مدخل إلى عالم الفلك
يُعرف علم الفلك بأنه العلم الذي يدرس الأجرام السماوية المختلفة، مثل الكواكب والنجوم والمجرات والمذنبات، بالإضافة إلى دراسة الظواهر التي تحدث خارج الغلاف الجوي للأرض، مثل الإشعاع الكوني الخلفي. يُعتبر علم الفلك من أقدم العلوم التي عرفها الإنسان، حيث ارتبط بالعديد من العلوم الأخرى كالكيمياء، ودراسة حركة الأجسام السماوية، وتطور الكون وتكوينه، وعلم الأرصاد الجوية وغيرها.
حتى اختراع التلسكوب واكتشاف قوانين الحركة والجاذبية في القرن السابع عشر، اهتم علم الفلك بشكل أساسي بمراقبة وتوقع مواقع الكواكب والقمر والشمس، بهدف تحديد أيام السنة وتحقيق الأغراض الفلكية، بالإضافة إلى الملاحة والاهتمامات العلمية. ومع مرور الوقت، توسع علم الفلك ليشمل مجالات متعددة مثل الفيزياء الفلكية ودراسة جزيئات الغاز الموجودة حول النجوم وبينها. على الرغم من التطور الكبير الذي شهده علم الفلك، إلا أنه لا يزال يخضع لبعض القيود الرئيسية، فهو يعتبر نظامًا رصديًا بشكل أساسي وليس علمًا تجريبيًا، مما يعني وجود بعض الصعوبات مثل عدم القدرة على التحكم في عوامل مثل درجة الحرارة والتركيب الكيميائي والضغط، بالإضافة إلى إجراء القياسات على مسافات بعيدة جدًا عن الأجسام المراد دراستها.
الأقسام الأساسية لعلم الفلك
منذ القرن العشرين، انقسم علم الفلك المتخصص إلى قسمين رئيسيين: علم الفلك الرصدي وعلم الفلك النظري. علم الفلك الرصدي هو العلم الذي يختص بجمع البيانات وتحليلها باستخدام المبادئ الأساسية للفيزياء. أما علم الفلك النظري، فهو يهتم بتطوير النماذج التحليلية أو الحاسوبية بهدف وصف الأجرام والظواهر الفلكية. يُعتبر هذان القسمان مكملين لبعضهما البعض، حيث يسعى علم الفلك النظري إلى تفسير نتائج الرصد والملاحظات التي تستخدم بدورها لتأكيد النتائج النظرية.
تصنيف المجالات الفرعية في علم الفلك
ينقسم علم الفلك إلى العديد من المجالات الفرعية للدراسة، ومن بينها:
- علم الفلك الشمسي: يركز هذا المجال على دراسة الشمس، وفهم كيفية تغيرها وتأثير ذلك على كوكب الأرض. يعتمد العلماء في هذا المجال على الأدوات الأرضية والفضائية لإجراء الدراسات المتعلقة بالنجوم، ويُطلق على هؤلاء العلماء اسم علماء الفيزياء الشمسية.
- علم الفلك النجمي: يتناول هذا العلم دراسة النجوم، وكيفية تكوينها وتطورها وموتها. يقوم العلماء بمراقبة النجوم باستخدام جميع الأطوال الموجية، ثم يقومون بتطبيق المعلومات التي تم الحصول عليها لإنشاء نماذج مادية لهذه النجوم.
- علم الفلك الكوكبي: يدرس علماء هذا المجال الكواكب الموجودة داخل وخارج المجموعة الشمسية، بالإضافة إلى دراسة الأجرام الأخرى مثل المذنبات والكويكبات.
- علم المجرة: يدرس علماء المجرة جميع الأجرام والظواهر الموجودة في مجرة درب التبانة، بالإضافة إلى دراسة حركتها وتطورها بهدف فهم كيفية تشكل المجرات.
- علم الكون: يُعرف علم الكون بأنه العلم الذي يدرس الكون بأكمله، وأصله وتطوره منذ لحظة الانفجار العظيم.
- علم الفلك خارج المجرة: يدرس هذا العلم كيفية تكون وتفكك وحركة المجرات الأخرى، واندماجها وتغيرها.
