الإمبراطورية العثمانية: نظرة على التاريخ والحضارة

استكشاف شامل لتاريخ وحضارة الإمبراطورية العثمانية، من نشأتها وتوسعها إلى إسهاماتها في العمارة والصناعات. نظرة على فنون العمارة العثمانية المتميزة، وأهم الصناعات التي ازدهرت في تلك الحقبة.

الأصول العثمانية

تعود جذور العثمانيين إلى قبائل تركية نزحت من آسيا الوسطى، تحديداً هرباً من الغزو المغولي، واستقرت في منطقة الأناضول. يُنسب العثمانيون إلى قبيلة “قايي”، وكان زعيمها سليمان شاه الجد الأكبر لهم. بعد وفاة سليمان شاه، انقسمت القبيلة، وعاد جزء منها إلى موطنهم الأصلي، بينما استقر الجزء الآخر في الأناضول تحت قيادة أرطغرل بن سليمان شاه. تمكن أرطغرل من توسيع نفوذه وأصبح حارسًا للحدود، وهو لقب منحه إياه السلطان علاء الدين. بعد وفاة أرطغرل، تولى ابنه عثمان قيادة المنطقة وحصل على امتيازات عديدة، حتى أنه بعد وفاة السلطان علاء الدين، اختاره الأمراء ورؤساء القبائل خليفة له.

تطور تاريخ وحضارة الدولة

بدأت الإمبراطورية العثمانية في آسيا الصغرى، ثم توسعت تدريجيًا لتشمل أجزاء كبيرة من أوروبا. يعود نسب الدولة العثمانية إلى عثمان بن أرطغرل، مؤسس الدولة. كانت مدينة يني شهر (“المدينة الجديدة”) العاصمة الأولى للدولة، بينما بقي العلم التركي الحالي هو علم الدولة العثمانية. منذ بداية حكمه، بدأ عثمان بن أرطغرل في نشر الإسلام في آسيا الصغرى، وفي عام 717 هـ فتح مدينة بورصة. بعد وفاته، تولى ابنه أورخان الأول الحكم.

ضمت الدولة العثمانية البلاد العربية بعد القضاء على دولة المماليك. يمكن إرجاع توجه العثمانيين نحو البلاد العربية إلى عدة أسباب:

  • في بداية القرن السادس عشر، ظهرت الدولة الصفوية في بلاد فارس. اعتبر المؤرخون أن توجه العثمانيين للسيطرة على الوطن العربي كان جزءًا من الصراع بين الدولتين العثمانية والصفوية.
  • النزاعات الحدودية، وخاصة بين العثمانيين والمماليك على إمارة ذي قدر، حيث تحالف المماليك مع الصفويين ضد الدولة العثمانية.
  • الغزو الأوروبي للوطن العربي بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مما شجع الدولة العثمانية على التوجه نحو البلاد العربية.

الفن المعماري العثماني

انتشرت العمارة العثمانية في جميع أنحاء المناطق التي حكمتها الإمبراطورية، وازدهرت بشكل خاص في مجال العمارة الدينية، مثل المساجد التي أبدع المعماريون في تصميمها وإنشائها. من بين هذه المساجد:

  • جامع أولو، الذي بني في عهد السلطان مراد الأول في عام 803 هـ.
  • جامع السليمانية في إسطنبول، الذي بني في عام 957 هـ في عهد السلطان سليمان القانوني.
  • جامع السليمية، الذي بني في عهد السلطان سليم الثاني في أدرنة، بين عامي 977-983 هـ.
  • جامع السلطان أحمد، الذي بني بإشراف المعماري محمد آغا في عهد السلطان أحمد الأول.

تميزت المساجد العثمانية بالقباب الخارجية المتعددة ذات الأحجام المختلفة، بالإضافة إلى وجود قبة مركزية أعلى المبنى. أما المآذن، فكانت تتميز بشكلها القلمي الدقيق وارتفاعها الشاهق، وقد انتشر هذا الطراز من المآذن في بعض البلدان، مثل مسجد محمد علي في مصر. من أهم الخصائص المعمارية للحضارة العثمانية:

  • الاتساع، والفخامة، والتنوع الزخرفي للمباني العثمانية من الداخل.
  • استخدام الكتل المعمارية الرفيعة والمقببة.
  • بساطة الزخارف في الواجهات المعمارية من الخارج.

