جدول المحتويات
المعنى اللغوي والاصطلاحي لأصول الفقه
عند البحث في معنى أصول الفقه، يجب أولاً فهم معنى كلمة “أصل” لغةً. الأصل هو كل ما يُبنى عليه غيره، سواء كان هذا البناء مادياً أو معنوياً. هو الأساس الذي يقوم عليه الشيء، وجذره الذي يستند إليه. أما كلمة “الفقه” لغةً، فهي تعني الفهم الدقيق والإدراك العميق للمعاني. واصطلاحاً، يشير الفقه إلى العلم بالأحكام الشرعية المستمدة من أدلتها التفصيلية، والتي تحدد ما هو فرض، أو مندوب، أو مكروه، أو مباح.
أما علم أصول الفقه كعلم مستقل، فهو عبارة عن مجموعة القواعد الكلية التي تمكننا من استنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها التفصيلية. يهتم هذا العلم بدراسة الأدلة الإجمالية للفقه، وكيفية استخدامها، وشروط المجتهد. كما يدرس الطرق والوسائل التي تستخدم في استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها المختلفة.
نطاق علم أصول الفقه
يشمل علم أصول الفقه دراسة عدد من المحاور الأساسية، وهي:
- الأدلة الإجمالية المؤدية للأحكام الشرعية العملية: وهي المصادر التي يستمد منها التشريع الإسلامي، والتي تتضمن الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغيرها من الأدلة المتفق عليها أو المختلف فيها. يتم دراسة هذه المصادر من حيث أقسامها، ومكانتها، وقوتها في الدلالة على الأحكام، وشروط اعتبارها، وكيفية استنباط الأحكام الشرعية منها. ويشمل ذلك دراسة دلالات الألفاظ، من حيث العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والإجمال والتبيين، والظهور والنص، والمنطوق والمفهوم، والأمر والنهي.
- التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية: عندما تتعارض الأدلة الشرعية، يجب على المجتهد أن يسعى للتوفيق بينها، فإن لم يمكن، فإنه يلجأ إلى الترجيح بينها، وذلك بناءً على قواعد وأصول محددة.
- الاجتهاد والتقليد: علم أصول الفقه يبحث في شروط المجتهد، وصفاته، والأحكام المتعلقة به. كما يبحث في معنى التقليد، وأحكامه، وشروطه.
- الحكم الشرعي: وهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، سواء كان هذا الخطاب على سبيل الاقتضاء (الأمر أو النهي)، أو التخيير (الإباحة)، أو الوضع (السبب، والشرط، والمانع).
قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
الأهمية الجوهرية لعلم أصول الفقه
تتجلى أهمية علم أصول الفقه في جوانب عديدة، منها:
- الفهم العميق للدين: يساعد علم أصول الفقه المسلم على التفقه في الدين، ومعرفة واجباته وحقوقه، مما يمكنه من عبادة الله على نور وبصيرة.
- المنهجية الصحيحة للمجتهد: يوفر علم أصول الفقه للمجتهد منهجاً واضحاً وصحيحاً لاستنباط الأحكام الشرعية، مما يضمن عدم انحرافه أو تخبطه.
- معرفة الأحكام الشرعية للمستجدات: يرسم علم أصول الفقه الطريق للعلماء في كل عصر لمعرفة حكم الله في المسائل الجديدة التي لم يرد فيها نص صريح.
- حماية الشريعة من التحريف: يحمي علم أصول الفقه الشريعة الإسلامية من التحريف والتضليل، ويحفظ الفقيه من التناقض، ويمكنه من فهم مقاصد الشريعة وحكمها وأسرارها.
- مواجهة المشككين في الشريعة: يمنح علم أصول الفقه القدرة على مواجهة الذين يزعمون أن الشريعة غير صالحة لهذا الزمان، وذلك من خلال إبراز محاسن الشريعة ومرونتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
- ربط الفروع بالأصول: يساعد علم أصول الفقه على ربط الفروع الفقهية بأصولها، وجمع المبادئ المشتركة، وبيان الأسباب المتباينة بينها، وكشف أساس الاختلاف فيما بينها.
روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “… إنما العلم الخشية” [رواه أحمد].
المصادر
- محمد مصطفى الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 17-28. بتصرّف.
- المرداوي،تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول، صفحة 56-58. بتصرّف.
- عياض السلمي،أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، صفحة 15-16. بتصرّف.
- محمد مصطفى الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 29-30. بتصرّف.
- عياض السلمي،أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، صفحة 17. بتصرّف.
- محمد مصطفى الزحيلي،الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، صفحة 34-38. بتصرّف.
- عياض السلمي،أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، صفحة 18-20. بتصرّف.