- علم القياسات الفلكية: يُعتبر علم القياسات الفلكية من أقدم المجالات الفلكية، وهو يهتم بالقياسات الخاصة بالشمس والقمر والكواكب، والتي ساعدت العلماء في المجالات الأخرى على التنبؤ بأحداث مثل الخسوف والكسوف، وبناء النماذج المتعلقة بتكوّن النجوم والكواكب وتطورها.
الأهمية الكبيرة لعلم الفلك
يعتبر علم الفلك من المجالات العلمية القليلة التي تتفاعل بشكل مباشر مع المجتمع. تتجلى أهمية هذا العلم في المجالات التالية:
- الصناعة: يساهم علم الفلك في العديد من المجالات الصناعية، مثل التقدم في التصوير والاتصالات. على سبيل المثال، قدم علم الفلك الراديوي ثروة كبيرة من الأجهزة والأدوات المفيدة وأساليب معالجة البيانات.
- الطاقة: يلعب علم الفلك دورًا مهمًا في مجال الطاقة، حيث يمكن استخدام الطرق الفلكية في البحث عن الوقود الأحفوري أو تقييم إمكانية وجود مصادر جديدة للطاقة المتجددة. كما تستخدم التكنولوجيا المصممة لتصوير الأشعة السينية في تلسكوبات الأشعة السينية لمراقبة انصهار البلازما.
- التعاون الدولي: تعتبر الإنجازات التكنولوجية والعلمية من المزايا التنافسية الكبيرة بين الدول، والتي تمنحها فخرًا بامتلاك أحدث التقنيات اللازمة لتحقيق اكتشافات علمية جديدة. يعتبر علم الفلك مجالًا مناسبًا للتعاون الدولي بسبب الحاجة إلى استخدام التلسكوبات حول العالم لرؤية السماء بأكملها، والتكلفة العالية لبناء المراصد الفلكية على الأرض وفي الفضاء، مما يستدعي مشاركة عدة دول في امتلاكها. من الأمثلة على هذه الشراكات المرصد الأوروبي الجنوبي الموجود في تشيلي، والذي يضم العديد من الدول.
- الطب: يفيد علم الفلك في العديد من القضايا المتعلقة بالمجالات الطبية. على سبيل المثال، استخدام أجهزة الاستشعار الحرارية الصغيرة في تسخين وحدات حديثي الولادة، والتي طورت في الأصل للتحكم في درجة حرارة أداة التلسكوب، يعتبر مثالًا على التطبيقات المباشرة للأدوات الفلكية في الطب.
-
علم الفلك في الحياة اليومية: يساهم علم الفلك في جوانب مختلفة من الحياة اليومية، بما في ذلك:
- دراسة المناخ: تستخدم الأقمار الصناعية لمراقبة أنماط الطقس اليومية، وأنماط العواصف والطقس القاسي كالرياح الموسمية، وحرائق الغابات، والجفاف، وغيرها من الأنماط المهددة للحياة.
- التقدم في وسائل السفر: ساهمت محاولات الوصول إلى الفضاء في تقدم وسائل السفر، حيث استفاد مهندسو الطائرات من تعلم استكشافات الفضاء في منع الجليد المتكوّن على الطائرات في الارتفاعات العالية.
- الهواتف النقالة: ساهم علم الفلك في تطوير التقنيات الأسرع والأحدث والأفضل للهواتف الذكية، والتي لن تعمل بدون وجود الأقمار الصناعية التي تؤثر زيادتها حول الأرض على تقليل احتمالية عدم القدرة على استقبال الاتصالات الخلوية في أي مكان.
- تحديد المواقع: استخدم علم الفلك في تحديد المواقع العالمية، حيث تم تطوير نظام تحديد المواقع العالمي GPS، والذي يعتمد على الأقمار الصناعية.
المصادر والمراجع
- Astronomy”,www.sciencedaily.com
- Michael Friedlander, James Evans (2018-11-19),”Astronomy”،www.britannica.com
- John Millis (2018-5-29),”What Is Astronomy and Who Does It?”،www.thoughtco.com
- Nola Redd (2017-9-7),”What is Astronomy? Definition & History”،www.space.com
- Georgia Bladon, Lars Christensen,Marissa Rosenberg, Pedro Russo,”Astronomy in Everyday Life”،www.iau.org
- “Astronomy in Everyday Life”,www.astro4dev.org