الافتتاحية القتالية للمعركة
بدأ القائد الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه، معركة اليرموك بأسلوب المبارزة الفردية، حيث كان ينتقي أبطالاً من صفوف المسلمين ممن يتمتعون بمهارات قتالية عالية ويطلب منهم التقدم للمبارزة. أسفرت هذه الجولة الأولى عن استشهاد أربعة من المسلمين الأبطال ومقتل خمسة من جنود الروم. بعد هذه المناوشات، أدرك خالد بن الوليد رضي الله عنه أن جيشه كان يواجه تفوقًا عدديًا كبيرًا، حيث كان تعداد جيش المسلمين حوالي 33 ألف مقاتل مقارنة بجيش الروم الذي بلغ حوالي 200 ألف مقاتل، مما استدعى تغييرًا في الخطة الأصلية.
اعتمد قائد الروم على تفوقه العددي بشكل كبير، وكان واثقًا من تحقيق النصر لدرجة أنه لم يضع قوات احتياطية في الخلف. لكن النتائج جاءت مخالفة لتوقعاته. بالمقابل، تميزت استراتيجية خالد بن الوليد رضي الله عنه برؤية شاملة ومرونة في التعامل مع مختلف الاحتمالات.
التعديل الاستراتيجي للخطة
لم يكترث خالد بن الوليد رضي الله عنه للفارق العددي، بل قام بوضع خطة جديدة تقوم على استفزاز القوات الرومانية ودفعها للخروج من مواقعها الدفاعية المحصنة. بالإضافة إلى ذلك، قام بتشكيل قوة احتياطية من الفرسان ووضعها خلف الميمنة والميسرة، وقوة احتياطية أخرى خلف مركز المعركة، وذلك بهدف ممارسة الضغط على قوات العدو.
كان الهدف من هذا التقسيم هو توفير الحماية للمقاتلين. حيث تمركز خالد بن الوليد رضي الله عنه في الميمنة، وقيس بن هبيرة في الميسرة. ثم أمر أبا عبيدة رضي الله عنه بالعودة إلى مؤخرة الجيش بعد أن كان في قلب المركز، وذلك بهدف تشجيع المنهزمين على العودة إلى القتال عند رؤيته. وأمر النساء بقتل أي عدو يحاول الاقتراب منهن.
نجحت خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه نجاحًا باهرًا. فقد نجح في فصل الفرسان عن المشاة من الجنود الروم، مما أدى إلى زعزعة صفوفهم وإحداث فوضى كبيرة. سمح هذا التكتيك للفرسان بالهروب من المنفذ الوحيد المتاح لهم، مما أدى إلى بقاء المشاة فقط في ساحة المعركة، فانقض عليهم المسلمون وهزموهم شر هزيمة. تعتبر هذه الحركة من أبرز وأذكى التحركات التي قام بها خالد بن الوليد رضي الله عنه في هذه المعركة.
آلية تقسيم الجيش
قام خالد بن الوليد رضي الله عنه بتقسيم الجيش الإسلامي إلى ثمانية وثلاثين جزءًا، وأطلق على كل جزء اسم “كردوس”، والكردوس هو الوحدة الكبيرة من الجيش. كان خالد بن الوليد القائد العام للجيوش، وقسم الجيش إلى أربعة أرباع، وكانت هناك إدارة عليا تضم عمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهم.
كانت مهمة القادة الأربعة هي تلقي الأوامر من القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه وإبلاغها للجيش ومناقشتهم في الخطة. لم يكونوا من الجنود المقاتلين في المعركة، بل كانت وظيفتهم تنظيم الخطة ونقل الأوامر إلى الجيش. تولى عمرو بن العاص قيادة الميمنة، وتولى شرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة قيادة المركز، وتولى يزيد بن أبي سفيان قيادة الميسرة.
المصادر
- “اليرموك: اليوم الثاني”،قصة الإسلام، 1/5/2006، تم الاطلاع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
- محمد سهيل طقوش،تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، صفحة 260. بتصرّف.
- “البداية والنهاية – وقعة اليرموك”،إسلام ويب، تم الاطلاع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.
- “مباحثات ما قبل اليرموك”،قصة الإسلام، 1/5/2006، تم الاطلاع عليه بتاريخ 27/1/2022. بتصرّف.