المحتويات:
الحياة الاقتصادية للعرب في الزمن القديم
انقسمت المجتمعات العربية في العصر السابق للإسلام إلى قسمين رئيسيين، يفصل بينهما مساحات شاسعة من الصحاري، واختلفا بشكل كبير في طبيعة الحياة والأنشطة الاقتصادية.
المنطقة الجنوبية
استقر هذا الجزء من القبائل العربية في اليمن، ويُعرفون بالقحطانيين أو اليمنيين. تميزوا بتطورهم المعرفي والحضاري، والذي لا تزال آثاره باقية حتى اليوم. قاموا ببناء سد مأرب، مما أدى إلى ازدهار الزراعة بفضل توفر المياه.
كانت قوافلهم التجارية تجوب العراق والشام ومصر، حاملةً التوابل الهندية والعبيد الأفارقة ومنتجات بلادهم. وكانت تعود محملةً ببضائع من هذه البلدان. استمر هذا الازدهار الحضاري حتى بداية العام الرابع والعشرين قبل الميلاد، عندما استولى الرومان على ساحل عدن.
كانت هذه البلاد تستورد اللؤلؤ من الخليج العربي، والسيوف والأقمشة من الهند، والحرير من الصين، والعبيد والقرود والعاج وريش النعام والذهب من الحبشة، وتتاجر بها بالإضافة إلى منتجاتها المحلية. وكان هناك طريقان تجاريان رئيسيان يسلكونهما.
المنطقة الشمالية
هي القبائل التي عاشت في الحجاز ونجد، وتُعرف بالعرب العدنانيين أو النزاريين. اعتمدوا في حياتهم بشكل أساسي على الرعي، مما استدعى تنقلهم الدائم في البلاد بحثاً عن المراعي. ظهرت بعض القبائل التي تأثرت بالحضارات المجاورة، مثل اللحيانيين الذين تأثروا بالعرب الجنوبيين وعملوا في التجارة. كذلك الأنباط الذين تأثروا بالحضارة الآرامية واستولوا عليها، وعملوا في الزراعة والتجارة. من أهم مراكزهم التي لعبت دوراً هاماً في التاريخ مملكة تدمر وملكتها زنوبيا.
ظلت هذه المنطقة مسرحاً للصراع الدائر بين الفرس والروم، وسيطرت على سوريا بأكملها، مما اضطر الرومان للاعتراف بها كإمبراطورية في الشرق، حتى قضوا على مملكة زنوبيا في عام 273م.
الوضع الاقتصادي بعد سقوط الحضارة اليمنية
يبدأ هذا العصر منذ القرن السادس الميلادي، حيث تراجعت مكانة العرب اليمنيين وبرز العرب الشماليون على الساحة التجارية. قامت في هذه الفترة ثلاث إمارات بالإضافة إلى القبائل والحواضر، حيث لم تتوحد كلمة العرب قبل الإسلام. من أبرز هذه الفئات:
- إمارة الغساسنة: يعود نسب الغساسنة إلى العرب القحطانيين. استقروا في الأردن وجنوبي سوريا، ثم امتد نفوذهم على الشام بأكملها، وكانوا متحالفين مع الروم. اعتمدوا على الرعي وما يقدمه لهم الروم من مساعدات، بالإضافة إلى الحروب والغزوات.
- إمارة المناذرة: يعود نسب المناذرة أيضاً إلى العرب القحطانيين. استقروا في العراق وتحالفوا مع الفرس، وعملوا في التجارة والزراعة.
- إمارة الحيرة: تعود أنسابهم إلى العرب القحطانيين أيضاً، وقامت في اليمن، ويبدو أنها كانت امتداداً للحضارة اليمنية القديمة.
- مكة المكرمة: سادت فيها قبيلة قريش، وكانت حياتهم قائمة على التجارة. ساعد على ازدهار التجارة فيها الحرب بين الفرس والروم، إذ أصبحت مركزاً تجارياً هاماً في شبه الجزيرة العربية. كانت قوافلهم تجوب اليمن والشام والعراق والحبشة.
- الطائف والمدينة: ازدهرت فيهما الزراعة.
- القبائل العربية التي عاشت في الصحاري: كانت حياتها قائمة على الرعي والحروب والغنائم.
قال تعالى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا” (الأحزاب: 21).
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن”.