جدول المحتويات
مقدمة: بيئتنا مسؤولية
البيئة هي كل ما يحيط بنا من عناصر طبيعية؛ من مياه وأجواء ونباتات وصخور، بالإضافة إلى العناصر التي صنعها الإنسان من مدن ومبان. إنها النظام الشامل الذي نعيش فيه، نتفاعل معه ونؤثر فيه، ويتأثر بنا. العلاقة بيننا وبين البيئة علاقة تفاعلية متبادلة. أي خلل في هذا النظام يؤثر على جميع العناصر المكونة له. بما أن الله قد ميز الإنسان بالعقل، فقد حمله مسؤولية الحفاظ على البيئة قدر استطاعته، والسعي الجاد إلى ازدهارها وسلامتها. وهذا سينعكس إيجابًا على نوعية الحياة التي يعيشها الإنسان وصحته. لذلك، يجب علينا جميعًا أن نتعاون لتحقيق هذا الهدف المشترك من أجل مستقبل صحي لنا ولأجيالنا القادمة.
جوهر الحديث: البيئة مورد ثمين يتطلب الحماية
تحافظ البيئة الصحية على التوازن البيولوجي الضروري لاستمرار حياة الكائنات الحية على سطح الأرض، وتدعم نموها وتطورها السليم. إن التقصير في الحفاظ على البيئة سيؤثر سلبًا على الجميع، وسيدفع الإنسان ثمن ذلك من صحته وسلامته، وفي بعض الأحيان حياته. تتضرر البيئة باستمرار نتيجة لعوامل طبيعية مختلفة مثل الزلازل والبراكين والفيضانات، وهي أمور يصعب تجنبها. ومع ذلك، يمكننا الحد من الدمار الذي يلحق بالبيئة بسبب سلوكيات الإنسان الخاطئة التي تضر بالطبيعة وتزيد من تدهور البيئة. يجب علينا بذل قصارى جهدنا لحماية هذا النظام الطبيعي من الاختلال، والحرص على أن نعيش حياة صحية في بيئة نظيفة وسليمة.
على الرغم من خطورة انقراض الحيوانات، فإننا نسمع كل عقد من الزمان عن انقراض فصيلة حيوانية في مكان ما حول العالم. هذا يعود بشكل أساسي إلى التغيرات التي تحدث في بيئاتها الطبيعية، والتي يتسبب فيها الإنسان عن طريق الصيد الجائر للحيوانات من أجل الغذاء أو الاستفادة من جلودها، أو لمجرد الترفيه. ومما يضر أيضًا بالحيوانات في بيئاتها الطبيعية هو التوسع العمراني الذي يقوم به الإنسان على حساب الغابات، حيث يتم قطع الأشجار بشكل مفرط على مساحات واسعة للاستفادة من الأراضي دون الاهتمام بالحيوانات التي تعيش هناك وتعتبر الغابات بيوتًا لها.
تعمل منظمات حقوق الحيوان على التوعية بأهمية حماية الحيوانات من الانقراض من خلال منع وتنظيم هذه التصرفات الظالمة التي تفقدنا الكثير من الثروة الحيوانية، وتنظيم الصيد، ومكافحة قتل الحيوانات لاستخدام جلودها في صناعة الملابس. يجب علينا جميعًا التعامل بصرامة مع هذه السلوكيات، لأن مسؤولية منع هذا الخلل الطبيعي وحماية الحيوانات تقع على عاتقنا جميعًا.
يسيء الإنسان كثيرًا للبيئة عندما لا يحافظ على الغطاء النباتي الذي يمنحه الأكسجين والغذاء والظل والجمال. يبدأ بقطع الغابات لاستهلاك أخشابها في الصناعات، وتحويل أراضيها الزراعية إلى مساكن دون التفكير في الأضرار التي قد تلحق به نتيجة لتناقص الغطاء النباتي على الكوكب. كما أنه يذهب إلى الغابات في رحلات الشواء ويترك النفايات التي تعيق نمو النباتات وتتلف الأعشاب الصغيرة.
