مقدمة
تُعتبر الخِطبة مرحلة مهمة تسبق الزواج، وهي ليست عقداً مُلزماً، وإنما هي وعدٌ بالزواج. ولذلك، يجب على الطرفين الالتزام ببعض الضوابط والأحكام الشرعية خلال هذه الفترة لضمان سير الأمور على الوجه الصحيح وتحقيق التوافق بينهما.
مشروعية الخِطبة
يرى جمهور العلماء أن الخِطبة جائزة وليست شرطاً لصحة الزواج. بينما يرى الشافعية أنها مستحبة؛ اقتداءً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يختلف حُكم الخِطبة بحسب حالة الطرفين:
- تجب إذا خاف الشخص على نفسه الوقوع في الإثم.
- تحرم إذا كان هناك مانع شرعي للزواج.
- تستحب للقادر عليها الذي لا يخاف على نفسه من المحرمات.
- تكره لمن لا يرغب فيها.
- تباح للمرأة غير المتزوجة أو المعتدة، سواءً بالصراحة أو بالتلميح.
المدة الزمنية للخِطبة
لم يحدد الشرع مدة معينة للخِطبة، فالأمر متروك للطرفين. ولكن يُستحسن عدم إطالة المدة دون داعٍ، لما في ذلك من تأخير للزواج، وقد حثّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الإسراع في الزواج، فقال:(يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).
أخلاقيات الخِطبة
هناك آداب وأخلاقيات يجب مراعاتها خلال فترة الخِطبة، بهدف تحقيق التوافق والتفاهم بين الطرفين:
- الاستخارة والاستشارة: يُستحب الاستخارة والاستشارة في أمر الزواج؛ لطلب التوفيق من الله -سبحانه وتعالى-، والأخذ بمشورة أهل الخبرة. فقد روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال:(كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُ أصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ).
- بيان الأمور كلها: يجب على الطرفين إظهار كل شيء بوضوح، وعدم إخفاء أي عيوب أو أمور قد تؤثر على العلاقة.
- الحرص على الدين والخلق: يجب الحرص على اختيار صاحب الدين والخلق، مصداقاً لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:(تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)، وقال أيضاً:(إذا أتاكم من تَرضَون دِينَه وخُلُقَه فأنكِحوه).
- مراعاة مصلحة المرأة: يجب على ولي الأمر مراعاة مصلحة المرأة عند تزويجها.
الرجوع عن الخِطبة
يجوز العدول عن الخِطبة إذا لم يحصل التوافق بين الطرفين. وقد اختلف العلماء في حكم الرجوع عن الخِطبة، فمنهم من كره ذلك، ومنهم من أجازه.
أما بالنسبة للهدايا، فقد اختلف الفقهاء في حكم استرجاعها، ولهم في ذلك أربعة أقوال:
- الحنفية: يجب إرجاع كل ما أهدي للمخطوبة، إلا ما تلف.
- بعض المالكية: لا يُرجع شيء، إلا ما جرى العرف أو الشرط باسترجاعه.
- الشافعية والحنابلة: يُسترد كل ما قدم بعينه أو بقيمته إن كان هالكاً.
- بعض الشافعية وبعض المالكية: لا يجوز الاسترداد إذا كان الرجوع من الخاطب، ويجوز إذا كان من المخطوبة.
المراجع
- محمد قنديل،فقه النكاح والفرائض.
- خالد الرفاعي (2013-02-23)،”أحكام وضوابط فترة الخِطبة”،ar.islamway.net
- عبد الله علوان،آداب الخطبة و الزواج وحقوق الزوجين، القاهرة: دار السلام
- أحمد ريان،فقه الأسرة.
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1404هـ -1427هـ)،الموسوعة الفقهية الكويتية(الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل.
- محمد التويجري (2009)،موسوعة الفقه الإسلامي(الطبعة الأولى)، الأردن – عمّان: بيت الأفكار الدولية.
- كمال بن السيد سالم (2003م)،صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة: المكتبة التوفيقية.