إمارة بني رستم في المغرب العربي

تاريخ وحضارة إمارة بني رستم الإباضية في المغرب العربي، من التأسيس إلى الزوال. نظرة على حكامها وإنجازاتهم وأسباب سقوط دولتهم.

قيام الدولة الرستمية

تعتبر الدولة الرستمية من أبرز الإمارات التي قامت في المغرب العربي خلال العصور الوسطى، حيث تركت بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي. تأسست هذه الدولة على يد عبد الرحمن بن رستم، الذي استطاع توحيد الإباضية في المنطقة وتأسيس دولة مستقلة لهم.

عبد الرحمن بن رستم: المؤسس

كان عبد الرحمن بن رستم شخصية محورية في تاريخ الإباضية. تلقى تعليمه على يد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وبعد أن أتم دراسته، بدأ في نشر المذهب الإباضي. تم تعيينه نائباً على القيروان، مما أكسبه خبرة كبيرة في الإدارة والتعامل مع الناس. قام بمواجهة الدولة العباسية وتوحيد الإباضية، وكان يتميز بالصبر والالتزام بالقرآن والسنة.

عندما اختاره الناس إماماً، اشترط عليهم الطاعة. أمر ببناء مدينة تاهرت في الجزائر لتكون عاصمة للدولة الرستمية. وقد كانت تاهرت مركزاً هاماً للعلم والثقافة في تلك الفترة.

عهد عبد الوهاب بن عبد الرحمن

بعد وفاة عبد الرحمن بن رستم، تولى ابنه عبد الوهاب الإمامة. خلال فترة حكمه، ازدهرت الدولة الرستمية وشهدت استقراراً وأمناً وعدلاً. قبل وفاته، أوصى بسبعة أشخاص من خيرة رجال الدولة لتولي الخلافة من بعده، وكان من بينهم ابنه عبد الوهاب. بعد تولي عبد الوهاب الحكم، نشب خلاف بينه وبين ابن فنديك، مما أدى إلى انقسام الإباضية إلى قسمين:

  • الوهابية: نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم.
  • النكارية.

وقعت معارك بين الطرفين، وهُزمت النكارية وقُتل زعيمهم ابن قنديرة. بسبب ضعفهم، انضموا إلى الواصلية المعتزلة. كان عهد عبد الوهاب مليئاً بالثورات القبلية والمذهبية. نصحه أتباعه بعدم الذهاب إلى الحج خوفاً من أسره من قبل الدولة العباسية، ثم توفي.

فترة حكم أفلح بن عبد الوهاب

خلف أفلح بن عبد الوهاب والده في الإمامة، وبايعه الناس. كان يتمتع بصفات حسنة، واختاره والده للإمامة بسبب الظروف الصعبة التي كانت تمر بها البلاد، حيث كان الأعداء يحيطون بمدينة تاهرت. تميز عصره بالاستقرار والازدهار ونشاط التجارة. توفي أفلح بسبب حزنه الشديد على ابنه أبي اليقظان الذي كان أسيراً لدى العباسيين.

حكم أبي بكر بن أفلح

تولى أبو بكر بن أفلح الإمامة بعد وفاة والده أفلح. كان منغمساً في الترف والنعيم. عندما عاد أخوه أبو اليقظان، شاركه في الحكم. قام أبو بكر بقتل محمد بن عرفة، وهو شخصية قوية في العاصمة، مما أدى إلى صراعات بين الطوائف وهزيمة حكام الدولة الرستمية واعتزالهم الإمامة.

نهاية الدولة الرستمية

بعد ذلك، استلم أبو اليقظان زمام الأمور، وكان له مجلس شورى يستمع إلى شكاوى الشعب، مما أدى إلى استقرار الأوضاع في عهده حتى وفاته. بعد وفاته، تولى ابنه الحكم، وحدثت خلافات كثيرة. تكاتفت الشيعة والخوارج ضد الدولة الرستمية، واستطاع أبو عبد الله الشيعي بسط نفوذه على المغرب والاستيلاء على الأموال والقضاء على الدولة الرستمية.

المصادر

  1. مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 108.
  2. مجموعة من المؤلفين بإشراف علوي بن السقاف، الموسوعة التاريخية الدرر السنية، صفحة 478.
  3. أبو محمد بن سعد الشويعر، تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية، صفحة 19-20.
  4. مجموعة من مؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 110.
  5. مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير التاريخ الإسلامي، صفحة 111.
  6. مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير التاريخ الإسلامي، صفحة 115.
Total
0
Shares
المقال السابق

الخوارزمشاهيون: تاريخ وحضارة

المقال التالي

تاريخ وسلالة الدولة الزيانية

مقالات مشابهة