استراتيجيات الدفاع النفسي: نظرة معمقة

أكثر آليات الدفاع النفسي انتشاراً

تُعد آليات الدفاع النفسي بمثابة سلوكيات وقائية يلجأ إليها الأفراد الذين يواجهون مواقف مؤلمة أو ضغوط نفسية، وذلك بهدف فصل أنفسهم عن الأحداث، الأفعال أو الأفكار التي تسبب لهم الانزعاج. تساهم هذه الآليات في إبعاد الشخص عن المشاعر غير المستحبة مثل الشعور بالذنب أو العار، وتعتبر جزءاً طبيعياً من النمو النفسي. وقد انبثقت هذه الفكرة من نظرية التحليل النفسي. فيما يلي أبرز آليات الدفاع الشائعة بين الناس:

الإنكار

تتجلى هذه الآلية في رفض الشخص الاعتراف بالحقيقة أو مجموعة من الحقائق. يقوم الفرد هنا بإبعاد الأحداث والظروف الخارجية عن وعيه لتجنب التعامل مع تأثيرها العاطفي، أي تجنب الأحداث المؤلمة. يعتبر الإنكار من أكثر آليات الدفاع شيوعاً.

الكبت

وهو إخفاء الأفكار غير المرغوب فيها، الذكريات المؤلمة والمعتقدات التي قد تزعج الفرد، أملاً في نسيانها. تجدر الإشارة إلى أن هذه الذكريات المكبوتة قد تؤثر على السلوك والعلاقات المستقبلية، على الرغم من إخفائها.

الإسقاط أو التوقع

يحدث هذا عندما ينسب الفرد أفكاره أو مشاعره الخاصة إلى شخص آخر. على سبيل المثال، قد يكره الشخص زميله في العمل، ولكن لأنه لا يتقبل هذا الشعور، يوهم نفسه بأن زميله هو من يكرهه.

الإزاحة

هي توجيه المشاعر والإحباطات نحو شخص أو شيء لا يمثل تهديداً، مما يوفر إشباعاً للدافع الداخلي دون التعرض لعواقب وخيمة. مثال على ذلك، قد يغضب الشخص من زوجته بسبب يوم عمل عصيب، حيث تكون ردة فعله أقل حدة مما لو كان قد رد على مديره في العمل.

التراجع

يلجأ الأفراد إلى هذا الأسلوب للهروب من الشعور بالتهديد أو القلق دون وعي منهم. يعتبر هذا النوع من الآليات شائعاً بين الأطفال الصغار، حيث يعودون إلى سلوكيات أصغر سناً عند تعرضهم لصدمة. يمكن للبالغين أيضاً التراجع، مثل النوم مع حيوانات محشوة.

التبرير

يسعى الأفراد من خلال هذه الآلية إلى شرح سلوكيات غير مرغوب فيها من خلال حجج تبدو منطقية، مما يجعلهم يشعرون بالراحة تجاه خياراتهم حتى لو كانوا يعلمون أنها غير صحيحة. مثال على ذلك، قد يبرر الأشخاص غضبهم من عدم إكمال زملائهم للعمل بحجة أنهم متأخرون.

التسامي

هو إعادة توجيه المشاعر نحو شيء أو نشاط يشعر المرء بأنه آمن، وتعتبر هذه الاستراتيجية إيجابية. على سبيل المثال، يمكن توجيه الغضب الناتج عن التعامل مع الموظفين إلى عمل فني.

تكوين ردة الفعل

يقوم الأفراد هنا باختيار وسيلة للتصرف بعكس غرائزهم. على سبيل المثال، قد يختار الشخص عدم التعبير عن غضبه والرد بطريقة إيجابية.

آليات دفاعية أخرى في علم النفس

• التجزئة (Compartmentalization): فصل جوانب الحياة لحمايتها. على سبيل المثال، عدم مناقشة الحياة الشخصية في العمل.
• التفكير العقلي (Intellectualization): مواجهة الأوقات العصيبة من خلال إزالة المشاعر والتركيز على الحقائق. على سبيل المثال، إنشاء جداول بيانات لفرص العمل بعد فقدان الوظيفة.
• التبدد (Dissociation): فقدان الإحساس بالوقت، وتبني شخصية أخرى للاستمرار في اللحظة الراهنة.
• التعويض (Compensation): التركيز على نقاط القوة وإدراك أنه لا يمكن الإلمام بكل شيء. على سبيل المثال، القول بأن الشخص لا يعرف الطبخ ولكنه يجيد غسل الأطباق، مما يعزز احترامه لذاته.
• التوكيد (Assertiveness): التعامل بحزم وصراحة دون عدوانية. يعتبر التوكيد مهارة مرغوبة وآلية دفاعية يسعى الكثيرون لتعلمها.
• الخيال (Fantasy): استخدامه كوسيلة للهروب من الواقع.
• المزاح (Humor): اعتبر جورج فيلانت الفكاهة أسلوباً دفاعياً ناضجاً يساعد في التكيف مع المواقف.

التمييز بين آليات الدفاع الناضجة والبدائية

تعتبر آليات الدفاع الناضجة مفيدة للبالغين حيث تساعدهم على أن يكونوا بناءين في بيئتهم وأكثر سلاماً مع أنفسهم والآخرين. أما الآليات البدائية، فلا تحل المشكلات الرئيسية. على الرغم من فوائد الآليات الناضجة، إلا أنها تحتاج إلى التدريب والممارسة لاستخدامها بشكل صحيح.

استراتيجيات الدفاع النفسي لخفض القلق

فيما يلي بعض الآليات المستخدمة لتقليل القلق:

• التصرف (Acting Out): التعامل مع التوتر من خلال القيام بأشياء أخرى بدلاً من الاعتراف بالمشاعر الحقيقية. على سبيل المثال، الصراخ على صديق بدلاً من الاعتراف بالغضب.
• تحويل الهدف (Aim Inhibition): قبول شكل آخر معدل من الهدف. على سبيل المثال، أن تصبح مدرباً لكرة السلة في المدرسة بدلاً من أن تصبح رياضياً محترفاً.
• التجنب (Avoidance): رفض التعامل مع المشكلة أو مواجهتها. على سبيل المثال، تجنب مناقشة المشكلة بدلاً من حلها.