مقدمة حول الاستغلال المفرط
يُعرف الاستغلال المفرط للحياة البرية بأنه الاستيلاء غير القانوني على الحيوانات، والأسماك، والنباتات في مناطق محظورة أو من الملكيات الخاصة، في خرق للقوانين المحلية أو الدولية. يمثل هذا الاستغلال تهديدًا خطيرًا للتنوع البيولوجي ووجود العديد من الكائنات الحية حول العالم. يشمل ذلك صيد الحيوانات خارج مواسم الصيد المحددة، واستخدام أسلحة ممنوعة، وصيد الأنواع المحمية، وتجاوز الحصص المسموح بها للصيد.
تشير تقديرات الخبراء في شبكة مراقبة تجارة الحياة البرية (TRAFFIC) إلى أن قيمة الأرباح الناتجة عن التجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية تصل إلى مليارات الدولارات، مما يقوض جهود الحفاظ على الحياة البرية المبذولة على مدى سنوات. يجب التمييز بين هذه التجارة غير المشروعة والتجارة القانونية التي تشمل صيد الحيوانات وحصاد النباتات بشكل قانوني لبيعها كغذاء، أو حيوانات أليفة، أو جلود، أو أدوية. تكمن المشكلة الأساسية في الزيادة الكبيرة في حالات الاستغلال غير القانوني وغير المستدام، والذي يهدد بقاء العديد من الأنواع في بيئاتها الطبيعية.
لمحة تاريخية عن الاستغلال
في العصور القديمة، كان الاستغلال يقتصر في الغالب على صيد الفلاحين للحيوانات البرية والأسماك لتأمين الغذاء. ومع ذلك، بدأ ملاك الأراضي في العصور الوسطى بمنع الآخرين من الصيد في أراضيهم، مما جعل الاستغلال جريمة يعاقب عليها بالسجن. في المقابل، كانت العديد من الغابات مخصصة للحكام لممارسة رياضة صيد الغزلان والخنازير البرية، مما أدى إلى تدهور الغابات على مر القرون.
نتيجة لذلك، صدرت قوانين في القرنين السابع عشر والثامن عشر تحد من حقوق الصيد وإطلاق النار على الممتلكات الخاصة بمالك الأرض وأبنائه. كما قام ملاك الأراضي بتوظيف حراس لحماية الحياة البرية في أراضيهم، مما أدى إلى انخفاض معدلات الاستغلال التي كانت تهدف إلى الحصول على الطعام. في العصر الحديث، تحول الهدف من الصيد غير المشروع إلى أغراض رياضية أو لتحقيق الربح التجاري.
أشكال الاستغلال غير المشروع
يمكن تصنيف الاستغلال غير المشروع إلى عدة أنواع، بما في ذلك:
-
الاستغلال البري: وهو الصيد المفرط للحيوانات البرية لأغراض متعددة، منها:
- تجارة الحيوانات الأليفة: يتم صيد بعض الحيوانات البرية وجمعها لبيعها كحيوانات أليفة، مما يعرض الكثير منها للخطر.
- استخدام أجزاء من أجسام الحيوانات في الطب الشعبي: تعتقد بعض المجتمعات خطأً أن استخدام أجزاء من أجسام بعض الحيوانات البرية، مثل آكل النمل الحرشفي، يمكن أن يعالج بعض الأمراض. كما يتم صيد وحيد القرن لاستخدام قرنه في تصنيع الأدوية، والدب للحصول على مرارته لتحضير العلاجات العشبية الصينية، والنمر للحصول على عيونه وعظامه وأعضائه الداخلية لاستخدامها في الطب التقليدي.
- اصطياد حيوانات برية نادرة لأغراض دينية.
- الحصول على مصدر للطعام: يُعدّ لحم القرود، والأفاعي، وبعض حيوانات الأدغال الأخرى من الأطعمة المرغوبة في عدد من الدول الإفريقية.
- صناعة الحليّ والديكورات: يتم صيد الفيلة الإفريقية، على سبيل المثال، للحصول على العاج لصنع الحلي.
