نظرة عامة حول أورام الثدي
يُعد سرطان الثدي من بين الأمراض السرطانية الأكثر انتشارًا بين النساء حول العالم. تشير الإحصائيات إلى أن نسبة كبيرة من النساء مُعرضة للإصابة بهذا النوع من الأورام. لذلك، يكتسب الاهتمام بالكشف المبكر عن هذا المرض أهمية قصوى. لقد ساهمت جهود الكشف المبكر في تحقيق انخفاض ملحوظ في معدلات الوفاة المرتبطة بهذا المرض. وقد لوحظ ظهور حالات سرطان الثدي في الفئة العمرية بين 17 و 90 سنة.
أهمية الفحص الذاتي للكشف الأولي
تبدأ عملية التشخيص من خلال الفحص الذاتي المنتظم. يُنصح بشدة أن تقوم المرأة بفحص ثدييها بشكل دوري أمام المرآة، مع ملاحظة أي اختلافات بينهما، سواء كان ذلك عند إرخاء الذراعين أو رفعهما. يجب فحص كل ثدي باستخدام الأصابع الثلاث الوسطى (البنصر والوسطى والسبابة) من اليد الأخرى.
يتم تقسيم الثدي أثناء الفحص إلى أربعة أرباع، مع التركيز على التأكد من خلو كل ربع من أي كتل. في حال اكتشاف كتلة في أي مكان، يجب استشارة الطبيب. يجب إجراء هذا الفحص شهريًا. أما بالنسبة لأشعة الثدي (Mamogram)، فلا يُنصح بها للنساء اللواتي تقل أعمارهن عن 40 عامًا بسبب فعاليتها المحدودة. ومع ذلك، يُنصح بها للنساء فوق هذا السن حتى في حالة عدم وجود ورم أو كتلة محسوسة. أما إذا كانت هناك كتلة محسوسة، فإجراء مثل هذه الأشعة قد لا يكون ضروريًا.
الطرق الحديثة لتشخيص الأورام
عند الاشتباه بوجود ورم، من الضروري مراجعة الطبيب المتخصص. يجب أخذ عينة من الورم، ويُفضل أن يتم ذلك عن طريق الإبرة دون الحاجة إلى الجراحة، حيث يمكن الكشف عن طبيعة الورم (سواء كان سرطانيًا أم حميدًا). يتم أخذ الخزعة تحت تأثير التخدير الموضعي، مما يضمن عدم شعور المريضة بأي ألم. تتميز هذه الإبرة بدقتها العالية، وعادةً ما تؤدي إلى تشخيص دقيق. بالإضافة إلى ذلك، لا تترك ندوبًا في الثدي ولا تؤدي إلى انتشار الورم في حالة كونه سرطانيًا. تم تطبيق هذه الطريقة في العديد من الحالات.
الطريقة الصحيحة المتبعة عالميًا هي أخذ عينات من أورام الثدي بالإبرة الدقيقة لدراسة الخلايا، وكذلك إبر لأخذ أنسجة ودراستها، بالإضافة إلى أخذ عينات من الغدد تحت الإبط.
تصنيفات الأورام التي تصيب الثدي
ليس كل ورم في الثدي خبيثًا، وليس كل ورم يتطلب الاستئصال. يمكن تقسيم أورام الثدي إلى أربعة أنواع رئيسية:
- تليفات الثدي: تظهر كأنها ورم، ولكنها في الواقع ليست كذلك. قد تتجمع هذه التليفات على شكل سوائل تتحوصل في الثدي، مما يجعل المرأة تشعر بوجود ورم. عادةً ما تلاحظ المرأة هذا النوع فجأة بسبب تجمع السائل وكبر حجمه خلال أيام، مما يثير القلق. قد يصاب تجمع السوائل بالتهاب بكتيري، مما يسبب حرارة وألم. يتم الكشف عن هذا النوع بأخذ عدة عينات من عدة أماكن في الورم. إذا كان هناك سائل، يجب سحبه بالإبرة ثم دراسته تحت المجهر بالتفصيل. هذا النوع من الأورام لا يتحول إلى سرطان، ولا يُنصح بإجراء الجراحة له لأنه عادة ما يعود بعد الجراحة، بل إن الجراحة قد تساهم في رجوعه. في هذا النوع، يمكن للفحص بالإبرة أن ينجي المريضة من عملية غير ضرورية وغير مجدية.
