استبراء النجاسة والتهيؤ للوضوء: أحكام وضوابط

تعرف على أحكام الاستبراء من النجاسة قبل الوضوء، وحالات وجوب دخول الخلاء، وحكم الوضوء في الحمام، وفقاً للشريعة الإسلامية.

مقدمة

الوضوء هو شرط أساسي لصحة الصلاة، وهو عبادة تطهر المسلم ظاهراً وباطناً. ومن الأمور التي قد تشغل بال الكثيرين هي الأحكام المتعلقة بدخول الخلاء قبل الوضوء، وما إذا كان الاستنجاء شرطاً لصحة الوضوء أم لا. هذا المقال سيوضح هذه الأحكام بناءً على آراء الفقهاء.

حكم دخول الخلاء قبل الوضوء

الاستنجاء ليس شرطاً من شروط صحة الوضوء، بل هو لإزالة النجاسة. فإذا لم يكن على الإنسان نجاسة في القبل أو الدبر، فإنه يجوز له الوضوء دون الحاجة لدخول الخلاء. أما إذا كانت هناك نجاسة، فيجب إزالتها لتصح الصلاة، وليس الوضوء فقط.

ذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى أن دخول الخلاء للاستنجاء قبل الوضوء هو من السنن المتعلقة بالوضوء. فإذا أخّر الإنسان الاستنجاء إلى ما بعد الوضوء، فقد فاته أجر السنة. وذهب المالكية إلى أن الاستنجاء ليس من سنن الوضوء، ويمكن تقديمه أو تأخيره. وفي قول آخر عند بعض الحنابلة، فإن دخول الخلاء للاستنجاء قبل الوضوء هو شرط لصحة الصلاة، فلو توضأ المسلم ثم استنجى وأزال النجاسة، لم تصح صلاته.

ويرى الشافعية أن من كان مصاباً بمرض السلس أو غيره، يجب عليه تقديم الاستنجاء على الوضوء.

والأفضل للمسلم أن يستنجي قبل وضوئه للخروج من الخلاف، وليكون في مأمن من انتقاض طهارته. ولدى الحنابلة قولان: الأول يجيز الوضوء قبل الاستنجاء، والثاني لا يجيزه، والأصح عندهم جواز الوضوء قبل الاستنجاء. وإذا استنجى بعد الوضوء، فلا يمس فرجه بيديه بل يجعل بين يده وفرجه حائلاً، وهو قول للشافعية، لأن إزالة النجاسة ليست شرطاً لصحة الوضوء، كما لو كانت على غير السبيلين.

وإن انتقض وضوء الشخص في أثناء الوضوء، فيجب عليه الإعادة، ولا يلزمه غسل فرجه مرة أخرى إلا إذا خرج منه شيء محسوس على اليقين.

الحالات التي تستلزم دخول الخلاء قبل الوضوء

يلزم الإنسان دخول الخلاء للاستنجاء قبل وضوئه في حالة وجود نجاسة على قبله أو دبره، كشيء من البول أو الغائط، لأن إزالة النجاسة شرط لصحة الصلاة وليس لصحة الوضوء.

أما إذا كان على الإنسان حدث أكبر، فيجب عليه الغسل.

وإذا كان الإنسان قد استنجى قبل الوضوء ثم بعد ذلك أراد الوضوء، فلا يلزمه الدخول إلى الخلاء والاستنجاء مرة أخرى.

فالاستنجاء يكون في حالة خروج البول أو الغائط، أما عند خروج الريح، فلا يجب الاستنجاء منه.

حكم الوضوء في داخل الخلاء

يجوز الوضوء داخل الخلاء، والأفضل أن يتوضأ الإنسان خارجه. وإذا توضأ داخله، فيجب مراعاة الابتعاد عن النجاسة.

ويكره الوضوء داخل الخلاء لأنه من الأماكن التي يكره فيها ذكر الله تعالى. وقد ذهب جمهور العلماء إلى استحباب التسمية في أول الوضوء، فالأفضل الوضوء خارج الخلاء.

المراجع

  1. “هل يجوز الوضوء بدون دخول حمام بعد النوم؟”, دائرة الإفتاء العام الأردنية
  2. الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، جزء 4، صفحة 115.
  3. محيي الدين النووي، المجموع شرح المهذب، دمشق: دار الفكر، جزء 2، صفحة 110.
  4. موفق الدين ابن قدامة (1388هـ)، المغني، القاهرة: مكتبة القاهرة، جزء 1، صفحة 82.
  5. ابن عثيمين، فتاوى نور على الدرب، جزء 7، صفحة 2.
  6. ابن باز، مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، جزء 29، صفحة 91.
  7. ابن عثيمين (1413هـ)، مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (الطبعة الأخيرة)، الرياض: دار الوطن، جزء 11، صفحة 113.
  8. أسامة علي سليمان، تفسير القرآن الكريم، جزء 9، صفحة 19.
  9. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع، جزء 5، صفحة 256.
  10. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009م)، فتاوى الشبكة الإسلامية، جزء 11، صفحة 1115.

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا” (المائدة: 6)

وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ”.

Total
0
Shares
المقال السابق

ضوابط دخول المرأة الحائض إلى المسجد النبوي وأماكن العبادة

المقال التالي

آراء العلماء في زيارة الكنائس

مقالات مشابهة

كفارة الإفطار في رمضان: دليل شرعي وتوضيح للأحكام

تُبيّن هذه المقالة الأدلة الشرعية لكفارة الإفطار في رمضان، وتشرح أحكام كفارة الفطر ونوعها، وتستعرض أحكام الصيام ومفطراته، مُستندة إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
إقرأ المزيد