إعداد بيئة تعليمية محفزة للطلاب

كيفية إعداد بيئة تعليمية فعالة للطلاب: الموقع المثالي، المساحات، البنية التحتية، الترفيه، الأدوات الصفية، والأجهزة التكنولوجية.

تعتبر البيئة التعليمية حجر الزاوية في عملية التعلّم، حيث تشير إلى المكان الذي يتلقى فيه الطالب العلم والمعرفة. تتألف هذه البيئة من عناصر أساسية تشمل المكان نفسه، والمُعلّم، والطالب. يولي المسؤولون عن التعليم اهتماماً بالغاً لتوفير بيئة تعليمية ذات قيم ومبادئ وممارسات إيجابية، تسهم في الارتقاء بمستوى التعليم وتحقيق مخرجات تعليمية متميزة، تتمثل في طالب مبدع ومتفوق أكاديمياً وغير أكاديمياً.

أهمية البيئة التعليمية الجيدة

تسعى البيئة التعليمية إلى توفير فرص قيادية للمتعلمين من خلال الأنشطة الصفية وغير الصفية، والتي تنبع من رؤية مشتركة وأهداف تربوية حديثة. يجب ألا يقتصر مفهوم بيئة التعلّم على الغرفة الصفية فقط؛ بل يجب أن يشمل مجموعة من التفاعلات المتمثلة في المواقف التعليمية، وطرق التدريس، والأفراد، والمكونات المادية، وغيرها من الأمور التي تساهم في بناء المعرفة لدى المتعلم داخل المدرسة وخارجها.

اختيار الموقع الأمثل للمدرسة

يُعد اختيار الموقع المناسب للمدرسة أمراً بالغ الأهمية، حيث يساعد الطلاب على تلقي تعليمهم بيسر وسهولة، ويوفر لهم الراحة خلال تواجدهم في المدرسة. يتم اختيار الموقع الجغرافي وفقاً لمعايير تخطيطية ضمن هندسة المباني المدرسية، وتشمل:

  • توفر قطعة أرض مربعة الشكل تقع على شوارع خدمية بأمتار محددة، مع وجود أرصفة تخدم الطلاب أثناء سيرهم، مع ضرورة الابتعاد عن المواقع التي تقع على الطرق السريعة.
  • إتاحة مساحة في الموقع لإمكانية تخصيص مواقف لانتظار السيارات والحافلات.
  • يجب أن يكون الموقع في منطقة هادئة وبعيدة عن مصادر الإزعاج مثل المصانع والأماكن الترفيهية التي تؤثر على تركيز المتعلم، مع ضرورة الابتعاد عن مصادر التلوث السمعي الموجودة في المنطقة بمسافة كافية تتراوح بين (10- 320) متراً حسب شدة التلوث السمعي.
  • يُفضل تأسيس البيئة التعليمية بموقع قريب من الخدمات الصحية والدفاع المدني في المدينة أو القرية.
  • توفر المناظر الطبيعية المريحة لنفسية الطلاب، والتي لا تسبب أي إزعاج بصري لهم.
  • ارتفاع موقع المدرسة عن المناطق المجاورة حولها؛ وذلك للابتعاد عن المشتتات السمعية، والحماية من الكوارث الطبيعية مثل فيضان المياه أثناء هطول المطر.

توفير مساحة كافية

يُعد تحديد مساحة جيدة لتأسيس وتصميم بيئة تعليمية جيدة ومريحة أمراً بالغ الأهمية، حيث يهيئ الفرصة المناسبة للطلاب والكادر التعليمي للتحرك بسهولة داخل البيئة التعليمية وعدم الازدحام. يجب الأخذ بعين الاعتبار الطاقة الاستيعابية للطلاب، ويُفضل تخصيص مساحة 4 أمتار مربعة للطالب الواحد من المساحة الكلية للبيئة التعليمية، ويجب أن يكون الحد الأقصى لعدد الطلاب في الصف الدراسي الواحد بين (25-30) طالباً فقط، بالإضافة إلى تحديد مساحة البنية التحتية للمدرسة المراد إنشاؤها مثل المباني والمرافق، وتوفير مساحة للتهوية من جميع جوانب البيئة التعليمية، أي المسافة بين أسوارها والمباني المشيدة في الموقع الجغرافي.

تطوير البنية التحتية

إن إيجاد بيئة مدرسية فاعلة تساهم في تحقيق تعلم فريد من نوعه يتطلب توفير بنية تحتية تقدم العديد من الخدمات للطلاب والكادر التدريسي وزوار هذه البيئة التعليمية. لذلك، يجب توفير بنية تحتية تحتوي على عدة مبان مثل المبنى الإداري، والمبنى التعليمي المكون من الصفوف الدراسية، وعيادة الطبيب، والمشاغل، والمسرح، والمكتبة، والمرسم، والمختبرات، والملاعب، والصالات الرياضية، ودورات المياه، والحديقة، والمقاصف. وتشمل البنية التحتية توفير مصدر للمياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وخطوط الاتصال السلكية واللاسلكية، وشبكة الإنترنت.