- الأورام الحميدة: في هذا النوع، تلاحظ المرأة عادةً ورمًا في الثدي يكون متحركًا (غير ملتصق بالأنسجة المحيطة بالثدي). يمكن لأخذ العينات بالإبرة أن يكشف هذا النوع بدقة كبيرة. إذا كانت المرأة غير منزعجة من الورم، فلا يُنصح بإزالته (وهذا الأسلوب هو المتبع في المراكز العالمية). أما إذا كانت المرأة منزعجة منه، فيمكنها إزالته ولكن دون عجلة، حيث أن هذا النوع لا يتحول إلى سرطان بتاتًا وعادة ما يمتصه الجسم بعد مدة. يحدث هذا النوع من الأورام عادةً في النساء من سن 15 وحتى الثلاثين. ولذلك، إخراج مثل هذا الورم من الثدي في مثل هذا العمر قد يؤذي مظهر الثدي، وهذا قد يؤثر سلبًا على المرأة التي تحافظ على مظهرها.
- الأورام القبل سرطانية: وهي الأورام التي لا تكون سرطانية في الوقت الحالي ولكنها قد تتحول إلى أورام سرطانية في المستقبل المنظور. عادةً ما تكون الخلايا بها تكاثر غير طبيعي أو تكون بها ورم سرطاني ولكنه متحوصل داخل القنوات الحليبية. ينتشر هذا النوع عند النساء من سن 30 إلى 50. عادةً ما تحس المرأة بورم في الثدي أو يتم اكتشافه عن طريق فحص الأشعة للثدي، والذي عادةً ما يرى فيه تكلسات مجهرية في الورم. بعد تشخيص هذا الورم عن طريق الإبرة، يجب إزالته تمامًا بواسطة الجراحة. يجب على الجراح أن يزيل جميع المناطق التي تكثر فيها هذه الخلايا. كما يجب على المرأة المتابعة الحثيثة لثديها وأخذ عينات دورية بواسطة الإبر للتأكد من خلو الثدي من مثل هذه الأورام “القبل سرطانية”.
- الأورام السرطانية: كما ذكرنا، هذا النوع موجود بالنساء في مختلف الأعمار، ولكنه أكثر ما يكون فوق سن 35. ويمثل نسبة من الحالات. عندما يتم تشخيص مثل هذا الورم، يجب على المرأة ألا تجزع، بل تواجه الأمر بجرأة لتتمكن من علاج الورم بأحدث الطرق. فعلاج مثل هذا الورم يكون بأحد ثلاث طرق رئيسية:
- استئصال الثدي كاملاً مع الغدد الليمفاوية تحت الإبط.
- إزالة الجزء المصاب مع حواف الثدي إذا كان الورم صغيرًا.
- العلاج بالأدوية الكيماوية لتصغير الورم ثم إزالته مع حواف الثدي كاملاً مع الغدد الليمفاوية.
العلم والأبحاث الجديدة تنصح بالطريقة الثالثة حيث أنها أثبتت أنها الأكثر فعالية لمنع تكرار رجوع الورم إلى الثدي ومنع انتشاره، ولكن يجب أخذ النصيحة لكل حالة على انفرادها. عادةً ما تحتاج مثل هذه الأورام إلى الأشعة العلاجية لمنطقة الثدي. من المفيد أن نذكر أن تصرف كل ورم سرطاني في الثدي وطريقة علاجه تعتمد إلى حد كبير على نوع المستقبلات للهرمونات المختلفة والتي نجريها على أنسجة الورم المأخوذ من الثدي. بعض هذه الأدوية الجديدة فعالة جدًا في إيقاف أورامًا كنا نعتبرها فتاكة في السابق.
استراتيجيات علاج أورام الثدي
يتضح لنا أن أورام الثدي هي مجموعة مختلفة من الأورام تظهر ككتل في الثدي، ولكن علاجها يتحدد حسب الفحص المجهري لكل واحد منها والذي أصبح متوفرًا بفضل تقنية أخذ العينات بالإبر وبدون عملية جراحية.