مقدمة
يعتبر مفهوم التوسل من المفاهيم الإسلامية التي أثارت جدلاً ونقاشاً بين العلماء والفقهاء على مر العصور. يهدف هذا المقال إلى استعراض هذه المسألة، خاصة فيما يتعلق بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، مع بيان أوجه الخلاف والاتفاق بين العلماء في هذا الشأن. كما سنسعى إلى توضيح مفهوم التوسل وأنواعه المختلفة، المشروعة والممنوعة، استناداً إلى الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
آراء العلماء في التوسل بالنبي
تعددت آراء العلماء في مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بذاته الشريفة، أو بحقه. يرى جمهور العلماء، ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة، جواز ذلك. استند هؤلاء العلماء إلى عدة أحاديث، بعضها لم يصح سنده، وبعضها الآخر صحيح، إلا أنه لا يدل دلالة قاطعة على جواز التوسل المذكور، إضافة إلى بعض العمومات الواردة في القرآن الكريم.
في المقابل، ذهب فريق آخر من العلماء إلى القول بعدم جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاهه، أو بذاته. استند هؤلاء العلماء إلى عدم ورود نص صحيح وصريح يدل على الجواز. كما يرون أن جاه النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس من عمل العبد. ويخشون أن يكون ذلك وسيلة للاستغاثة بغير الله، أو الاعتقاد بنفع أو ضر من غير الله، مما قد يؤدي إلى الشرك. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النوع من التوسل لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين.
أقسام التوسل: المشروع والمحظور
ينقسم التوسل إلى نوعين رئيسيين: التوسل المشروع، والتوسل الممنوع. التوسل المشروع يتضمن ثلاثة أقسام:
- التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
- التوسل بالأعمال الصالحة التي قام بها العبد.
- التوسل بدعاء العبد الصالح.
أما التوسل الممنوع، فيشتمل على نوعين:
- التوسل البدعي: وهو التوسل بذوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو بذوات الصالحين. يعتبر هذا النوع من التوسل ممنوعاً لأن التوسل عبادة، والعبادات توقيفية، لا يجوز فيها إحداث أمور جديدة.
- توجيه العبادات لغير الله تعالى: مثل الدعاء، والذبح، والنذر لغير الله.
معنى التوسل لغة واصطلاحاً
يعرف التوسل في اصطلاح العلماء بأنه كل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من أداء العبادات والاجتناب عن المنهيات. كما يطلق التوسل على الدعاء المتقرب به إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو بصفة من صفاته العليا. ويطلق أيضاً على التقرب إلى الله تعالى باتباع أنبيائه ورسله عليهم السلام.