ويتسبب أيضًا في إشعال الحرائق التي تلتهم الأشجار بأعداد كبيرة وبسرعة هائلة، دون أن يعلم أن تضرر الثروة النباتية يعني فقدان وسيلة تنقية الهواء الطبيعية، ومصدر غذائنا الأول نحن والحيوانات. لذا، يجب علينا جميعًا نشر الوعي اللازم بأضرار هذه الأفعال البشرية، وإظهار عواقبها على جميع الكائنات الحية على الكوكب، وأن نبدأ بزراعة الأشجار والاعتناء بالنباتات الموجودة في مدننا ومنازلنا.
بعد أن نحافظ جميعًا على النباتات باعتبارها مصدر الأكسجين وتنقية الهواء على الكوكب، علينا أن نحمي هذا الهواء من التلوث الذي يصنعه الإنسان. فالمركبات والآليات من سيارات وسفن وطائرات، وكذلك المصانع، تنشر الغازات السامة والملوثة في غلافنا الجوي على مدار اليوم، مما يؤثر بشكل كبير على زيادة نسبة الأمراض على الكوكب والتأثير على جهازنا التنفسي وإلحاق الضرر به.
أدى التلوث في السابق إلى إحداث ثقب في الغلاف الجوي (ثقب الأوزون) الذي سمح بعبور الأشعة فوق البنفسجية إلى الأرض، مما ألحق الضرر بجميع الكائنات الحية وتسبب في العديد من الأمراض للإنسان مثل السرطان والأمراض الجلدية المختلفة. لتجنب حدوث عواقب أكبر في المستقبل، يجب علينا إعادة التفكير فيما يمكننا تطويره في مصانعنا ومركباتنا لتكون صديقة للبيئة ولا تبعث هذا القدر من السموم في الهواء.
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ}[١]
هذه الآية الكريمة تبين لنا أهمية الماء لجميع المخلوقات الحية على سطح الأرض، فبدون الماء نموت جميعًا وينهار الكوكب. وحتى لا يحدث هذا، يجب الحفاظ على مصدر الحياة هذا من سوء الاستهلاك وسوء الرعاية، فلا نجعل البحار والأنهار مكانًا لرمي القاذورات وتحويلها إلى مكب للنفايات، ولا نجعل مصانعنا تلوثها بتصريف موادها السامة والسوائل القذرة فيها، فنحن نستهلك هذا الماء بالارتواء وري النباتات، وبتلوثه تتضرر صحتنا وتهلك النباتات. كما أن المحيطات والبحار هي بيئة حيوية كبيرة للعديد من الكائنات البحرية التي قد نخسرها بتلويث غلافها الطبيعي الذي تحيا من خلاله.
بما أن الطبيعة تقوم على اعتماد كل عناصرها من ماء وهواء وتراب وحيوانات وبشر على بعضهم البعض، فإن أي ضرر أو عجز في إحدى هذه العناصر يؤثر على البنيان البيئي كاملًا. على سبيل المثال: يسبب التلوث الذي يحدثه البشر بمصانعهم التي تطلق الغازات السامة والأبخرة إلى الجو تجمع الغازات الضارة في الغلاف الجوي وحدوث الأمطار الحمضية التي تدمر التربة وتتلفها، وتؤذي البيئة المائية بما فيها من كائنات حية. لهذا، فالعناية التي يجب على الإنسان تقديمها للبيئة يجب أن تكون شمولية لكل العناصر، فإهمال أي طبيعة بيئية سيحدث خللًا في التوازن العام ويلحق الأذى في مكان آخر على سطح الكوكب.
الخلاصة: من أجل بيئة سليمة ومزدهرة
للمحافظة على البيئة أهمية كبيرة، إذ نحمي أنفسنا وكوكبنا من التلوث والهلاك. فصلاح البيئة ونظافتها يجعلنا نحيا بصحة وننمو بصورة سليمة، وأي خلل نحدثه بها سينعكس بالضرورة على صحتنا وحياتنا. فكما تعطينا البيئة من ثروات لا حصر لها، علينا أن نرد جميلها علينا بتحمل مسؤولية حمايتها والمحافظة عليها من التصرفات الخاطئة التي نسلكها أحيانًا بتلويثها واستنزاف مواردها. ويجب أن نكرس التطور العلمي والتكنولوجي الذي وصلنا له في هذا الزمن لتحسين نوعية العناية التي نقدمها للبيئة، وتطويرها بما ينهض بها وبنا ويحافظ على توازن أكبر، ننعم باستقراره جميعنا على سطح الكوكب.