جدول المحتويات
مقدمة حول الانسجام البيئي
يدرس علم البيئة الأنظمة الإيكولوجية المتنوعة، ويُعرف الانسجام البيئي بأنه حالة من التوازن الديناميكي ضمن مجتمع الكائنات الحية، تهدف إلى صيانة الأنواع والتنوع الوراثي، مع تجنب التغييرات الحادة وغير الطبيعية. كما يُمكن تعريفه على أنه حالة من الاستقرار في أعداد الكائنات الحية المختلفة داخل البيئة.
يتألف النظام البيئي من كائنات حية متنوعة تقوم بوظائف متداخلة تؤثر في جميع الأنواع الأخرى، مما يشكل سلسلة متكاملة. يضطلع كل نوع بدور حيوي لضمان استمرارية هذا الانسجام.
قد يتغير هذا الانسجام بمرور الوقت. فالاتزان الذي يشهده نظام بيئي ما في فترة زمنية محددة لا يضمن استمراره إلى الأبد. يتأثر الانسجام البيئي بعوامل متعددة تسبب اضطرابات، بعضها من صنع الإنسان، كالصيد الجائر وإزالة الغابات، اللذان يؤديان إلى هلاك أعداد كبيرة من الكائنات الحية بشكل مفاجئ.
كما توجد عوامل طبيعية أخرى، مثل الجفاف والزلازل والبراكين، تؤدي جميعها إلى فقدان الاستقرار وتسبب خللاً في التوازن البيئي.
آليات الحفاظ على الانسجام البيئي
تقع مسؤولية صيانة النظام البيئي على عاتق كل فرد في المجتمع. فكل شخص قادر على إحداث تأثير إيجابي على البيئة، مهما كان بسيطاً. هناك عمليات عديدة تسهم في تحقيق التوازن في النظام البيئي، من أهمها:
- استمرار تبادل المواد غير الحيوية بين النظام والجو، مثل تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الهواء والنباتات.
- الحفاظ على التوازن الغذائي داخل السلسلة الغذائية.
- تصحيح الممارسات البشرية الخاطئة، مثل الاعتماد المفرط على الكهرباء والوقود الأحفوري، بالإضافة إلى الصيد الجائر. إن استنزاف الموارد وعدم استدامتها يؤثر على التنوع البيولوجي ويؤدي إلى انقراض بعض الكائنات الحية. يجب الأخذ في الاعتبار أن أي ضرر يلحق بأحد الأنواع يؤدي إلى ضرر في النظام البيئي بأكمله.
- الحد من تلوث المياه، الذي يسبب اضطرابات واسعة في النظام البيئي. على سبيل المثال، يؤدي اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الأنهار إلى النمو السريع للطحالب، مما يستنزف الأكسجين ويمنع وصول أشعة الشمس إلى الكائنات البحرية الأخرى. كما أن الطحالب المتحللة تؤدي إلى نمو كائنات لاهوائية تفرز مواد سامة للحيوانات، مما يؤدي إلى نقص في أعداد الكائنات البحرية واختلال التوازن في الحياة البحرية.
- إعادة التدوير للحد من الإفراط في استخدام موارد الطبيعة.
تأثير البشر على التوازن البيئي
يعتبر الإنسان من الكائنات الحية التي تؤثر بشكل كبير على البيئة، فهو يحتاج إلى نظام بيئي متزن ليعيش حياة صحية. ومع ذلك، يمارس الإنسان العديد من الأنشطة التي تؤدي إلى اضطراب النظام البيئي، مثل قطع الأشجار والصيد الجائر وتحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية وصناعية. بالإضافة إلى ذلك، تلوث التربة والماء والهواء يشكل خطراً كبيراً على البيئة.
في المقابل، يمارس الإنسان بعض الأنشطة التي تساهم بشكل كبير في الحفاظ على الانسجام البيئي، مثل استخدام الوقود الحيوي بدلاً من الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة الملوثات في الهواء، واستغلال الأراضي الصالحة للزراعة وزراعة الأشجار فيها، وحظر استخدام المواد التي تؤدي إلى تلوث البيئة والتي يصعب التخلص منها مثل البلاستيك.
أسباب زعزعة الانسجام البيئي
توجد العديد من الأنشطة البشرية التي تهدد النظم البيئية وتسبب اختلال توازنها، ومنها:
التلوث البيئي
يُعد التلوث من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى اختلال وتدمير النظام البيئي. ينتج التلوث عن طريق النفايات، وانبعاث الغازات الضارة مثل الكربون، وتسربات النفط، واستخدام المبيدات الحشرية. هذه العوامل تؤدي إلى استنزاف الموارد البيئية وهجرة الحيوانات.
التحولات المناخية
تلعب التحولات المناخية دوراً حيوياً في تدهور النظام البيئي. يتسبب الاحتباس الحراري في ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة حموضة المحيطات، مما يؤدي إلى اختلال توازن النظام البيئي.
إزالة الغطاء النباتي
تساهم إزالة الغطاء النباتي في تدمير النظام البيئي من خلال زيادة الكثافة السكانية، التي تتطلب المزيد من الأراضي لتطوير المساكن وتعبيد الطرق وتلبية احتياجات الثروة الزراعية والحيوانية. هذا بدوره يؤدي إلى تدمير مساحات كبيرة من الأراضي والنظام البيئي.
استغلال الموارد الطبيعية
يعتبر الاستغلال المفرط للموارد أحد أسباب الخلل البيئي. تتعرض النظم البيئية الغنية بالموارد الطبيعية، مثل المياه والوقود الأحفوري والأشجار والتربة الغنية بالمغذيات، للتدمير بسبب عمليات الاستخراج المتزايدة، كالتعدين وقطع الأشجار والتنقيب عن النفط.
تناقص أعداد الكائنات الحية
تعتبر الحيوانات في النظام البيئي مصدراً حيوياً للغذاء، ولها دور كبير في توازن النظام. تتناقص أعدادها نتيجة تعرضها للصيد الجائر من قبل الإنسان، الذي يستفيد من جلودها وريشها وقرونها ولحومها، مما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي.
أهمية تحقيق الانسجام البيئي
تكمن أهمية الانسجام البيئي في استمرارية وجود الكائنات الحية والحفاظ على استقرارها، إذ يحافظ النظام البيئي على توازن علم الوراثة وتنوعه من خلال تفاعل الكائنات الحية.
وأي خلل يحدث في التوازن من خلال تدمير نوع معين من الكائنات الحية، أو إدخال نوع جديد، من الممكن أن يؤثر على الكثافة السكانية بأكملها مع مرور الوقت. لذلك، من خصائص التوازن خاصية المرونة التي تحافظ على إعادة الكثافة السكانية إلى حالة توازنها إذا تعرضت لاضطراب معين.
يمتلك النظام البيئي خاصية المقاومة، وهي خاصية تمنع تعرض النظام البيئي بما يحتويه من حيوانات ونباتات لضغوطات وتهديدات، مثل التلوث أو الجفاف. وهناك العديد من الكائنات الحية التي تساهم في الحفاظ على التوازن.
قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: 41].