استكشاف الفكر العربي: نظرة في كتابات الجابري

تحليل لكتابات محمد عابد الجابري حول العقل العربي. استعراض لأقسام الكتاب وأهدافه، مع التركيز على المنهجية النقدية والآراء المختلفة حول هذه الأعمال الفكرية الهامة.
المحتويات
مقدمة عن المشروع الفكري
نظرة عامة على الكتاب
الجزء الأول: التركيز على المفاهيم
الجزء الثاني: دراسة المكونات
الأهداف الكامنة وراء الكتابة
منهجية الجابري في الكتابة
المرحلة التكوينية للعقل
رؤية الجابري لعمله
وجهات نظر نقدية حول الكتاب
المراجع

مقدمة عن المشروع الفكري

يمثل مشروع المفكر المغربي محمد عابد الجابري جهدًا ثقافيًا ضخمًا يتمحور حول دراسة وتحليل العقل العربي. يتكون هذا المشروع من أربعة أجزاء رئيسية تهدف إلى تقديم نقد شامل ومتعمق للفكر العربي. تشمل هذه الأجزاء:

  • تكوين العقل العربي
  • بنية العقل العربي
  • العقل السياسي العربي
  • العقل الأخلاقي العربي

يعتبر هذا المشروع مرجعًا أساسيًا للباحثين والمهتمين بدراسة الفكر العربي وتطوره.

نظرة عامة على الكتاب

يعتبر كتاب “تكوين العقل العربي” من أوائل الأعمال التي قدمت نقدًا منهجيًا للعقل العربي. يرى الجابري أن النقد هو جزء أساسي من أي مشروع نهضوي. يتتبع الكتاب مراحل تطور العقل العربي ويركز على تحديد المفاهيم الأساسية التي تشكل هذا العقل. بناءً على ذلك، يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين رئيسيين.

الجزء الأول: التركيز على المفاهيم

في هذا الجزء، يركز الجابري على تحديد المفاهيم الأساسية المتعلقة بالعقل العربي. يتناول أسئلة مثل: ما هو المقصود بالعقل العربي؟ ما هي علاقته بالثقافة العربية؟ ما هي طبيعة الحركة في هذه الثقافة وكيف يتحدد زمنها؟

التحدي الذي واجهه الكاتب هو تحديد البداية الزمنية لتشكل العقل والثقافة العربية، وتحديد الإطار الزمني الذي يعود إليه هذا التشكل.

الجزء الثاني: دراسة المكونات

يهتم هذا القسم بتحليل مكونات العقل العربي. يعتمد الجابري على المنهج التكويني ويتتبع مراحل تطور العقل العربي بدءًا من عصر التدوين، الذي يعتبره بداية تشكل العقل العربي. يلاحظ أن الكاتب يتناول أحيانًا العقل العربي وأحيانًا الثقافة العربية، معتبرًا أنهما يحملان نفس المعنى: فالثقافة هي العقل والعقل هو الثقافة.

يعتمد المنهج البنيوي التكويني على دراسة الثقافة في إطارها المعرفي العام، مع عدم فصلها عن المحيط الاجتماعي والأيديولوجي. يحاول الجابري في هذه الدراسة المفصلة الابتعاد عن الذاتية في النقد، ويهدف إلى التحرر مما هو جامد في التراث الثقافي.

الأهداف الكامنة وراء الكتابة

لا يهدف الكتاب إلى كتابة تاريخ للفكر العربي، بل يهدف إلى فهم المراحل التي مر بها العقل العربي منذ عصر التدوين. يرى الجابري أن هناك حاجة ملحة لإعادة كتابة الثقافة العربية، حيث أننا الآن نكرر ما قاله السابقون ونختلف كما اختلفوا، لأن العرب يعتمدون على الفروق والطبقات.

هذا النوع من الثقافة يؤدي إلى خلاف مذموم يؤدي إلى التفرقة والتشرذم. المطلوب هو الدعوة إلى خلق ثقافة تهتم ببناء الرأي وتقديمه.

ويرى أن هذا الأسلوب المعرفي القائم على الطائفية والتعصب هو الذي ورثناه من أجدادنا، فهو قائم على مبدأ المذاهب والطوائف. فبعدما كان الدين هو الذي يجمع المسلمين، أصبحت النظرة الطائفية تفرقهم إلى أقليات، وانعكس هذا الصراع على مستوى الفكر والمعرفة. العقل عند الجابري تكون مع بداية تفسير القران الكريم، وتقعيد اللغة و تأسيس قواعد أصول الفقه.

منهجية الجابري في الكتابة

اعتمد الجابري في هذا الكتاب على المنهج البنيوي، مؤكدًا على ضرورة التعامل مع الموروث الثقافي كبنية داخلية معزولة عن المحيط الاجتماعي. تلاحظ في هذه المنهجية النظر إلى النصوص كإطار لغوي.

