جدول المحتويات
الرأي الشرعي في إعلان المرأة صوتها في الصلاة
يجوز للمرأة رفع صوتها بالقراءة في الصلاة الجهرية إذا كانت تصلي وحدها، أو في حضور محارمها الرجال، أو إذا كانت تؤم مجموعة من النساء. الصلوات التي يُسن فيها الجهر بالقراءة تشمل صلاة الفجر، والركعتين الأوليتين من صلاتي العشاء والمغرب. والجهر بالقراءة هو سنة سواء للرجل أو للمرأة.
في هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن الأصل في العبادات هو الاتباع، والالتزام بما ورد في السنة النبوية، مع مراعاة الضوابط الشرعية التي تضمن خشوع المصلين وعدم الإخلال بآداب الصلاة.
وقد وردت أحاديث نبوية شريفة تبين فضل الجهر بالقرآن في الصلاة، منها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به”.
مع ذلك، يجب على المرأة أن تلتزم بالحياء والوقار، وأن تتجنب كل ما قد يثير الفتنة أو يلفت الأنظار بشكل غير لائق. فالمقصد الأسمى من الصلاة هو الخشوع والإخلاص لله تعالى.
متى يُستحسن للمرأة خفض صوتها في الصلاة؟
يرى أغلب علماء الأمة الإسلامية أنه من الأفضل للمرأة عدم الجهر بصوتها في الصلاة إذا كان هناك احتمال أن يفتتن الرجال بصوتها. وقد ذهب علماء المالكية والحنفية إلى تحريم رفع المرأة لصوتها في الصلاة إذا تأكدت من حدوث الفتنة بسبب ذلك. ويستند هذا الرأي إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في الصلاة، حيث شرع لهن التصفيق لتنبيه الإمام بدلاً من التسبيح، الذي شُرع للرجال. ولو كان الجهر في القراءة جائزًا للمرأة، لكان الأولى أن ترفع صوتها لإصلاح الصلاة، لأن إصلاح الصلاة واجب.
كما يُستدل على استحباب خفض الصوت بما اتفق عليه العلماء من عدم مشروعية رفع المرأة لصوتها عند التلبية أو الأذان، وذلك للحفاظ على وقارها وتجنب الفتنة.
إلا أن بعض العلماء أجازوا للمرأة الجهر بصوتها مع اشتراط عدم التلذذ بصوتها من قبل الرجال. وقد ذهب العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله إلى القول بجواز رفع المرأة لصوتها في الصلاة والتلبية، مع التأكيد على أن ترك الجهر بالصوت أفضل في حقها.
وفي هذا السياق، يمكن الاستشهاد بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نرفع أصواتنا بالتكبير في العيدين”. وهذا يدل على جواز رفع الصوت بالذكر في بعض الحالات، مع مراعاة الضوابط الشرعية.
تفسير الجهر في الصلاة
قد قام العلماء بتوضيح وتفصيل كيفية الجهر في الصلاة بالنسبة للرجل والمرأة، مبينين أن أدنى حد للجهر في الصلاة هو أن يسمع المصلي نفسه ومن بجانبه. ولا يوجد حد أعلى من ذلك للجهر، ولكن ينبغي على المصلي أن يراعي عدم التشويش على الآخرين أو إزعاجهم.
أما بالنسبة للمرأة، فيستحسن أن يكون جهرها بالصوت منخفضًا وغير مثير، وأن تلتزم بالوقار والحياء في صلاتها. فالهدف من الجهر هو تحقيق الخشوع والتأثر بالقرآن الكريم، وليس لفت الأنظار أو التسبب في الفتنة.
وقد ورد في السنة النبوية العديد من الأدلة التي تشجع على الجهر بالقرآن في الصلاة، منها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قرأ أحدكم القرآن فليجهر به”.
وفي المقابل، هناك أدلة أخرى تدل على استحباب الإسرار بالقرآن في بعض الحالات، منها ما رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي”.
والخلاصة أن الأمر في ذلك واسع، وأن المصلي مخير بين الجهر والإسرار، مع مراعاة الضوابط الشرعية والأحوال التي قد تؤثر على مشروعيته.