استراتيجيات تعزيز إنتاج المادة العضوية

طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية المادة العضوية. استكشاف العوامل الأساسية التي تؤثر على إنتاج الكتلة الحيوية. تطبيقات الكتلة الحيوية في توليد الطاقة. مزايا الاعتماد على الكتلة الحيوية كمصدر متجدد للطاقة.

مقدمة

تواجه البشرية تحديات متزايدة في توفير مصادر طاقة مستدامة ونظيفة. تُعد الكتلة الحيوية خيارًا واعدًا، لكن زيادة إنتاجيتها بكفاءة أمر بالغ الأهمية. يستكشف هذا المقال طرقًا لتحسين إنتاج الكتلة الحيوية، والعوامل المؤثرة فيها، وتطبيقاتها في إنتاج الطاقة، بالإضافة إلى مزاياها وعيوبها.

سبل تحسين إنتاج الكتلة الحيوية

يمكن تعزيز إنتاج الكتلة الحيوية للأشجار الخشبية في الغابات عن طريق الاستعانة بالتكنولوجيا الحيوية وتعديل الجينات المسؤولة عن نمو الفروع. يتم ذلك بتحفيز الفروع الجانبية على التبرعم والنمو مباشرة في السنة الأولى من عمر النبات، دون الدخول في فترة سكون حتى الربيع التالي، مما يزيد من عدد الفروع والأوراق وبالتالي الكتلة الحيوية.

بهذه الطريقة يزداد نمو النباتات بشكل عام، مما يؤدي إلى زيادة الكتلة الحيوية الناتجة دون التأثير على قدرتها على إنتاج الغذاء للبشر. ويمكن لهذه التكنولوجيا أيضا أن تقلل من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، وتعزيز أمن الطاقة.

تُعتبر الطحالب مصدراً واعداً لإنتاج الكتلة الحيوية التي يمكن تحويلها إلى طاقة. ومع ذلك، يمكن أن تنافس الطحالب الكائنات الحية الأخرى على الماء والضوء، وتكلفة إنتاج الطاقة منها لا تزال مرتفعة. يسعى الباحثون في جامعة جورجيا للتغلب على هذه المشكلة عن طريق تنمية طحالب مجهرية في أنظمة البرك المفتوحة، وزيادة إنتاجيتها باستخدام منشطات نمو منخفضة التكلفة، خاصة عند استخدام المغذيات الدقيقة التي تدعم نمو وتكاثر الطحالب الدقيقة. تشير النتائج الأولية إلى أن هذه الطريقة تؤدي إلى زيادة إنتاج الكتلة الحيوية بنسبة تصل إلى 138٪.

من الحلول الأخرى التي تزيد من كفاءة استخدام الكتلة الحيوية لإنتاج الطاقة:

  • استغلال بعض النباتات العشبية المعمرة التي تنمو دون الحاجة إلى إعادة زراعتها، مثل الثمام العصوي (Switchgrass) الذي ينمو بكثرة في السهول الكبرى، ويتميز بأنه يعيد العناصر الغذائية إلى التربة، مما يعزز نمو الموسم التالي.
  • استغلال النباتات التي تعيش في بيئات لا تتمكن المحاصيل الزراعية من العيش فيها، مثل أشجار الحور التي لديها القدرة على العيش في التربة السامة، نظراً لقدرتها على التخلص من الملوثات.
  • إنتاج سلالات من النباتات التي تتمكن من مقاومة الجفاف والملوحة العالية.

المحددات المؤثرة في إنتاج الكتلة الحيوية

تساعد معرفة العوامل التي تؤثر على إنتاج الكتلة الحيوية ودراستها في إيجاد أفضل الطرق لتحسين إنتاجها. هناك عدة عوامل تؤثر بشكل كبير على الكتلة الحيوية في النباتات، وأهم هذه العوامل هي:

  • توافر مغذيات التربة: يؤثر نقص المغذيات في التربة سلباً على الكتلة الحيوية وعلى إنتاج الثمار. التحكم في كمية المغذيات وفق مستوياتها المثلى يساهم في زيادة الكتلة الحيوية وبالتالي تحسين الإنتاج، وتعد عملية التسميد أكثر الطرق شيوعاً من أجل تحسين مغذيات التربة.
  • رطوبة التربة: تكمن أهمية مستويات رطوبة التربة في التأثير على نمو جذر النبات، وهذا بالتالي يؤثر على عملية امتصاص المغذيات من التربة. العديد من النباتات تكون أكثر حساسية تجاه نقص الرطوبة في التربة خلال مرحلة معينة من نموها كما في أشجار الزيتون، إذ يؤدي نقص الرطوبة في التربة إلى التأثير سلباً على الكتلة الحيوية والإنتاج.
  • درجة حرارة التربة: تؤثر درجة التربة على نمو الجذر وبالتالي على مستويات امتصاص المياه والمغذيات. إذا كانت درجة الحرارة مناسبة لنمو الجذر جيداً تحسن امتصاص المغذيات والمياه ويؤدي ذلك بدوره إلى تحسين الكتلة الحيوية.
  • درجة حرارة الهواء: تؤثر درجة حرارة الهواء كثيراً على عملية البناء الضوئي في النبات، وهي أهم الوظائف الفيسيولوجية عند النباتات، وتختلف درجة الحرارة المثلى للهواء وفقاً لنوع النبات وصنفه.
  • رطوبة الجو: يسرع انخفاض رطوبة الجو عملية النتح على سطح ورقة النبات، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض المخزون المائي في النبات الذي يؤدي إلى انخفاض الكتلة الحيوية بسبب انخفاض معدل النمو في النبات.
  • فترة الإضاءة: تؤثر مدة الإضاءة خلال اليوم على الكتلة الحيوية لأنها تؤثر مباشرة على النمو الخضري.
  • شدة الإضاءة: يعد الضوء إلى جانب غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من أهم العوامل التي تؤثر على معدلات البناء الضوئي. زيادة الضوء إلى حده المثالي يؤدي إلى تحقيق الحد الأعلى من عملية البناء الضوئي، وبالتالي زيادة الكتلة الحيوية.