الصناعات والمهن في العهد العثماني

تميزت الحضارة العثمانية بصناعاتها المتنوعة في مجالات مختلفة، من أهمها:

  • صناعة الخزف والفخار: ازدهرت هذه الصناعة في الدولة العثمانية، خاصة بعد استخدامها في تزيين الجدران وصناعة القناديل المعلقة. لم يقتصر استخدام الخزف على المباني، بل استخدم أيضًا في صناعة الأواني والأطباق والمزهريات والبلاطات الخزفية. تم تزيين الخزف العثماني بزخارف نباتية مميزة ذات قيمة جمالية عالية، ومن أشهر المدن في هذه الصناعة مدينة أزنيك في تركيا.
  • صناعة السجاد والنسيج: تعتبر مدينة بورصة مركز صناعة النسيج في العهد العثماني، واشتهرت بصناعة الديباج (الحرير المقصب)، وهو حرير يُنسج بخيوط مذهبة، بالإضافة إلى نوع آخر من النسيج (المخمل) الذي يستخدم في صناعة المفروشات. كما كانت هناك أنواع أخرى من المنسوجات تستخدم في صناعة الملابس. تم تزيين الأنسجة والسجاد العثماني بزخارف نباتية مشابهة للزخارف التي زينت بها الأواني الخزفية.

معلومات موجزة

تم إنشاء سكة حديد الحجاز في عهد السلطان عبد الحميد الثاني في عام 1900م، وكان السبب الرئيسي لإنشائها دينيًا بالإضافة إلى الأسباب الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية. امتدت سكة حديد الحجاز من دمشق إلى مكة المكرمة. على طول الطريق المؤدي إلى مكة للحج من الشام، بنى العثمانيون العديد من القلاع بلغ عددها عشرة، وكانت هذه القلاع مراكز مهمة لتوفير الخدمات لقوافل الحجاج وحمايتهم، ولعبت دورًا كبيرًا في تشجيع الزراعة حيث كانت تعتبر مراكز لتبادل البضائع بين سكان الحضر والبدو.

كان العثمانيون متفوقين في الإدارة، وهو ما ظهر في دفاترهم التي سجلوا فيها الضرائب، حيث وصفت بدقة الأوضاع الاقتصادية والسكانية للدولة العثمانية. كما وثقت هذه الدفاتر الكثير من المعلومات الجغرافية حول المدن والبلدان التابعة للدولة العثمانية.

المراجع

  1. عبد الحليم عويس (1-11-2014)،”أصول الدولة العثمانية ونشأتها”،www.alukah.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 6-3-2018.
  2. أبمحمد السلطاني (27-1-2013)،”نشأة الدولة العثمانية”،www.uobabylon.edu.iq، تم الاطلاع عليه بتاريخ 6-3-2018.
  3. “الدولة العثمانية .. التأسيس والبدايات”،islamstory.com، 16-5-2012، تم الاطلاع عليه بتاريخ 6-3-2018.
  4. “تداول السلطة في الوطن العربي منذ ظهور الإسلام إلى الدولة العثمانية”،www.aljazeera.net، تم الاطلاع عليه بتاريخ 6-3-2018.
  5. أنصار رفاعي،الأصول الجمالية و الفلسفية للفن الإسلامي، الولايات المتحدة الامريكية: المعهد العالمي للفكر الاسلامي، صفحة 120-121.
  6. أنصار رفاعي،الأصول الجمالية و الفلسفية للفن الإسلامي، الولايات المتحدة الامريكية: المعهد العالمي للفكر الاسلامي، صفحة 121-124.
Total
0
Shares
المقال السابق

الخلافة العباسية والسلاجقة: نظرة تاريخية

المقال التالي

الدولة الفاطمية: تاريخها وخلفاؤها

مقالات مشابهة

نقطة تجمد الزئبق واستخداماته ومخاطره

الزئبق: خواصه، استخداماته، ومحاذير استخدامه. تعرف على الخصائص الفيزيائية والكيميائية للزئبق واستخداماته المتعددة في الصناعة والطب، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بالتعرض له.
إقرأ المزيد