جدول المحتويات
نظرة عامة على تجارة قريش قبل الإسلام
تمتعت شبه الجزيرة العربية بأهمية استراتيجية كبيرة قبل الإسلام، وذلك بسبب موقعها الجغرافي المتميز الذي يربط بين قارات العالم القديم. فقد كانت تقع بين ثلاثة مسطحات مائية هامة: البحر الأبيض المتوسط شمالاً، والمحيط الهندي (بحر الحبشة قديماً) جنوباً. كما يحدها من الغرب البحر الأحمر ومن الشرق الخليج العربي (بحر فارس قديماً). هذا الموقع الاستراتيجي ساهم بشكل كبير في ازدهار الأنشطة التجارية في المنطقة.
التجارة البرية والبحرية عند العرب
عرف العرب الملاحة البحرية في تلك الفترة، وقاموا بصناعة القوارب الصغيرة للإبحار إلى السواحل القريبة وتبادل السلع. ومع مرور الوقت، اكتسبوا خبرة واسعة في تقدير المسافات البحرية، وقاموا بتوحيدها بوحدات القياس المعروفة مثل الأميال والفراسخ. وبفضل هذه المعرفة، استطاعوا الاستفادة من الرياح الموسمية في رحلاتهم التجارية، مما ساهم في زيادة سرعة وكفاءة النقل البحري.
لم تقتصر التجارة على البحر فقط، بل شملت أيضاً التجارة البرية عبر الإبل إلى المناطق المجاورة. واحتلت قريش مكانة مرموقة بين القبائل العربية في ذلك الوقت، حيث كانت بمثابة الوسيط التجاري بين بلاد الشام والروم والمناطق الجنوبية من شبه الجزيرة العربية.
أهمية قريش بين القبائل
بفضل الموقع الجغرافي المتميز لمكة المكرمة ووجود الكعبة المشرفة فيها، كانت المدينة مركزاً هاماً للتجار لعرض وبيع بضائعهم. ومع ذلك، كانت التجارة في ذلك الوقت تقتصر بشكل كبير على التجارة الداخلية، بينما كانت التجارة الخارجية في يد اليمن. لم تكن مكة تجني أرباحاً كبيرة من التجارة، بل كانت تقتصر على توفير سبل المعيشة لسكان المنطقة.
في بداية القرن السادس الميلادي، سيطرت الحبشة على اليمن، وظهرت بعض القبائل العربية التي كانت قريش تتزعمها، حيث قامت بتنظيم القبائل الأخرى وتوحيدها. بعد الحروب التي خاضتها العرب ضد الدولتين الفارسية والبيزنطية، ونجاحها في السيطرة على المنطقة، أصبحت قريش الوسيط التجاري المحايد للمنطقة بأكملها. برز في ذلك الوقت هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وإخوته، الذين كانوا يتمتعون بنفوذ قوي في قبيلة قريش، ولعبوا دوراً هاماً في تنظيم التجارة والحصول على العهود بين التجار.
الرحلات التجارية الموسمية
قام هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم، بحكمته وفطنته، بتنظيم القوافل التجارية التي كانت تأتي وتخرج من مكة، وخاصةً تلك التي تنطلق من قريش. قام بترتيب الرحلات التجارية الموسمية، حيث كانت هناك رحلة في فصل الصيف تتجه شمالاً إلى بلاد الشام، ورحلة أخرى في فصل الشتاء تتجه جنوباً إلى اليمن.
كما قام هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم بتأمين القوافل وطرق سيرها، وذلك عن طريق إبرام اتفاقيات مع رؤساء القبائل التي كانت تمر بها هذه القوافل. ومن بين هذه الاتفاقيات أنه لم يكن يتقاضى منهم أجراً مقابل مرور القوافل عبر أراضيهم. وبذلك، جعل هاشم قريش الشبكة الرئيسية للقوافل التجارية، وبدأت تسيطر على التبادلات التجارية في المنطقة.
المراجع
- محمد حمزة جار الله الشمري، موانئ شبه جزيرة العرب وأثرها في النشاط التجاري البحري قبل الإسلام، صفحة 20 – 26. بتصرّف.
- أبحكمة لفته صكَر ، زينب حاتم الخزرجي ،وسائط النقل التجاري قبل الإسلام من خلال كتاب المخصص لابن سیدة، صفحة 1-27. بتصرّف.
- أبتثأحمد إبراهيم الشريف،كتاب مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 172-177. بتصرّف.