جدول المحتويات
الرأي الشرعي في قص الأظافر قبل الذبح
يُستحب للمسلم الذي يعتزم تقديم الأضحية أن يمتنع عن قص أظافره بمجرد رؤية هلال شهر ذي الحجة. وقد تعددت آراء العلماء والفقهاء حول حكم قص الأظافر قبل القيام بذبح الأضحية، ويمكن تلخيصها في الرأيين التاليين:
الرأي الأول: التحريم
يرى أصحاب هذا الرأي أنه يحرم على من نوى الأضحية، عند رؤية هلال شهر ذي الحجة، أن يزيل شيئًا من شعره أو أن يقص أظافره. وقد تبنى هذا الرأي الحنابلة وبعض الشافعية، بالإضافة إلى ابن حزم وابن القيم، ومن المعاصرين الشيخ ابن عثيمين.
وقد استدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-:
“(مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ)”
ويعتبر هذا الحديث نهيًا صريحًا، والأصل في النهي أنه يدل على التحريم، ويجب تقديمه على الأدلة العامة الأخرى.
الرأي الثاني: الكراهة
يرى أصحاب هذا الرأي أنه يكره للمضحي أن يقص أظافره أو يأخذ من شعره حتى يذبح أضحيته. وقد تبنى هذا الرأي المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة. واستدلوا بالجمع بين قولين للنبي -عليه الصلاة والسلام-:
“(مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ)”
وقوله:
“(فَقالَتْ عَائِشَةُ -رَضيَ اللهُ عنها-: ليسَ كما قالَ ابنُ عَبَّاسٍ؛ أنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيَدَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بهَا مع أبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ علَى رَسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- شَيءٌ أحَلَّهُ اللَّهُ له حتَّى نُحِرَ الهَدْيُ)”
يشير الحديث الثاني إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يحرم على نفسه شيئًا بإرساله للهدي، والإرسال بالهدي أبلغ من الأضحية. ولو كان هذا الأمر محرمًا أو منهيًا عنه، لما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-. وتعتبر الأضحية صحيحة حتى لو قصّ الشخص أظافره أو أخذ شيئًا من شعره خلال العشر الأوائل من شهر ذي الحجة.
الدوافع وراء النهي عن قص الشعر والأظافر للمضحي
هناك عدة أسباب وحِكم لعدم قص الأظافر والشعر لمن ينوي التضحية، ومنها:
إبقاء الجسم كاملاً ليُعتق من النار، فالمضحي يجعل أضحيته فداءً لنفسه من النار، فيكون كل جزء من الأضحية فداءً لكل جزء منه، ولكي لا يفقد جسمه شيئًا من الرحمة التي تنزل على المضحي.
التشبه بالحاج المحرم، فالمحرم لا يأخذ شيئًا من شعره وأظافره، كما أن الحاج يقوم بأكثر أعمال الحج في يوم النحر، وفي عدم قص الأظافر تشبهًا به.
الوقت المسموح به لقص الأظافر للمضحي
يُستحب لمن أراد أن يضحي أن لا يحلق شعره أو يقص أظافره بمجرد دخول شهر ذي الحجة، ويستمر على ذلك حتى يذبح أضحيته. والأفضل للمضحي أن يفعل ذلك قبل دخول شهر ذي الحجة، فيقوم بقص شعره وأظافره في نهاية شهر ذي القعدة، تطبيقًا لما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأحاديث في فعل ذلك.
المصادر
- “حكم قص الشعر والظفر لمريد التضحية”، دار الإفتاء الأردنية.
- “ذَبحُ الأضْحِيَّةِ”، الدرر السنية.
- مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1977، صحيح.
- البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1700، صحيح.
- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الأولى، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، صفحة 427، جزء 11.
- زين الدين المناوي (1356)، فيض القدير شرح الجامع الصغير (الطبعة 1)، مصر: المكتبة التجارية الكبرى، صفحة 363، جزء 1.
- عبد الله الطيار، عبد الله المطلق، محمد الموسى (2011)، الفقه الميسر (الطبعة 1)، الرياض: مدار الوطن للنشر، صفحة 123، جزء 4.
- عبد المنان التالبي، المسائل الجلية في أحكام الأضحية، صفحة 43.