ذاتيّ يضمن تحصيل الحقوق وأداء الواجبات، ليخلق مجتمعاً متراحماً متماسكاً. وتُشكّل هذه النظرة تجاه التسامح مسؤولية سياسية وقيمة أخلاقية، يُحتّم على الجميع احترامها والالتزام بها.
وقد نصّت العديد من البيانات والإعلانات الأممية الحديثة على أهمية تعميم التسامح، لما يترتب عليها من حفظ الأرواح والحريات والحقوق، وتجنيب العالم ويلات الحروب والتّشريد، والتركيز على المنجزات، والسعي لتطوير الشعوب بدلاً من صناعة الأزمات. ومن ذلك ما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.
أثر التسامح على الفرد والمجتمع
لا تقتصر أهمية التسامح على العلاقات الفردية البسيطة، بل هو حاجة مجتمعية ملحة وأساس تقوم عليه كافة المجتمعات البشرية. ومن أبرز آثار التسامح: انعكاسه الإيجابي على أنظمة المجتمعات وتقدّمها وتطوّرها، الحدّ من نشر مفاهيم العنف والتعصّب والتطرّف، تحصيل الحقوق وأداء الواجبات، وتعميم ثقافة احترام الاختلافات.