استكشاف وزن البحر الطويل في الشعر العربي

تعرف على تفعيلات البحر الطويل، أعاريضه وضربه، وأنواع الزحافات التي تطرأ عليه. استكشف أمثلة شعرية متنوعة توضح جماليات هذا البحر الشعري العريق.

نظرة عامة على وزن البحر الطويل

البحر الطويل يعتبر من بين أكثر البحور الشعرية استخدامًا في الأدب العربي. وقد سُمي بهذا الاسم نظرًا لطول أجزائه ومكوناته، حيث يتميز بتركيبة فريدة لا تقبل الاختزال أو الحذف. يرتكز هذا البحر على تفعيلات محددة تمنحه نغمة مميزة. ومفتاحه الذي يُستدل به عليه هو:

طويل له دون البحور فضائلُ *** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلُ

ويتكون الوزن الأصلي للبحر الطويل من التفعيلات التالية:

فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ *** فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ

أعاريض البحر الطويل وأضربه

في سياق البحر الطويل، نجد عروضًا واحدة مقبوضة وثلاثة أضرب مختلفة (صحيح، مقبوض، ومحذوف). إليكم بعض الأمثلة التوضيحية:

  • مثال على العروض المقبوضة مع الضرب الصحيح:
  • وعِش خاليًّا فالحب راحته عَنَاو *** أوّله سُقمٌ وآخره قَتلُ

    فعول مفاعيل فعولن مفاعيلن *** فعول مفاعيل فعولن مفاعيلن

  • مثال على العروض المقبوضة مع الضرب المقبوض:
  • إلهي لئِن جمّت وجلّت خطيئتي *** فعفوكَ عن ذنبي أجلُّ وأوسعُ

    فعولن مفاعيلن فعول مفاعلن *** فعولن مفاعيلن فعول مفاعل

  • مثال على العروض المقبوضة مع الضرب المحذوف:
  • فويل على العذّال ما يتركونني *** بغمّي أما في العاذلين لبيبُ

    فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن *** فعولن مفاعيلن فعول فعولن

التحولات الوزنية: الزحافات في البحر الطويل

تطرأ على حشو البحر الطويل بعض التغييرات الوزنية المعروفة بالزحافات والعلل، التي تضفي على القصيدة نغمًا وإيقاعًا خاصًا. ومن أهم هذه الزحافات:

القبض

وهو حذف الحرف الخامس الساكن من التفعيلة. فتصبح (مَفَاعِيْلُنْ) تتحول إلى (مَفَاعِلُنْ)، وتصبح (فَعُوْلُنْ) تتحول إلى (فَعُوْلُ). ويُشار إلى أنه لا يجوز اجتماع الكف والقبض في تفعيلة (مَفَاْعِيْلُنْ).

الكف

ويعني حذف الحرف السابع الساكن من التفعيلة، وبالتالي تصبح (مَفَاْعِيْلُنْ) تتحول إلى (مَفَاْعِيْلُ).

الخرم

يشير إلى حذف أول الوتد المجموع في بداية التفعيلة الأولى. في حالة (فَعُوْلُنْ) السالمة، تتحول إلى (عُوْلُنْ) ويُطلق عليه اسم (ثَلْمًا). وإذا كانت التفعيلة مقبوضة (فَعُوْلُ)، فإنها تتحول إلى (عُوْلُ) ويُسمى (ثَرْمًا).

نماذج شعرية من روائع البحر الطويل

نستعرض فيما يلي مختارات من الأبيات الشعرية التي نُظمت على وزن البحر الطويل، لنرى كيف استطاع الشعراء تطويع هذا البحر للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم:

  • يقول الشاعر عبد اللطيف فتح الله:

    مَحاسِن حبّي مَن رَآها اِهتَوى بها *** وَعَنها عَذولي لِلمَلامِ تَعامى

    لَحاني وَبي يَشتَدُّ حرّ الهَوى عَلى *** مَحاسِنِ مَعشوقي المَليح وَلاما

  • ويقول أيضًا:

    عَلى خَدّهِ الخيلانِ مِنها ثَلاثَة *** كَمِثلِ الثريّا فَأُخرى فَثِنتانِ

    وَإِذ شَقق الخدّينِ قَد كانَ مُهمَلاً *** فَنَقطه مِنهُ الجَمال بخيلانِ

  • ويقول أيضًا:

