مقدمة حول نقض صلح الحديبية
بعد أن تم الاتفاق على بنود الهدنة التي تتيح لأي قبيلة الدخول في حلف من تشاء، انضمت قبيلة بني بكر إلى حلف قريش، بينما دخلت قبيلة بني خزاعة في حلف النبي -صلى الله عليه وسلم-. كانت هاتان القبيلتان تعانيان من نزاعات وثارات قديمة، ولكن الأمور استقرت بينهما بموجب صلح الحديبية.
في السنة الثامنة للهجرة، قامت بنو بكر بخيانة العهد، وتلقت مساعدة من قريش بالأسلحة والمشاركة في القتال تحت جنح الظلام. لجأت بنو خزاعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طلبًا للحماية، فاستجاب لندائهم. حينها، أدركت قريش خطورة ما أقدمت عليه.
أرسلت قريش أبا سفيان لتجديد العهد الذي نقضوه، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفض ذلك. بعد ذلك، استعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر الصحابة بالتهيؤ للقتال، وأخبرهم بأنه متجه إلى مكة المكرمة، مما أدى لاحقًا إلى فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً.
معلومات عن صلح الحديبية
صلح الحديبية يمثل مرحلة مفصلية في تاريخ الإسلام، حيث أظهرت مرونة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في التعامل مع الظروف الصعبة. كان لهذا الصلح أثر كبير في توسع نفوذ المسلمين وانتشار الإسلام في الجزيرة العربية.
الأسباب الكامنة وراء صلح الحديبية
في شهر شوال من السنة السادسة للهجرة، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤيا يظهر فيها هو وأصحابه يدخلون مكة المكرمة معتمرين. وعلى إثر هذه الرؤيا، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالاستعداد لأداء مناسك العمرة والدخول إلى مكة المكرمة. جاء ذلك بعد مرور عام على غزوة الأحزاب التي شاركت فيها قريش بأربعة آلاف مقاتل، والتي انتهت بانتصار المسلمين.
كانت مشاعر الصحابة -رضوان الله عليهم- جياشة نحو مكة المكرمة، وتملؤهم الرغبة في أداء مناسك العمرة في بيت الله الحرام. وفي الوقت نفسه، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدرك خطورة هذه الخطوة؛ نظرًا لما لاقاه المسلمون من أذى وعذاب شديد من قريش في بداية الإسلام، وعدم احترامهم لحرمة البيت الحرام. ومع ذلك، اعتمد النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأعراف القديمة لقريش التي كانت تمنح الأمان لمن يأتي إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك.
خرج المسلمون مستبشرين، لا يحملون نية للحرب، وليس معهم إلا ما يحمله المسافر من سلاح لحماية نفسه في الطريق. وتخلف المنافقون عن الخروج في هذه الرحلة الشاقة التي رأوها مهلكة. وأحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وبدؤوا بالتلبية، إلى أن وصلوا منطقة تسمى “كراع الغميم”، حيث علموا أن قريشًا قد اجتمعت مع عدد من القبائل، وهم يحملون السلاح ويستعدون لملاقاة المسلمين.
هنا تشاور الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه، فاقترح البعض قتالهم، واقترح آخرون الالتفاف على قبائلهم وقتلهم وسبيهم، حتى استقر الرأي على السير إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، مع الاستعداد للرد في حال بدأت قريش القتال أو منعتهم. وعندما وصلوا منطقة الحديبية، جلست ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبت القيام، فأدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- أن توقفها كان بأمر من الله -تعالى-، وأنه لا يريد لهم الدخول إلى مكة. من هنا، فكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في مصالحة قريش وإقامة صلح بينهم، على أن يكون فيه تعظيم لحرمات الله -تعالى-.
أهم بنود صلح الحديبية
تم الصلح بين المسلمين وقريش، وتم الاتفاق على البنود التالية:
- وقف الحرب بين المسلمين وقريش مدة عشر سنين.
- أن من أحب أن يدخل في عقد المسلمين وعهدهم دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
- من جاء من قريش إلى حلف النبي -صلى الله عليه وسلم- رده، ومن جاء من المسلمين إلى قريش لم يردوه.
- عدم الخيانة أو الكذب.
- أن يعود النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في هذا العام، ويرجعون في العام القادم لأداء العمرة.
- ألا يدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة حاملاً السلاح، وألا يمنع من أراد القيام والمكوث فيها.
الفوائد والعبر المستنبطة من صلح الحديبية
يمكن استخلاص العديد من الفوائد والعبر من صلح الحديبية، والتي تعكس حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورؤيته الثاقبة، ومن أهم هذه العبر:
- قد يكمن الخير في الشر، وقد يأتي الفرج بعد الشدة.
- أهمية طاعة القائد والالتزام بأوامره.
- أهمية دور المرأة الحكيمة ومشاركتها لزوجها في اتخاذ القرارات الهامة، كما تجلى في دور أم سلمة -رضي الله عنها-.
- ضرورة تفهم الجنود لأسباب القرارات التي يتخذها القادة، حتى لو كانت تخالف رأيهم، طالما أنها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وتجنب انتهاك حرمات الله -تعالى-.
المراجع
- موقع سؤال وجواب (31/8/2009)،”من الذي نقض صلح الحديبية؟!”،الإسلام سؤال وجواب.
- راغب السرجاني، السيرة النبوية.
- مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية.