مقدمة
العديد من الأفراد يجدون صعوبة في الالتزام بالحميات الغذائية، خصوصاً عندما يكون الهدف هو إنقاص الوزن. غالباً ما يرتبط مصطلح “حمية” بتجارب سلبية، مثل الشعور بالجوع الشديد، والحرمان من الأطعمة المفضلة، والالتزام بأنظمة غذائية صارمة تفتقر إلى الأسس العلمية والتغذوية الصحيحة. هذه التجارب قد تؤثر سلباً على الحالة النفسية وتؤدي إلى نتائج عكسية، مثل نوبات الإفراط في تناول الطعام.
بدلاً من اتباع حمية غذائية محددة ومقيدة لفترة زمنية محدودة، يمكن تحقيق نتائج أفضل من خلال إدخال تغييرات صغيرة وتدريجية في نمط الحياة، بحيث تصبح هذه التغييرات جزءاً لا يتجزأ من الروتين اليومي. بهذه الطريقة، يعتاد الشخص على هذه التغييرات ولا يشعر بأنه ملتزم بنظام صعب. وعندما تصبح هذه التغييرات جزءاً من الحياة اليومية، يمكن للشخص أن يخسر الوزن بفعالية ويحافظ عليه على المدى الطويل، بالإضافة إلى الفوائد الصحية العديدة التي يجنيها الجسم، مثل تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة، مثل أمراض القلب والشرايين، والتحكم في مرض السكري، وخفض ضغط الدم للمصابين.
لتحقيق ذلك، يجب على الشخص تحديد العادات والسلوكيات الخاطئة التي ساهمت في زيادة الوزن، والعمل على تغييرها تدريجياً. كما يجب عليه أن يثقف نفسه تغذوياً لكي يتمكن من اتخاذ الخيارات الصحيحة، لأن المعرفة هي أساس تغيير السلوك.
المبادئ الأساسية لخفض الوزن
هناك عدة مبادئ أساسية يجب مراعاتها عند محاولة خفض الوزن:
- أن يكون معدل حرق السعرات الحرارية في الجسم أعلى من معدل تناولها.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- تعديل نمط الحياة والسلوكيات الغذائية بشكل مستمر.
عادات وسلوكيات تعزز فقدان الوزن بدون حمية
الخطوة الأولى نحو فقدان الوزن بدون حمية هي وضع خطة منطقية وواقعية لإجراء تغييرات تدريجية في نمط الحياة. يجب تجنب وضع أهداف صعبة لتفادي الشعور بالإحباط عند عدم تحقيقها. بدلاً من ذلك، يفضل البدء بتغيير واحد أو اثنين في كل مرحلة والالتزام بها، مما يشجع الشخص على الاستمرار بدلاً من الشعور بالفشل.
ينصح بتدوين الوجبات وأوقاتها وأماكن تناولها والأسباب التي أدت إلى تناولها، بما في ذلك المشاعر التي قد تكون حفزت الأكل. كما يجب تدوين الأنشطة اليومية لتحديد نقاط الضعف والمشاكل في نمط الحياة والعمل على تغييرها. على سبيل المثال، إذا كان الجدول اليومي يتضمن 3 ساعات من مشاهدة التلفاز و12 ساعة من النوم ولا يتضمن أي وقت لممارسة الرياضة، يمكن تحديد المشكلة والبدء في علاجها. أو إذا تكرر تناول الطعام بسبب الشعور بالغضب، يجب إيجاد حل للسيطرة على الأكل العاطفي.
يتم حل المشاكل عن طريق تحديدها، ثم وضع جميع الحلول الممكنة، ثم اختيار أنسب الحلول وتطبيقها. بعد ذلك، يجب تقييم مدى نجاح هذا الحل، وإذا لم يكن ناجحاً، يجب إعادة تقييم الحلول البديلة واختيار أحدها.
يجب التركيز على تبني العادات والسلوكيات الصحية بدلاً من التركيز فقط على الوزن.
من المهم أن نعرف أنه لا توجد حمية أو خطوة سحرية أو نوع معين من الطعام يجب تناوله أو تجنبه لخسارة الوزن، كما نرى في الحميات الرائجة التي تستخف بعقول الناس وتستغل حاجتهم لفقدان الوزن. لو وجد حل سحري للسمنة وزيادة الوزن، لاتّبعه الجميع وتخلصنا من مشكلة السمنة إلى الأبد.
نصائح إضافية:
- تقسيم الوجبات: جعل الوجبات أكثر عدداً وأصغر حجماً. يجب أن يتعلم الشخص أن يتناول الكمية التي تشبعه وتزوده بالطاقة والعناصر الغذائية اللازمة دون الشعور بالتخمة. فمثلاً، يجب أن يتعلم الإنسان أن يكتفي بتناول كوب ونصف من الأرز بدلاً من ثلاثة، وقطعة واحدة من الدجاج بدلاً من اثنتين، وقطعة واحدة من الحلوى من حين إلى آخر بدلاً من العديد من القطع بشكل مستمر.
- اختيار الأطعمة الصحية: اختيار الأغذية المنخفضة في كثافة السعرات الحرارية. كلما ارتفع محتوى الغذاء من الماء والألياف الغذائية وانخفض في محتوى الدهن، كلما انخفضت كثافة السعرات الحرارية فيه وساهم في شعور أكبر بالشبع مقابل سعرات حرارية أقل.
