الإشعاع الكهرومغناطيسي: طبيعته وخصائصه

نظرة شاملة حول ماهية الإشعاع الكهرومغناطيسي، خصائصه، وكيفية تعامل العلماء معه على مر العصور.

مقدمة

لطالما شكل الإشعاع الكهرومغناطيسي لغزاً حيّر العلماء والفلاسفة على مر العصور. تارةً يُنظر إليه كموجة تنتشر في الفضاء، وتارةً أخرى كجسيمات صغيرة تحمل الطاقة. هذا المقال يسعى إلى استكشاف طبيعة هذا الإشعاع، وخصائصه الفريدة، وكيف تطور فهمنا له عبر التاريخ.

ما هو الإشعاع الكهرومغناطيسي؟

يُعرف الإشعاع الكهرومغناطيسي بأنه شكل من أشكال الطاقة ينتشر في الفضاء على هيئة موجات. هذه الموجات تتكون من مجالين متعامدين: مجال كهربائي ومجال مغناطيسي، كلاهما يتذبذب بشكل دوري. يشمل هذا الإشعاع طيفاً واسعاً من الترددات والأطوال الموجية، بدءاً من موجات الراديو ذات التردد المنخفض والطول الموجي الطويل، وصولاً إلى أشعة جاما ذات التردد العالي والطول الموجي القصير. الضوء المرئي، الذي تدركه أعيننا، هو جزء صغير فقط من هذا الطيف الواسع.

تنتشر الموجات الكهرومغناطيسية في الفراغ بسرعة ثابتة، وهي سرعة الضوء، وتقدر بحوالي 300,000 كيلومتر في الثانية. هذه السرعة هي إحدى الثوابت الأساسية في الفيزياء، وتلعب دوراً حاسماً في العديد من الظواهر الطبيعية.

سمات الإشعاع الكهرومغناطيسي

عند دراسة الإشعاع الكهرومغناطيسي كموجة، يمكن تحديد عدة سمات أساسية تميزه:

  • الطول الموجي: هو المسافة بين قمتين متتاليتين أو قاعين متتاليين في الموجة. يُقاس الطول الموجي بوحدات الطول، مثل المتر أو النانومتر.
  • الزمن الدوري: هو الزمن الذي تستغرقه موجة كاملة لعبور نقطة معينة. يُقاس الزمن الدوري بالثواني.
  • التردد: هو عدد الموجات التي تعبر نقطة معينة في وحدة الزمن. يُقاس التردد بالهيرتز (Hz)، وهو ما يعادل دورة واحدة في الثانية.

هناك علاقة وثيقة تربط بين سرعة الموجة (ع)، وترددها (تد)، وطولها الموجي (λ):

ع = تد × λ

من هذه العلاقة، نلاحظ أن التردد يتناسب عكسياً مع الطول الموجي؛ أي كلما زاد الطول الموجي، قل التردد، والعكس صحيح.

  • سعة الموجة: تعبر عن قوة الموجة وتتناسب طردياً مع طاقتها.

تطور الفهم العلمي للإشعاع الكهرومغناطيسي

تطور فهمنا للإشعاع الكهرومغناطيسي على مر العصور، وشهد تحولات جذرية في المفاهيم والنظريات. في البداية، اعتقد العلماء أن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة جداً تنطلق من الأجسام التي نراها.

لاحقاً، في القرن السابع عشر، اقترح العالم الهولندي كريستيان هويغنز أن الضوء عبارة عن نوع من الأمواج، وتمكنت نظريته الموجية من تفسير ظاهرتي الانعكاس والانكسار. وفي عام 1801م، أثبت العالم توماس يونغ تجريبياً أن الضوء موجة، عن طريق تجربة التداخل.

ثم جاء العالم ماكسويل في عام 1873م، وقدم نظريته الكهرومغناطيسية التي دعمت النظرية الموجية للضوء، وتمكن عن طريقها من حساب سرعة الضوء.

ومع ذلك، لم تستطع النظرية الموجية للضوء تفسير جميع الظواهر الضوئية، مثل الظاهرة الكهروضوئية. في عام 1905م، تمكن العالم ألبرت أينشتاين من تفسير هذه الظاهرة باستخدام مفهوم تكميم الطاقة، وافترض أن الضوء يتكون من كميات منفصلة من الطاقة تسمى الفوتونات.

وهذا يقودنا إلى السؤال: هل الإشعاع الكهرومغناطيسي موجة أم جسيم؟ الإجابة، كما بينت ميكانيكا الكم، هي أنه يمتلك طبيعة مزدوجة؛ أي أنه يظهر سلوكاً موجياً في بعض الأحيان، وسلوكاً جسيمياً في أحيان أخرى.

المصادر

  1. Raymond A. Serway & John W. Jewett (2004),Physics for Scientists and Engineers, USA: Thomson Brooks/Cole, Page 487, 493, 502,1095, 1096, 1097, Part 6th edition. Edited.
  2. “The Nobel Prize in Physics 1921”,Noble Prize, Retrieved 23-12-2017. Edited.
  3. Glenn Stark (2-2-2018),”light”،www.britannica.com, Retrieved 28-2-2018. Edited.
  4. “Properties of waves”,Randy Kobes, University of Winnipeg, Retrieved 13-1-2018. Edited.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

الأشعة فوق البنفسجية: نظرة شاملة

المقال التالي

الإضاءة في عالمنا

مقالات مشابهة