-
الاستغلال البحري: وهو صيد الحيوانات والكائنات البحرية بشكل مفرط، مثل:
- صيد السلاحف البحرية بشكل عرضي أو متعمد، وذلك بهدف التجارة، بالرغم من أنها من الأنواع المهددة بالانقراض والمحظور صيدها.
- صيد أسماك القرش للحصول على الزعانف.
- صيد الحيتان المتعمد في بعض البلدان، إلى جانب صيد الحيتان، والدلافين، وخنازير البحر بشكل عرضي، إذ تعلق هذه الحيوانات في شباك صيد الأسماك أحياناً.
- تدمير الشعاب المرجانية نتيجة الصيد غير القانوني باستخدام الديناميت، وفقدان جزء منها بسبب الاستغلال المفرط للأسماك المرجانية.
- الصيد غير القانوني لسمك التونة أزرق الزعنفة، وهي أسماك لا تصل لمرحلة النضج الجنسي إلا عند بلوغها عمر 8-12 عاماً، ولا تتكاثر إلا مرة واحدة في العام، مما يجعلها مهددة بشكل كبير بسبب الاستغلال المفرط.
التداعيات السلبية للاستغلال
للاستغلال المفرط آثار مدمرة على البيئة، منها:
- تناقص أعداد بعض أنواع الحيوانات، وتعرضها لخطر الانقراض، ومن الأمثلة على ذلك الفيل الإفريقي، ووحيد القرن.
- تعرض أعداد كبيرة من حراس المحميات البرية للخطر أثناء أدائهم مهامهم.
- تفشي الأمراض الحيوانية بين البشر، مثل مرض السارس.
- اختلال توازن النظام البيئي، إذ يؤدي الاستغلال المفرط إلى انخفاض أعداد الحيوانات المفترسة التي تساعد على إبقاء أعداد الفرائس ضمن الحد الطبيعي، مما يعني زيادة أعداد الفرائس بشكل كبير، وبالتالي زيادة استهلاك النباتات (المنتجات)، أي امتداد التأثير السلبي على كامل السلسلة الغذائية، وتأخر نمو النظام البيئي.
- تراجع السياحة البيئية بسبب الاستغلال المفرط، علماً بأن اقتصاد العديد من الدول النامية يعتمد عليها، إذ يؤدي نقص أعداد الحيوانات إلى تراجع الإقبال على هذا النوع من السياحة.
سبل تقليل الاستغلال
نظراً لخطورة الاستغلال المفرط والتجارة غير الشرعية بالحياة البرية، فقد قررت عدة منظمات دولية التعاون فيما بينها للحد من هذه الظاهرة وإيجاد حلول لها، ومن هذه المنظمات الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، وشبكة مراقبة تجارة الحياة البرية، وذلك إلى جانب جهود الحكومات والمجتمعات المحلية. وفيما يأتي بعض من هذه الحلول:
- تقديم الدعم والمساعدة للمجتمعات المحتاجة لتلبية متطلباتهم، وتعزيز طرق صيد بديلة أكثر استدامة للاستفادة من الحياة البرية المحلية.
- تشجيع المستهلكين والموردين على شراء وإنتاج منتجات الحياة البرية المستدامة فقط، والمعتمدة من قبل مجلس الإشراف البحري (MSC)، ومجلس رعاية الغابات (FSC).
- دفع الحكومات لفرض قوانين صارمة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، والحد من الطلب على منتجات هذه الأنواع.
- تجهيز وتدريب حراس الحياة البرية؛ ليتمكنوا من مواجهة المخاطر.
المراجع
- “Poaching”,www.britannica.com
- “What Is Poaching?”،www.thoughtco.com
- “Illegal Wildlife Trade”,www.worldwildlife.org
- “11 FACTS ABOUT POACHING ANIMALS”,www.dosomething.org
- “CAUSES AND EFFECTS OF POACHING”,www.personal.psu.edu
- “Poaching animals, explained”,www.nationalgeographic.com
- “10 of the Most Endangered Species in the Ocean”،EARTH.ORG