البيع بالأجل: نظرة شرعية

نظرة شاملة على حكم البيع بالأجل. يتضمن هذا المقال حكم البيع مع زيادة في الثمن، والشروط الشرعية للبيع بالأجل.

تعريف البيع بالأجل

يشير البيع بالأجل إلى عملية بيع يتم فيها تسليم السلعة أو المنتج فوراً، بينما يتم تأجيل دفع كامل المبلغ أو جزء منه، على أن يتم سداده على دفعات محددة في فترات زمنية متفق عليها. لقد أصبح هذا النوع من البيوع شائعاً جداً نظراً لانتشار المعاملات المصرفية والبنوك التي تعتمد عليه. والجدير بالذكر أن هذا النوع من البيوع جائز شرعاً ولا يوجد فيه أي حرج.

واستدلالاً على ذلك، ما أورده الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فيما يخصّ بيع النسيئة، وهو ذات بيع التقسيط:
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اشْتَرَى طَعَاماً مِن يَهُودِيٍّ إلى أجَلٍ، ورَهَنَهُ دِرْعاً مِن حَدِيدٍ“.

يدل الحديث الشريف السابق على جواز تأجيل دفع ثمن المبيع. فالبيع بالأقساط لا يختلف في جوهره عن البيع المؤجل، إلا في كون الثمن يتم توزيعه على دفعات محددة المدة. سواء تم تأجيل الثمن ليُدفع دفعة واحدة أو على دفعات، فالحكم الشرعي واحد وهو الجواز. ومما يؤكد جواز البيع بالأقساط أيضاً ما ورد في الصحيح عن أم المؤمنين عائشة: “جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقالَتْ: كَاتَبْتُ أهْلِي علَى تِسْعِ أوَاقٍ، في كُلِّ عَامٍ وقِيَّةٌ…“. هذا الحديث دليل آخر على جواز البيع بالأجل.

الرأي الشرعي في البيع بزيادة في الثمن

اختلف العلماء في حكم البيع بالأجل مع زيادة في الثمن. ذهب فريق قليل منهم إلى تحريمه، معتبرين أن فيه معنى الربا، حيث يرون أن الزيادة في الثمن مقابل الزيادة في المدة تعتبر ربا.

بينما ذهب جمهور العلماء، بمن فيهم الأئمة الأربعة، إلى جواز البيع بالأجل مع زيادة في الثمن، معتبرين أن هذا النوع من البيوع هو بيع حقيقي وليس قرضاً. فلو كان قرضاً، لكانت الزيادة فيه ربا محققاً. البيع هو بيع سلعة بثمن، أما القرض فهو بيع مال بمال. والله سبحانه وتعالى أحل البيع وجعله جائزاً بتحقق التراضي بين الطرفين.

الشروط والضوابط الشرعية للبيع بالأجل

وضع العلماء عدة شروط وضوابط يجب توافرها في عقد البيع بالأجل ليكون صحيحاً شرعاً. وفيما يلي بعض هذه الضوابط:

  • لا يجوز للبائع أن يلزم المشتري بأي زيادة على الثمن المتفق عليه في حال تأخره عن سداد الأقساط في المواعيد المحددة، سواء كان ذلك بشرط مسبق أو غير ذلك. وفي المقابل، لا يجوز للمشتري المماطلة في سداد الأقساط المتفق عليها.
  • لا يحق للبائع الاحتفاظ بملكية السلعة المبيعة، ولكن يجوز له أن يطلب رهناً لضمان حقه.
  • يجوز للبائع أن يشترط تسديد جميع الأقساط المتبقية قبل موعدها المحدد في حال تأخر المشتري في سداد أحد الأقساط، بشرط أن يتم الاتفاق على ذلك بوضوح عند إبرام العقد.

المراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

ضوابط الدموع على الراحل: نظرة في الفقه الإسلامي

المقال التالي

الضوابط الشرعية للمعاملات التجارية داخل المساجد

مقالات مشابهة

معنى ودلالات الآية الكريمة (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)

تحليل وشرح مفصل لآية (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) من خلال تفسير ابن كثير وابن عاشور والقرطبي. استكشاف المعاني العميقة والأبعاد المختلفة لهذه الآية القرآنية الكريمة.
إقرأ المزيد