الأحكام الشرعية في اقتناء سيارة بالدفعات الميسرة

دليل شامل حول الأحكام الشرعية المتعلقة بشراء سيارة بالتقسيط، بما في ذلك الشروط والضوابط التي تجعل هذه المعاملة جائزة في الإسلام.

مقدمة

يشهد العصر الحديث تطورات متسارعة في شتى مناحي الحياة، ومن بينها المعاملات المالية والتجارية. ومع ازدياد الحاجة إلى تملك السيارات، يكثر السؤال حول مدى جواز شراء سيارة بالتقسيط وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. هذا المقال يهدف إلى توضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا النوع من المعاملات، وشرح الضوابط التي تضمن توافقها مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.

الرأي الشرعي في الشراء بالدفعات

يُعرف السعر الذي يدفعه المشتري عند الشراء الفوري بـ “السعر النقدي”، بينما يُطلق على السعر في حالة الشراء بالتقسيط اسم “السعر المؤجل”. يجوز أن يكون السعر المؤجل أعلى من السعر النقدي، ويمكن ذكر السعر النقدي وسعر التقسيط لفترة محددة. ومع ذلك، يجب أن يتفق الطرفان، البائع والمشتري، بشكل قاطع على ما إذا كان البيع سيتم نقداً أو بالتقسيط.

إذا كان هناك تردد بين الدفع النقدي والدفع المؤجل، ولم يتم الاتفاق بشكل قاطع على سعر واحد محدد، فإن البيع غير جائز شرعاً. على سبيل المثال، إذا ذهب شخص إلى معرض سيارات وأخبره البائع أن سعر السيارة نقداً هو عشرة آلاف ريال، وبالتقسيط هو اثنا عشر ألف ريال، واتفقا على الشراء دون تحديد طريقة الدفع، فإن البيع في هذه الحالة لا يجوز. ولكن إذا اتفقا على التقسيط وقَبِل المشتري بذلك، وقَبِل البائع أيضاً، فإن العقد صحيح. وكذلك إذا اتفقا على الدفع النقدي بشكل جازم، فالبيع جائز أيضاً.

ضوابط تملك سيارة بالتقسيط

يجوز شراء سيارة بالتقسيط من خلال البنوك التي تلتزم بالمعاملات الإسلامية أو أي مؤسسة تمويل متوافقة مع الشريعة. وتُعرف هذه المعاملة بـ “بيع المرابحة للآمر بالشراء”. ومع ذلك، لا يجوز هذا النوع من المعاملات إلا بالشروط التالية:

  1. الشرط الأول: أن يمتلك البنك السيارة قبل إبرام عقد بيع المرابحة مع العميل، وذلك استناداً إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
    “لا تَبِعْ ما ليس عِندَك”.

    وأيضاً لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن ربح ما لم يضمن، حيث قال:
    “لا يحلُّ سلفٌ وبيعٌ،… ولا ربحُ ما لم يضمنْ”.

  2. الشرط الثاني: عدم وجود شرط جزائي عند تأخر العميل في سداد أقساط المرابحة. وفقًا للمعايير الشرعية: “لا يجوز اشتراط التعويض على المدين إذا تأخر عن الأداء، ولا رفع المطالبة للقضاء، سواء كان في البدء أم عند حلول الأجل، لأن ذلك يعتبر ربا واشتراط ذلك باطل”. وقد أكد مجمع الفقه الإسلامي الدولي على ذلك بقوله: “لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء”.

نقل ملكية المركبة

يجوز شراء سيارة عن طريق أي بنك إسلامي إذا قام البنك بشرائها لنفسه من المعرض ودفع ثمنها. يجب أن يتم إخراج السيارة من المعرض لتصبح في ملكية البنك، ثم يقوم البنك بإخبار المشتري بأنه اشترى السيارة من المعرض بهذا المبلغ وسيزيد عليه مبلغاً معيناً لأنه سيقوم بالدفع بالتقسيط على مدى سنتين، مع التأكيد على أن المشتري غير ملزم بالشراء، وإذا لم يقبل المشتري، يمكن للبنك بيع السيارة لشخص آخر.

هذا الإجراء يمكن أن يتم من قبل البنك أو أي شخص آخر، حتى لو لم يتم تسجيل السيارة باسمه. فالأوراق ليست شرطاً أساسياً في الملكية، حيث يمكن شراء السيارة من المعرض ودفع ثمنها وحيازتها ثم بيعها لشخص آخر.

شروط أساسية أخرى

هناك بعض الشروط الأخرى التي يجب مراعاتها:

  • أن يتم البيع بسعر محدد لا يزيد بزيادة المدة.
  • أن تترتب على البيع آثاره الشرعية، بما في ذلك انتقال ملكية المبيع إلى المشتري. فإذا لم تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، فالبيع باطل.
  • يجوز منع المشتري من بيع المبيع حتى يتم سداد كامل الثمن.

المصادر

  1. مجموعة من المؤلفين،فقه المعاملات، صفحة 41.
  2. “ضوابط جواز شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنك”،إسلام ويب، 27/11/2013.
  3. شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن حكيم بن حزام، الصفحة أو الرقم:15315، صحيح لغيره.
  4. الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1234 ، حسن صحيح.
  5. عبد الله بن جبرين،اعتقاد أهل السنة، صفحة 12.
  6. “حكم شراء سيارة بالتقسيط من الوكيل المعتمد”،إسلام ويب، 15/7/2008.
Total
0
Shares
المقال السابق

مشروعية العقيقة المذبوحة وشراء اللحم بدلاً منها

المقال التالي

ضوابط تناول الماء أثناء الأذان في رمضان

مقالات مشابهة