ومع ذلك، لا يمكن عزل النصوص عن المؤثرات الخارجية. ينبغي التعامل مع هذا التراث دون نزعة طائفية ضيقة، لأن العيب ليس في التراث وإنما في النظرة المسبقة التي يحملها القارئ عن هذا التراث.

المرحلة التكوينية للعقل

إن حصر الجابري لمرحلة تكوين العقل العربي ابتداءً من عصر التدوين يقلل من قيمة العقل العربي ويحد من قدراته، فالإسلام لم يرفض كل ما قبله بل اعتمد على الجانب النَّير في العقل العربي القديم، حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أعجب بقصائد لشعراء الجاهلية، كما أنَّه لم يلغ بعض القيم الأخلاقيَّة و السلوكيات الجميلة وحافظ عليها ورعاها.

غير ان النقطة الفاصلة الَّتي تفصل القديم و الجديد في العقل العربي هي مرحلة نزول القران الكريم، حيث إنَّه سطر نوعاً جديداً من الفكر والمعرفة وعقليَّة جديدة بشكله ومضمونه وأعطى الانطلاقة الحقيقية لإعمال العقل العربي أما مرحلة التدوين فهي مترتبة عن مرحلة نزول القران الكريم.

ولو افترضنا أنًّ مرحلة التَّدوين هي بداية تشكيل وتكوين العقل العربي فإنَّ التَّدوين بدأ في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أنَّ القرآن كان ينزل منجما وكان الصحابة يدونونه وقت نزوله، صحيح أنَّه في القرن الثَّالث الهجري كان هناك ازدهار ثقافي وحضاري لكنَّ هذا الانفتاح على ثقافة الشعوب الأخرى وخاصة الفكر الفارسي والهندي والفلسفة اليونانيّّة المترجمة في بيت الحكمة أو غيره من المراكز العلمية حينذاك.

كان لهذا الانفتاح أثر سلبي على الثقافة الإسلامية، لأنَّ المنطق الأرسطي في اعتقادي أثبت فشله في اليونان وانتهى بنهاية الحضارة اليونانية, فالمادة مثلاً عند أرسطو تتكون من عناصر والعقل العربي الإسلامي أصبح يعرف الذرة أو أقل منها كما جاء في القرآن الكريم وجابر بن حيان الفيزيائي المعروف قال في ذلك الوقت أنَّه بإمكان الذَّرة تفجير بغداد، إذاً ما وجه المقارنة بين الفكر الأرسطي والفكر الإسلامي.

الجابري ينطلق في هذا الكتاب من مسلمة أساسيَّة هي أن أي تقدم لا يمكن أن يتم إلا إذا قمنا بنقد علمي للعقل العربي وأنَّ النهضة العربية لا تقوم إلا إذا شرحنا العقل العربي منذ القديم وعرفنا مكامن القوة ومكامن الضعف فيه وقمنا بمحاولة إصلاح الخلل الَّذي يُعيق التَّقدم الحضاري والمعرفي لهذه الأمة الَّتي طال سُباتها .

رؤية الجابري لعمله

يرى الجابري أن الكتاب هو محاولة أولى على الطريق لبداية نقد العقل العربي، الذي كان من المفترض أن نكون قد انتهينا من نقده منذ سنوات طويلة. يعتبر أن القراءات النقدية السابقة كانت موجهة (استشراقية، سلفية، قومية) وأن قراءته النقدية للعقل العربي بنيوية بعيدة عن الذات الدارسة.

لكن، يرى البعض أنه من غير المعقول أن يتمكن الإنسان من عزل ذاته عن الموضوع أثناء دراسة الموروث الثقافي، خاصة وأن المنهج الذي اعتمده الجابري هو المنهج البنيوي التكويني، والبنيوية التكوينية منهج ماركسي يؤمن بالجدل المادي والتاريخي وصراع الطبقات.

وجهات نظر نقدية حول الكتاب

على الرغم من اعتبار كتاب تكوين العقل العربي من أهم المشاريع الفكرية؛ إلّا أنَّه انقسمت الآراء فيه ما بين مؤيدة ومُخالِفة لأفكاره، ومنها على سبيل المثال:

  • رأي أستاذ الدراسات الإسلامية رضوان السيد، الَّذي رأى بمشروع الجابري جهد عظيم وكبير، حاول من خلاله الإحاطة بجميع النَّواحي الفكريَّة والثقافية.
  • رأي أستاذ الفلسفة والباحث في الفكر العربي، وانتقاده له باعتباره المغرب العربي أكثر عقلانية من المشرق، ووصفه بالانحياز للمغرب العربي.
  • رأي جورج طرابيشي الَّذي كان يستطرد بشرح أفكار الجابري في كتابه (نقد العقل العربي)، ويُعد الطرابيشي من أهم منتقديه.

المراجع

سيتم إضافة المراجع هنا لاحقًا.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

التركيب الذري: نظرة شاملة

المقال التالي

كيفية نشأة المعادن

مقالات مشابهة