مقدمة عن تطبيقات الهندسة الوراثية الطبية
تعتبر الهندسة الوراثية أداة قوية ذات تطبيقات واسعة النطاق في مختلف المجالات، بما في ذلك الطب، والزراعة، والصناعة. يمكن الاستفادة من هذه التقنيات في تعديل النباتات، والحيوانات، والكائنات الحية الدقيقة لتحقيق فوائد متعددة. في هذا المقال، سنستعرض بعض الاستخدامات الهامة للهندسة الوراثية في المجال الطبي، والتي ساهمت في تحسين الرعاية الصحية وعلاج الأمراض.
تصنيع الأنسولين
الأنسولين هو هرمون ضروري لتنظيم مستويات السكر في الدم، ويتم إنتاجه في البنكرياس. الأشخاص الذين يعانون من داء السكري من النوع الأول يواجهون نقصًا في إنتاج الأنسولين، مما يستدعي الحاجة إلى حقن الأنسولين لتعويض هذا النقص والحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي.
لقد أحدثت الهندسة الوراثية ثورة في إنتاج الأنسولين، حيث تم تطوير طرق لإنتاج أنسولين مطابق تقريبًا للأنسولين البشري. يتم ذلك باستخدام بكتيريا E. coli المعدلة وراثيًا لإنتاج كميات كبيرة من الأنسولين. تم ترخيص الأنسولين المنتج بهذه الطريقة للاستخدام البشري في عام 1982، مما وفر حلاً فعالاً وآمناً لملايين المرضى حول العالم.
أساليب العلاج الجيني
يمثل العلاج الجيني أحد التطبيقات الواعدة للهندسة الوراثية، حيث يهدف إلى علاج الأمراض الوراثية عن طريق إدخال جينات سليمة إلى خلايا المرضى لتعويض الخلل الجيني الموجود.
تمت الموافقة على استخدام العلاج الجيني في العديد من التجارب السريرية لعلاج أمراض مختلفة، مثل التليف الكيسي، وضمور العضلات. وقد يساهم العلاج الجيني في المستقبل في علاج الأمراض الوراثية المستعصية، مثل الهيموفيليا.
تعتمد هذه التقنية على استخدام فيروسات معدلة وراثيًا لنقل الجينات الوظيفية الجديدة إلى خلايا المرضى الذين يعانون من نقص في إنتاج هرمونات أو بروتينات معينة ضرورية لأداء وظائف الجسم بشكل طبيعي.
تطوير اللقاحات
تعتبر اللقاحات من أهم إنجازات الهندسة الوراثية في المجال الطبي، حيث يتم استخدام تقنية الحمض النووي المؤتلف لإنتاج لقاحات فعالة ضد الأمراض المعدية.
تحتوي اللقاحات على شكل ضعيف أو غير نشط من الكائنات الحية المعدية، مما يحفز الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة واقية ضد هذه الكائنات. يتم تحضير اللقاحات عن طريق عزل المستضد أو البروتين الموجود على سطح الجزيئات الفيروسية.
يتم إنتاج عدد من اللقاحات باستخدام تقنية استنساخ الجينات، مثل اللقاحات المستخدمة ضد التهاب الكبد الفيروسي، وفيروس الهربس البسيط، ومرض الحمى القلاعية.
تكوين عوامل تخثر الدم
تحدث النوبات القلبية نتيجة انسداد الشرايين التاجية، والذي قد يكون ناتجًا عن ارتفاع الكوليسترول أو تكون جلطة دموية. البلازمينوجين هو مادة موجودة في جلطات الدم، وباستخدام الهندسة الوراثية، تم إنتاج البروتين المنشط للبلازمينوجين.
يعمل هذا البروتين على إذابة جلطات الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من النوبات القلبية، وقد يكون فعالاً لدرجة أنه يمكن أن يوقف النوبة القلبية أثناء حدوثها.
الليمفوكينات ودورها
الليمفوكينات هي بروتينات تنظم جهاز المناعة في جسم الإنسان. الإنترفيرون هو مثال على هذه البروتينات، ويستخدم في مكافحة الأمراض الفيروسية مثل التهاب الكبد والهربس ونزلات البرد.
يتم تصنيع هذه الأدوية في خلايا بكتيرية بكميات كبيرة باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، مما يجعلها متاحة على نطاق واسع وبتكلفة معقولة.