فهرس المحتويات
الزبيريون ودورهم في الشعر
بعد وفاة معاوية الثاني بن يزيد، مالت غالبية الناس نحو حكم عبد الله بن الزبير، وتبع ذلك انقسام بين الشعراء وفقًا لميولهم وانتماءاتهم. فمنهم من أيد دولة ابن الزبير وأصبح من دعاتها، بينما قام آخرون بانتقاده والدعوة لغيره. يعتبر ابن قيس الرقيات من أبرز المؤيدين لابن الزبير، حيث أنشد مادحًا مصعب بن الزبير بعد انتصاره في الكوفة على المختار الثقفي:
إنما مصعبٌ شهاب من الله تجلت عن وجهه الظلماء
مُلكُه ملك قوة ليس فيه جبروت ولا به كبرياء
كما أثنى النابغة الجعدي على عبد الله بن الزبير، واصفًا إياه بالعدل والمساواة بين الناس في حكمه، وذلك بعد فترة جفاف ألمت بهم، حيث قصد الناس عبد الله بن الزبير طالبين المساعدة، وفي هذا قال النابغة الجعدي:
حكيت لنا الصََديق لما وَليتَنا وعثمان والفاروق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في العدل فاستووا فعاد صباحاً حالكُ الليل مُظلم
أتا أبو ليلى يجوب به الدجى دجى الليل جواب الفلاة عثمثمل
تجبر منه جانباً زعزعت به صروف الليالي والزمان المصمم
كما قام ابن قيس الرقيات بدعم دولة الزبيريين في قصائده، مؤكدًا أن الخلافة لا تصلح إلا لآل الزبير وفي الحجاز، قائلًا:
ذكرت قومها قريش فقالتراب دهري وأي دهرٍٍ يدوم
لا يريك الذي ترين فإن الله طِبٌ بما ترين عليمٌ
إن يكن للإله في هذه الأمةدعوى يُعِد عليك النعيم
وتحلى محل آبائك الأخيار بالحُجرِ حيث يُلفى الحَطيم
بلدٌ تأمن الحمامة فيهحيث عاذ الخليفةُ المظلوم
تأثير المذهب الشيعي على الشعر
تميز الشعراء المؤيدون للتشيع بإضفاء طابع ديني على قصائدهم، وبرز كثير عزة كأحد أبرز المناصرين للدعوة الكيسانية الشيعية، حيث قال:
هو المهدي خَبََرناهُ كعب أخو الأحبار في الحُقبِ الأولى
وقد ذم كثير عزة عبد الله بن الزبير، بعد أن قام ابن الزبير بسجن محمد ابن الحنفية في سجن عارم في مكة، قائلًا:
تُخبر من لاقيت أنك عائذٌ بل العائذ المظلوم في سجنِ عارمٍ
وصي النبي المصطفى وابن عمه وفكاك أغلال ونفًًاع غارمٍ
أبىَ فهو لا يشري هدى بضلالةٍ ولا يتقي في الله لومة لائمٍ
صوت الخوارج في القصائد
اتسم شعر الخوارج بالإشارة المتكررة إلى الاستشهاد وطلبه في كل وقت، والسعي نحو الصبر في الحروب والقتال. لم يطلب الخوارج في شعرهم شيئًا بقدر ما طلبوا الموت والشهادة. كان قطري بن الفجاءة، أحد أبرز شعرائهم وقادتهم، حيث أنشد قصيدة في الصبر على القتال قال فيها:
أقول لها وقد طارت شعاعاً من الأبطال ويحك لن تراعِ
فإنك لو سألت بقاء يوم على الأجل الذي لك لم تطاعِ
صبراً في مجال الموت صبراً فما نيل الخلود بمستطاعِ
وما للمرء خير في حياة إذا ما عُد من سقط المتاعِ
الشعر و سقوط الخلافة الأموية
تزايدت أشعار الولاة والأمويين في الفترة الأخيرة من العصر الأموي، وحاول الشعراء جاهدين تقويم سياسة الأمويين دون جدوى. ومن ذلك قول العباس بن الوليد لأخيه يزيد:
إني أعيذكم بالله من فتن مثل الجبال تسامى ثم تندفع
إن البرية قد ملت سياستكم فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
كما خاطب والي خراسان نصر بن سيار خلفاء بني أمية، محذرًا إياهم من دعاة الدولة العباسية، وضرورة أخذ الحيطة واتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث قال:
أرى بين الرماد وميض جمرفأحج بأن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكىوإن الحرب مبدؤها كلام
فقلت من التعجب ليت شعريأأيقاظٌ أميةَ أم نيام
المراجع
- شوقي ضيف،العصر الاسلامي، صفحة 295.
- صلاح الدين الهادي،اتجاهات الشعر في العصر الاموي، صفحة 216.
- حكيت لنا الصديق لما وليتنا،ديوان.
- صلاح الدين الهادي،اتجاهات الشعر في العصر الاموي، صفحة 217.
- شوقي ضيف،العصر الاسلامي، صفحة 320.
- شوقي ضيف،العصر الاسلامي، صفحة 320.
- احسان عباس،شعر الخوارج، صفحة 105.
- أقول لها وقد طارت شعاعا،ديوان.
- الحافظ ابن كثير،البداية والنهاية، صفحة 9.
- محمد بن جرير الطبري،تاريخ الرسل والملوك، صفحة 369.