    عَلَيك بِكَتمِ السرِّ وَاِحذَر ظُهورَهُ *** فَمِنهُ الّذي إِفشاؤُهُ لَكَ قاتِلُ

    فَلَو لَم يَبُح وَردُ الرّياضِ بِسرّه *** لَما سُلِّطت مِنّا عَلَيهِ الأناملُ

  • يقول الشاعر الأقيشر الأسدي:

    أَلا إِنَّما الإِنسانُ غِمدٌ لِقَلبِهِ *** وَلا خَيرَ في غِمدٍ إِذا لَم يَكُن نَصلُ

    وَإِن تَجمَعِ الآفاتِ فَالبُخلُ شَرُّها *** وَشَرُّ مِنَ البُخلِ المَواعيدُ وَالمَطلُ

  • يقول الشاعر يحيى بن علي المنجم:

    ومِن طاعتي إيّاهُ أَمطرَ ناظرِي *** إذا هوَ أَبدى من ثَناياهُ لي بَرقا

    كأنَّ جفوني تُبصرُ الوَصلَ هارِباً *** فَمِن أَجلِ ذا تَجرِي لتُدركهُ سَبقا

  • يقول الشاعر ابن السيد البطليوسي:

    خَليليَّ ما للريح أضحى نسيمُها *** يذكرني ما قد مضى ونَسيتُ

    أبعدَ نذير الشيب إذ حلَّ عرضي *** صَبَوت بأحداق المها وسُبيتُ

    ولي سكن أغرى بي الحزنَ حسنُه *** جريءٌ على قتل المحب مُقيتُ

    فيا قمرًا أغرى بي النقص واكتسى *** كمالاً ووافي سعده وشقيتُ

    وليتِ فرقي إذ وليتِ لهائم *** سباه لمَيَّ كالشهد منك وليتُ

    وجودي ببرد الوصل يا جنَّةَ المُنى *** فأنّي بحَر الوجد منك صُليتُ

  • ويقول أيضًا:

    أما إنه لولا الدموع الهوامع *** علما بان مني ما تجن الأضالع

    وكم هتكت ستر الهوا أعين المها *** وهاجت لي الشوق الديار البلاقع

    خليلي ما لي كلما لاح بارقٌ *** تلظى الحشا وارفضَّ منّي المدامعُ

    هل الأفق في جنبيَّ بالبرق لامعٌ *** أم المزن في جفنيَّ بالودق هامعُ

    ففي القلب من نار الشجون مصايفٌ *** وفي الخد من ماء الشؤون مرابعُ

    وما هاج هذا الشوق إلا مهفهَفٌ *** هو البدرُ أو بدر الدجى منه طالع

    إذا غاب يومًا فالقلوب مغاربٌ *** وإن لاح يومًا فالجيوب مطالعُ

    يضرج خديه الحياء كأنما *** بخدَّيه من فتك الجفون وقائع

    رماني عن قوس المحاجر لحظه *** بسهمٍ غدا من مهجتي وهو وادعُ

    وما زلتُ من ألحاظه متوقيا *** ولكنه ما حُمَّ لابد واقع

  • يقول الشاعر المِرار الفقعسي:

    هَمَمتُ بِأَمرٍ أَن يَكونَ صَريمَةً *** زَماعًا وَأن لا يُدركَ المَهْلَ زاجِرُ

    وَما الفَتكُ بِالأَمرِ الَّذي أَنتَ ناظِرٌ *** بِهِ عاجِزَ الأَصحابِ مِمَّنْ تُؤامِرُ

    وَما الفَتكُ إِلَّا بِالَّذي لَيسَ قَبلَهُ *** إِمارٌ وَلَم تُجمع عَلَيهِ المَشاوِرُ

  • يقول الشاعر القطامي التغلبي:

    جَزى اللهُ خَيرًا والجزاء بكفِّهِ *** بني دارمٍ عن كُلِّ جانٍ وغارِمِ

    هُمُ حملوا رَحلي وأدوا أمانتي *** إِليَّ وردوا فيَّ رِيشَ القوادِمِ

    ولا عَيب فيهم غَير أّنَّ قدورَهم *** على المثل أمثالَ السنينِ الحواطمِ

    وإنَّ مواريثَ الأُلى يرثونَهُ *** مكنوزَ المعالي لا كنوزَ الدراهمِ

    وما ضرَّ منسوباً أبوهُ وأمُّهُ *** إلى دارِمٍ أن لا يكونَ لهاشِمِ

المصادر والمراجع

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تعزيز مشاركة الطلاب في العملية التعليمية

المقال التالي

تركيبات بحر المديد الشعري

مقالات مشابهة