استخدام الكتلة الحيوية في إنتاج الطاقة

يمكن حرق الكتلة الحيوية مباشرة لإنتاج الطاقة الحيوية، كما يحدث عند حرق الأخشاب والقمامة، واستخدامها في محطات توليد الكهرباء. يمكن أيضاً تحويل الكتلة الحيوية قبل حرقها إلى أشكال أخرى، منها الغاز الحيوي الذي ينتج من تحلل الورق وفضلات الطعام والنفايات في مدافن النفايات، وأيضاً عن طريق معالجة مياه الصرف الصحي وروث الحيوانات في أوعية خاصة تسمى الهاضمات (digesters).

ويمكن تحويل الكتلة الحيوية إلى وقود حيوي سائل. على سبيل المثال، يمكن تخمير محاصيل الذرة وقصب السكر لتحويلها إلى وقود الإيثانول الذي يتم حرقه لتسيير المركبات. كما يمكن تحويل الزيوت النباتية والدهون الحيوانية إلى وقود الديزل الحيوي المستخدم كوقود في المركبات أو كزيت للتدفئة.

منافع استخدام الكتلة الحيوية كمصدر بديل للطاقة

يرى الكثير من المهتمين بشؤون البيئة أن الطاقة الناتجة من استخدام الكتلة الحيوية كوقود أقل ضرراً بالبيئة من الوقود الأحفوري. على الرغم من أن كلا الوقودين يحرران كربوناً على شكل ثاني أكسيد الكربون أو على شكل الميثان عند حرقهما، إلا أن الوقود الحيوي يحتوي على كربون أُزيل حديثاً من جو الأرض، ولا يخل وجوده كثيراً بتوازن الغازات في البيئة.

توجد طرق تجريبية تعرف باسم (التغويز) لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى أول أكسيد الكربون المستخدم أيضاً كوقود، مما يعني عدم إطلاق أية نفايات ضارة من ثاني أكسيد الكربون. أما الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري، فهو يحتوي على كربون كان مخزناً لملايين السنين، وإطلاقه يوجد فائضاً في جو الأرض، ويساهم في حدوث التغيرات المناخية وتكون الضباب الدخاني. من جهة ثانية، لا تنتج عن حرق الوقود الحيوي سموم، بينما تنتج عن حرق الوقود الأحفوري بعض السموم، مثل: الكبريت والزئبق.

من الإيجابيات الأخرى لإنتاج الطاقة من الكتلة الحيوية: إنعاش الاقتصاد الزراعي المحلي، وجذب بعض الحشرات المفيدة التي تساعد على مكافحة الآفات الزراعية، وبالتالي تقلل من الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية. يمكن أيضاً تقليل تكلفة إنتاج الطاقة وزيادة كفاءتها باستخدام الميكروبات المصنعة لتسريع عملية تخمر المحاصيل للحصول على الإيثانول.

تحديات استخدام الكتلة الحيوية كمصدر للطاقة

على الرغم من الإيجابيات العديدة لاستخدام الكتلة الحيوية كمصدر للوقود الحيوي، إلا أنها كغيرها من مصادر الطاقة، لديها بعض السلبيات، منها:

  • استغلال البشر للأراضي والمصادر الأخرى لزراعة المحاصيل التي يمكن تحويلها إلى وقود حيوي، بدلاً من زراعة المحاصيل الغذائية، بالإضافة إلى لجوء البعض إلى تحويل بعض المحاصيل الغذائية، مثل الذرة إلى وقود، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق.
  • الإخلال بالأنظمة البيئية، إذ يلجأ البعض إلى قطع الغابات لاستبدالها بأشجار يمكن استغلالها لإنتاج الطاقة. من الأمثلة عليها قطع الغابات في ماليزيا لزراعة أشجار النخيل التي يمكن تحويل زيتها إلى وقود. الأصناف التي يتم إدخالها إلى بيئات جديدة قد تؤدي إلى الإضرار بالأنواع الأصلية في المنطقة. من الأمثلة على ذلك زراعة القصب أو الغاب العملاق الذي أدى إلى ابتلاع مناطق الأراضي الرطبة الاستوائية (إيفرجلاد) في ولاية فلوريدا، وعمل على خنق ممراتها المائية.
  • استهلاك المحاصيل التي تستخدم لإنتاج الطاقة لكمية كبيرة من الماء والأسمدة.

قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: 99]

Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

تطوير القدرات الصوتية للغناء

المقال التالي

الأقسام الأكاديمية بكلية الآداب جامعة عين شمس

مقالات مشابهة