- شرب الماء بكميات كافية: الحرص على تناول الماء بشكل كافٍ، حيث يساعد الماء في التحكم بالوزن بطرق عديدة. الأطعمة المحتوية على كمية عالية من الماء تساهم في الشعور بالشبع أكثر وتقلل من كثافة السعرات الحرارية في الغذاء. كما أن شرب الماء بين الوجبات يقلل من الشعور بالجوع ويقلل من كمية الطعام المتناولة لسد العطش. يساعد الماء الجهاز الهضمي في التكيف مع الحمية العالية بالألياف الغذائية. احرص على تناول كوب من الماء على الأقل بين كل وجبتين وكوب أثناء تناول الطعام، واحرص على أن تتناول 8 أكواب من الماء يومياً على الأقل مع الزيادة في حال التعرض للجو الحار أو عند ممارسة الرياضة.
- التركيز على النشويات المعقدة: التركيز على النشويات المعقدة مثل الحبوب الكاملة (القمح الكامل، الأرز البني، الشوفان الكامل، الكينوا، الشعير، الفريكة) والبقوليات (الفاصوليا الناشفة، الفول، الحمص، العدس) والفواكه والخضروات. توفر هذه الأغذية كميات عالية من الفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية في حين أنها تحتوي على كمية منخفضة جداً من الدهون.
- مراقبة الدهون المتناولة: مراقبة كمية الدهون المتناولة في الحمية. بشكل عام، تحتاج خسارة الوزن حمية عالية بالألياف الغذائية ومنخفضة بالدهون. تخفيض الدهون يقلل من كثافة السعرات الحرارية في الوجبة.
- تناول الطعام ببطء: تناول الطعام ببطء والمضغ جيداً، حيث أن إشارة الشعور بالشبع تصل إلى الدماغ متأخرةً عشرين دقيقة. لذلك عندما يأكل الشخص ببطء، فهو يأكل كمية أقل قبل الشعور بالشبع مما يمكن أن يأكله لو كان سريعاً.
- تجنب السعرات الحرارية الفارغة: تجنب السعرات الحرارية الفارغة، وهي تلك التي تأتي من تناول الأغذية العالية بالسعرات الحرارية (من السكريات والدهون) والمنخفضة في محتواها من العناصر الغذائية، مثل الحلويات والكحول.
- ممارسة الرياضة: ممارسة الرياضة بشكل منتظم، حتى لو كانت رياضة بسيطة مثل المشي لمدة نصف ساعة، لمدة ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع.
- تنظيم الوجبات: تنظيم وقت تناول الوجبات والجلوس في المكان المخصص لتناول الطعام.
- التعامل مع التوتر: إيجاد طرق بديلة للتعامل مع التوتر وتجنب ما يعرف بالأكل العاطفي. الرياضة تعتبر منفساً ممتازاً للتخفيف من حدة التوتر.
يقول الله تعالى في سورة الأعراف، الآية 31: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
.
يجب أن يتعلم الشخص أن لا يقلل من قيمة الجهد الذي يبذله خاصةً في حال قام بارتكاب خطأ معين. الشعور المبالغ به بالذنب والخطأ تجاه عدم التزامه بالتغيير الذي قرره لنفسه قد يجعله يتخلى عن الخطة كاملة. في المقابل، فإن التعامل الإيجابي مع الأخطاء يعمل على تثبيت الشخص وتشجيعه على الالتزام.
يجب أن لا يصاب الشخص بالإحباط عندما يجد أن خسارة وزنه بطيئة، حيث أن البرامج الأكثر نجاحاً في خسارة الوزن وعدم كسبه مرة أخرى هي البرامج الطويلة بعيدة المدى التي تتبنى التغييرات التدريجية وتجعلها جزءاً من نمط حياة الإنسان اليومي وعاداته اليومية، تماماً كتنظيف الأسنان عند النهوض من النوم كل صباح.
يمكن المشاركة في أحد مجموعات الدعم (Support Groups) التي تساهم في حل مشكلة الشخص التي يستطيع هو وبمساعدة خبير تحديدها. وقد تكون هذه الطريقة فعالة لدى البعض، في حين قد يكون التغيير الذاتي أو التعاون مع أخصائية تغذية بشكل فردي أكثر فاعلية للبعض الآخر.
يمكن الاستعانة بشرب كوب أو اثنين يومياً من شاي بعض الأعشاب التي تساعد في التحكم بالشهية ورفع معدل حرق السعرات الحرارية في الجسم بالإضافة إلى فوائدها الصحية العديدة مثل الشاي الأخضر.
قد يصعب على الشخص خسارة الوزن بدون ريجيم بالطرق السابق ذكرها وحده وقد يحتاج إلى اختصاصي التغذية لمساعدته في عمل خطة تدريجية وتحديد الخطوات المناسبة وتنظيمها والتقدم بها بنجاح.
فيديو توضيحي
للمزيد من المعلومات حول كيفية إنقاص الوزن بدون حمية، يمكنكم مشاهدة الفيديو التالي:
المراجع
- Rolfes S. R., Pinna K. and Whitney E. (2006), Understanding Normal and Clinical Nutrition, The United States of America: Thomson Wadswoth, Page 278-298. Edited.
- Mahan L. K. and Escott-Stump S. (2004), Krause’s Nutrition and Diet Therapy, The United States of America: Thomson Wadswoth, Page 558-590. Edited.
- “Drinking Green Tea May Help You Lose Weight”, webmd. Edited.