إقامة ركعتين أثناء موعظة الجمعة: نظرة فقهية

استعراض لأحكام صلاة ركعتين عند دخول المسجد أثناء خطبة الجمعة، وحكمها بعد انتهاء الخطبة، مع بيان مشروعية تحية المسجد بشكل عام.

مقدمة

تعتبر صلاة الجمعة من أهم الشعائر الإسلامية، وتحظى بمكانة عظيمة في قلوب المسلمين. وعندما يدخل المسلم المسجد يوم الجمعة أثناء إلقاء الخطبة، قد يتساءل عن كيفية التصرف، وهل يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يستمع للخطبة مباشرة. هذه المقالة تسعى لتوضيح الأحكام الفقهية المتعلقة بهذا الأمر، بالإضافة إلى حكم تحية المسجد بشكل عام.

رأي العلماء في صلاة ركعتين خلال الخطبة

ذهب جمهور فقهاء الأمة الإسلامية، ومن بينهم الإمام أحمد والشافعي وإسحق، إلى استحباب أداء ركعتي تحية المسجد عند دخول المسجد والإمام يلقي خطبة الجمعة. ويستحب تخفيف هاتين الركعتين حتى يتمكن المصلي من الجلوس والاستماع إلى الخطبة. وقد استدلوا على ذلك بما رواه الإمام مسلم في صحيحه قال:

“(جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: يَا سُلَيْكُ، قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا، ثم قال: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا).”[1]

بالمقابل، خالف المالكية هذا الرأي، حيث استدلوا بما ورد في السنة النبوية من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً دخل المسجد وهو يخطب بالجلوس وعدم تخطي رقاب الناس. ويرى المالكية أن هذا الأمر النبوي ينسخ الحكم الوارد في حديث سليك الغطفاني، أو على الأقل، يعتبر أولى بالتطبيق لأنه يوافق عمل أهل المدينة. كما قاسوا ذلك على النهي عن قول “أنصت” أثناء الخطبة، فإذا كان النهي عن الأمر بالمعروف جائزاً للاستماع للخطبة، فمن باب أولى ترك تحية المسجد للاستماع إليها.

ورد جمهور العلماء على هذا الرأي بالتوفيق بين الحديثين، حيث يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالجلوس بعد أن صلى ركعتين في مؤخرة المسجد ثم أراد التقدم، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بيان جواز ترك تحية المسجد باعتبارها ليست واجبة.

حكم تحية المسجد عقب الخطبة

إذا دخل شخص المسجد في نهاية خطبة الإمام، فإنه لا يشرع له أداء تحية المسجد إذا كان يغلب على ظنه أنه لن يتمكن من إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام. وفي هذه الحالة، ينتظر واقفاً حتى تقام الصلاة. وقد استحسن بعض العلماء أن يطيل الإمام في خطبته قليلاً إذا رأى شخصاً يصلي ركعتين، لكي يتمكن من إنهائها قبل بدء الصلاة.[3]

ما هو حكم تحية المسجد؟

تعتبر صلاة تحية المسجد سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. يستحب للمسلم أن يصليها في كل مرة يدخل فيها المسجد، حتى في الأوقات التي ينهى فيها عن الصلاة.[4]

المصادر

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 875، خلاصة حكم المحدث صحيح .
  2. “مذهب المالكية في تحية المسجد وقت الخطبة وفي سجود التلاوة في المفصل”،الإسلام سؤال وجواب، 2017-8-29.
  3. “حكم تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة / فتوى رقم 2743″،الموقع الرسمي لدائرة الإفتاء الأردنية، 2012-11-26.
  4. “حكم تحية المسجد لكل دخول إلى المسجد”،الموقع الرسمي لسماحة العلامة ابن باز.
Total
0
Shares
اترك تعليقاً
المقال السابق

آراء الفقهاء في أداء الوتر بعد صلاة الصبح

المقال التالي

استعلام حول ركعتي الفجر

مقالات مشابهة