مقدمة
الألوان جزء لا يتجزأ من حياتنا، فهي ليست مجرد وسيلة للتعبير الفني أو الزخرفة، بل تمتد لتشمل تأثيرات عميقة على صحتنا وعواطفنا. هل تساءلت يوماً عن سبب انجذابك إلى لون معين دون غيره؟ أو كيف يمكن للألوان أن تؤثر على مزاجك وطاقتك؟ هذا المقال يستكشف عالم الاستشفاء بالألوان، ويسعى إلى فهم كيفية استخدام الألوان لتحسين الصحة والرفاهية.
ما هي الألوان؟
اللون هو إحساس ينتج عن تحليل العين للدماغ للضوء المنعكس أو المنبعث من الأجسام. ببساطة، هو الطريقة التي نرى بها الضوء. يعتبر امتصاص الأجسام للأشعة الساقطة عليها من أهم العوامل المحددة للون.
لتوضيح ذلك، نتذكر تجربة المنشور الزجاجي. عندما يمر الضوء الأبيض عبر المنشور، فإنه يتحلل إلى ألوان الطيف المرئي: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، والبنفسجي. هذه الألوان نراها لأن كل جسم يمتص جزءاً من الضوء ويعكس الجزء الآخر.
تنقسم الألوان بشكل عام إلى قسمين رئيسيين:
- الألوان الأساسية: الأحمر، الأصفر، والأزرق. هذه الألوان لا يمكن الحصول عليها عن طريق مزج ألوان أخرى.
- الألوان الثانوية: تنتج عن مزج الألوان الأساسية. على سبيل المثال:
- أحمر + أصفر = برتقالي
- أحمر + أزرق = بنفسجي
- أزرق + أصفر = أخضر
ماهية الاستشفاء بالألوان
تقوم فكرة الاستشفاء بالألوان على أن لكل لون تردد اهتزازي خاص به. يعتقد المؤمنون بهذا العلاج أن خلايا الجسم السليمة تمتلك أيضاً ترددات معينة، وعندما يمرض الإنسان، يختل هذا التردد. وبالتالي، يمكن استخدام الألوان لاستعادة التوازن والشفاء.
تعتبر الأجزاء المختلفة من الجسم، وكذلك الحالات المرضية والعاطفية المختلفة، تستجيب بشكل أفضل لألوان مختلفة. عندما يكون الجسم في حالة عدم توازن، فإنه يسعى بشكل طبيعي إلى الألوان التي يحتاجها.
تشمل الألوان الرئيسية المستخدمة في العلاج بالألوان ألوان الطيف المرئي: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، والبنفسجي. يعتقد أن الأربعة الأولى هي ألوان منشطة، بينما الأربعة الأخيرة هي ألوان مهدئة. على سبيل المثال، يُعتقد أن اللون البنفسجي يساعد في تخفيف الاضطرابات الهرمونية، والبرتقالي ينشط الجهاز الهضمي، والأخضر مفيد للقلب والرئتين، والأزرق جيد للمشكلات التنفسية.
يستخدم المعالجون بالألوان مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك:
- تغطية المرضى بأوشحة ملونة.
- تسليط أضواء ملونة على أجزاء مختلفة من الجسم.
- عرض ألوان معينة على المرضى.
- تدليك المرضى بزيوت ملونة.
- تعديل ألوان الملابس.
أبحاث ودراسات حول الاستشفاء بالألوان
على الرغم من أن الأدلة العلمية التي تدعم الاستشفاء بالألوان لا تزال محدودة، إلا أن بعض الدراسات أظهرت نتائج واعدة.
على سبيل المثال، في دراسة أجريت عام 1982 في كلية التمريض بسان دييجو، تم تعريض 60 امرأة يعانين من التهاب المفاصل الروماتويدي للون الأزرق لمدة 15 دقيقة. أظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في شدة الألم.
وفي دراسة أخرى أجريت عام 1990، تم تسليط أضواء حمراء اللون على عيون مجموعة من المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي في بداية النوبة. أظهرت النتائج أن 93% منهم تعافوا جزئياً. يعتقد الباحثون أن اللون الأحمر يزيد ضغط الدم الشرياني ويوسع الأوعية الدموية.
يشير الخبراء إلى تزايد استخدام الصناديق الضوئية الملونة (لوماترون) لعلاج الأطفال المصابين بمشكلات مثل التوحد وعسر القراءة. تعتمد هذه التقنية على تنشيط الخلايا المستقبلة للضوء في العين باستخدام حزم ضيقة من الضوء الملون.
ويرى المعالجون أن هذه التقنية، حتى لو لم تعالج الحالات المرضية بشكل كامل، يمكن أن تساعد في تحسين الصحة النفسية للمريض بشكل عام، مثل تخفيف حالات التوحد النفسي والعدوانية عند الأطفال، وتوفير الدعم والراحة النفسية لمرضى السرطان.
علم نفس الألوان والشخصية
يرى بعض الباحثين أن الألوان المحيطة بالإنسان تؤثر بشكل مباشر على حالته النفسية، ويمكن أن تساعد في علاج بعض الأمراض النفسية. وقد تمكن علماء النفس من تحديد العلاقة بين اللون المفضل للشخص وبين صفاته وميوله ومزاجه وحالته الصحية.
على سبيل المثال:
- الأحمر: يعبر عن الطاقة والحيوية. الأشخاص الذين يفضلون هذا اللون يتمتعون بالنشاط والحيوية والديناميكية والشجاعة والحساسية الشديدة.
- الأزرق: لون بارد. الأشخاص الذين يحبونه شخصيات جادة وحساسة، وهو رمز للمعاني المطلقة.
- الأصفر: أصحاب هذا اللون سعداء ومتفائلون.
- البرتقالي: من الألوان المبتهجة وأصحاب هذا اللون شخصيات اجتماعية.
- البني: يعبر عن الشخصية الصلبة المتماسكة والإرادة الحديدية.
- الأخضر: لون الشخصيات المتسامحة المتفاهمة وهو لون الفنانين والمبدعين والنفوس المرهفة.
- الأسود: الشخصيات التي تفضله غامضة ومنطوية على نفسها.
- الأبيض: لون العقلانية وتميل شخصياته إلى التعقل والاتزان الفكري.
فيديو حول العلاج بالفن
لمزيد من المعلومات حول دور الفن، بما في ذلك الرسم، في العلاج النفسي، يمكنك مشاهدة الفيديو التالي: