الاستنثار ضمن الوضوء: نظرة فقهية

تعرف على آراء الفقهاء حول حكم الاستنثار في الوضوء. نستعرض الرأيين الرئيسيين وأدلة كل منهما، بالإضافة إلى ذكر بعض السنن المتعلقة بالوضوء.

مقدمة

يُعد الوضوء شرطًا أساسيًا لصحة الصلاة، وهو عبادة تتضمن غسل ومسح أعضاء معينة بنية التطهر. يتساءل الكثيرون عن تفاصيل هذه العبادة، ومن بين هذه التفاصيل: حكم الاستنثار (إدخال الماء إلى الأنف ثم إخراجه) ضمن الوضوء. هذا المقال يهدف إلى توضيح هذه المسألة، مع استعراض آراء الفقهاء المختلفة وأدلتهم، بالإضافة إلى ذكر بعض السنن المتعلقة بالوضوء.

حكم الاستنثار في الطهارة

اختلف العلماء في تحديد الحكم الشرعي للاستنثار أثناء الوضوء، وسنعرض فيما يلي أبرز هذه الآراء مع الأدلة التي استند إليها كل رأي:

الرأي الأول: السنية

يرى جمهور العلماء أن الاستنثار في الوضوء سنة مؤكدة، أي أنه عمل مستحب ومأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن تركه لا يبطل الوضوء ولا يؤثر على صحة الصلاة. ويستحب للمسلم أن يحافظ عليه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وقد استدل أصحاب هذا الرأي بما يلي:

  1. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر المسيء في صلاته أن يتوضأ كما أمره الله، ولم يذكر الاستنثار ضمن الأوامر، وذلك في قوله: (إِذَا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فتوضَّأْ كما أمَرَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ). وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
  2. أنه لم يُنقل عن الصحابة أو التابعين أنهم أوجبوا إعادة الوضوء على من تركه، وهذا يدل على أنه ليس فرضًا.

الرأي الآخر: الوجوب

ذهب فقهاء الحنابلة إلى أن الاستنثار واجب في الوضوء، ولا يصح الوضوء بدونه. وقد استدلوا على ذلك بما يلي:

  1. أن الله تعالى أمر بغسل الوجه في الوضوء، والأنف جزء من الوجه.
  2. قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا تَوَضَّأَ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ في أنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ).
  3. مداومة النبي -صلى الله عليه وسلم- على الاستنثار في الوضوء، مما يدل على وجوبه.

آداب الوضوء

بالإضافة إلى أركان الوضوء الأساسية، هناك العديد من الآداب والسنن التي يستحب للمسلم مراعاتها أثناء الوضوء، ومنها:

  • استخدام السواك: فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لولا أن أشُقَّ على أمَّتي لأمرتُهُم عندَ كلِّ صلاةٍ بوُضوءٍ أو معَ كلِّ وُضوءٍ سواكٌ).
  • إسباغ الوضوء: ويعني إيصال الماء إلى جميع أجزاء العضو المغسول. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقيط بن صبرة -رضي الله عنه-: (أسبِغِ الوضوءَ).
  • التثليث في غسل الأعضاء: أي غسل كل عضو ثلاث مرات، باستثناء الرأس.
  • تخليل اللحية الكثة: أي إدخال الماء بين شعيرات اللحية الكثيفة.
  • تخليل أصابع اليدين والقدمين: فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا توضَّأتَ فخلِّل بينَ أصابعِ يديكَ ورجليكَ).
  • المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة: أي أخذ الماء باليد الواحدة للمضمضة والاستنشاق.

المراجع

  • “تعريف و معنى الاستنشاق في معجم المعاني الجامع “.
  • “ماهية الاستنشاق والاستنثار”،اسلام ويب، 14-3-2004
  • “حكم المضمضة والاستنشاق”،طريق الاسلام، 15-5-2014
  • “حكم التسمية والمضمضة والاستنشاق، وهل تجب الإعادة على من تركها؟”،إسلام ويب، 23-5-2011
  • رواه شعيب الأرناوؤط، في تخريج مشكل الآثار، عن رفاعة بن رافع، الصفحة أو الرقم:6074 ، صحيح.
  • سورة المائدة، آية:6
  • رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:162 ، صحيح.
  • عبد الله الطيار، عبد اله المطلق، محمد الموسى،الفقه الميسر، صفحة 82-83.
  • رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:255، صحيح.
  • رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن لقيط بن صبرة، الصفحة أو الرقم:367 ، صحيح.
  • رواه الالباني، في صحيح الترمذي ، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:39، حسن صحيح.
Total
0
Shares
المقال السابق

الاستمناء أثناء صيام رمضان: نظرة فقهية

المقال التالي

أحكام الاستنشاق في ضوء الشريعة الإسلامية

مقالات مشابهة