المحتويات
تقديم عن العلامة ابن النفيس
يُعتبر ابن النفيس قامةً شامخةً في سماء الطب، فهو من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تطوير هذا العلم وتقدّمه. بزغ نجمه في دمشق في بداية القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، ثم انتقل إلى رحاب القاهرة واستقر بها حتى وفاته عن عمر يناهز الثمانين عاماً. يرجع إليه الفضل في فهم آليات عمل الدورة الدموية وتشريح القلب والأوعية الدموية، وقد ترك إرثاً غنياً من المؤلفات، أبرزها “موجز القانون في الطب” وشرحه لكتاب “القانون” لابن سينا.
نبذة عن حياة العلامة ابن النفيس
هو علاء الدين أبو الحسن علي بن أبي الحزم القرشي الدمشقي. وُلد في دمشق عام 607 هـ (الموافق لسنة 1215 م) في فترة حكم الملك العادل سيف الدين الأيوبي. تلقى تعليمه الطبي في البيمارستان النوري الكبير بدمشق على يد الأستاذين مهذب الدين الدخوار وعمران الإسرائيلي، واللذين خرّجا العديد من الأطباء البارزين في ذلك العصر.
هاجر ابن النفيس إلى مصر واستقر في القاهرة، حيث عمل طبيباً ومدرساً، ثم تولى رئاسة قسم طب العيون. وفي أواخر حياته، تقلد منصب رئيس الأطباء في البيمارستان. من بين أبرز تلاميذه بدر الدين حسن وأمين الدولة وابن القف والسيد الدمياطي. بالإضافة إلى الطب، كان يدرس اللغة والفقه في المدرسة المسرورية. لم يتزوج ابن النفيس، ويُعزى ذلك إلى تفرغه للدراسة والبحث العلمي. وصف بأنه كان شيخاً طويلاً، ذا وجه حسن وقامة نحيلة، يتمتع بالوقار والهيبة والاحترام، وكان لطيف المعاملة، صاحب مروءة وورع، لا يتردد في تقديم العلم والمعرفة في أي وقت.
ابن النفيس: عبقري في مجال الطب
اشتهر ابن النفيس بكونه موسوعة علمية واسعة الاطلاع، غزير المعرفة، خصب الإنتاج. كان فيلسوفاً، لغوياً، وفقيهاً، بالإضافة إلى كونه محدثاً وطبيباً بارعاً. عرف أيضاً بمهارته في طب العيون، حيث اكتسب شهرة واسعة في هذا المجال. قيل عنه: “وأما في الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله في زمانه” ولم يظهر من يضاهيه بعد ابن سينا. تبنى ابن النفيس منهجاً فريداً في أبحاثه، لم يسبقه إليه سوى عبد اللطيف البغدادي، حيث اعتمد على المشاهدات والتجارب والخبرات العلمية في بناء نظرياته. تميز بأفكاره النافذة والدقيقة، مما قاده إلى اكتشافات طبية مهمة وأكسبته لقب الطبيب العالم المكتشف.
اكتشاف الدورة الدموية الرئوية
تتجلى مكانة ابن النفيس الطبية والعلمية في جوانب متعددة، ولكن يظل وصفه للدورة الدموية الرئوية، المبني على الملاحظة الواعية والمشاهدة الدقيقة، إنجازاً فريداً في تاريخ الطب. كان اكتشاف الدورة الدموية الرئوية حدثاً بارزاً في علم الطب، حيث تتبع مسار الدم في العروق ولاحظ سريانه في الجسد.