أهمية الأنشطة الترفيهية

عندما يذهب المتعلم إلى البيئة التعليمية، ينخرط في مجموعة من الأنشطة الصفية وغير الصفية. الفرق بينهما هو أن الأنشطة الصفية تجرى داخل الغرفة الصفية أثناء الفترة التعليمية، بينما تجرى الأنشطة غير الصفية خارج الغرفة الصفية، وتساهم في بناء مهارات لدى المتعلم واكتشاف المواهب الشخصية لديه، وتجعل عملية التعلّم أكثر متعة.

من بين هذه الأنشطة غير الصفية: الأنشطة الرياضية، والموسيقية، والتمثيلية، والصحافة، والرحلات الترفيهية، والمعارض الفنية، وغيرها العديد من الأنشطة التي تتطلب وجود أماكن مخصصة للقيام بذلك خارج إطار الغرفة الصفية. هذه الأنشطة تعد وسائل للترفيه والمتعة بالنسبة للمتعلم داخل البيئة التعليمية، مثل أدوات الألعاب الرياضية، والآلات الموسيقية، والأدوات الزراعية، والأدوات الفنية.

الأدوات والمستلزمات الدراسية

تعتبر الغرفة الصفية هي الأهم في البيئة التعليمية، ففيها يقضي الطالب معظم وقته برفقة المعلم. لذلك، يجب توفير مجموعة من الأدوات الصفية والوسائل التعليمية اللازمة لتيسير عملية التعلم والتعليم داخل الغرفة الصفية. ومن بين تلك الأدوات:

  • المقاعد والطاولات لجلوس الطلاب عليها واستخدامها أثناء عملية التعلم.
  • الواح الحائط لعرض المحتوى التعليمي.
  • الوسائل التعليمية المتنوعة المستخدمة في العملية التعليمية.

الأجهزة والمعدات التقنية

في ظل التطور التكنولوجي، يجب توفير خدمات ووسائل تكنولوجية حديثة مثل جهاز عرض البيانات (Data show)، والألواح الذكية، وأجهزة الحاسوب، والأجهزة المحمولة داخل البيئة التعليمية، مما يتيح فرصة لمواكبة التوجهات الحديثة في استخدام التكنولوجيا في التعليم، وتطبيق الأساليب التعليمية الحديثة مثل التعلم الإلكتروني (E-learning) والتعلم المدمج (Blended learning)، حيث تجعل الخبرات متاحة للطلاب عبر خلط جميع حواس الطلاب عبر الوسائط المتعددة (Multimedia) المستخدمة من صوت وصورة وفيديو ونصوص مرئية.

كما تضيف هذه الأجهزة والمعدات عنصر المتعة والتشويق للعملية التعليمية، وتراعي الفروق الفردية بين الطلاب، وتزيد من دافعية الطلاب نحو التعلّم، وترتقي بمستوى التحصيل الدراسي. كذلك، تقدم الأجهزة والمعدات التكنولوجية فرصة للكادر التعليمي والإداري للقيام بالمهام المطلوبة بسرعة عالية وبأقل جهد وتكلفة أثناء إدارة العملية التعليمية داخل البيئة المدرسية.

توفير الوصول إلى الإنترنت

من المهم توفير الشبكة الدولية للمعلومات (World Wide Web) داخل البيئة التعليمية من أجل تطوير جميع أطراف العملية التعليمية عبر المعلومات المتوفرة عليها، وتسهيل عملية التواصل بين المعلم، والطالب، وأولياء الأمور، والتنويع في طرق التدريس وأنماط التعلّم. في ظل التوجه الحديث نحو تطبيق النظرية البنائية في التعليم، فإن توفير شبكة الإنترنت يساهم في تغيير دور المعلم والطالب، فالمعلم موجه وميسر ومشرف على العملية التعليمية، والطالب يبني معرفته بنفسه ويصبح أكثر تفاعلاً في الموقف التعليمي. كما تسهل شبكة الإنترنت عملية الاتصال مع المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وأطراف العملية التعليمية بسهولة ونقل البيانات عبر الوسائل المتاحة مثل البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك يحقق مبدأ استمرارية التعلّم.

الأنظمة واللوائح

توجد مجموعة من الأنظمة والقوانين التي تنظم مسؤوليات وحقوق جميع أطراف العملية التعليمية، والتي يقع على عاتق كل منهم الالتزام بها. هذه الأنظمة تسهم في سير العملية التعليمية على أكمل وجه دون وجود أي معوقات، وتحقيق تعلم إيجابي وفعَّال لدى الطلاب. ومن بين هذه الأنظمة:

  • تحديد النظام العام للمدرسة مثل وقت الحضور، ووقت المغادرة.
  • تبيين حقوق الطالب مثل المشاركة في الأنشطة الصفية وغير الصفية.
  • تنظيم سلوك الطالب مثل المحافظة على النظام، والهدوء، وعدم تخريب الممتلكات، أو ممارسة بعض السلوكيات الخاطئة مثل التدخين.
  • تحديد المظهر الخارجي للطلاب من حيث اللباس والمحافظة على النظافة الشخصية.
  • توضيح تعليمات الامتحانات ومهام الطالب التعليمية داخل الغرفة الصفية.

الكادر التعليمي المؤهل

الكادر التعليمي هو العنصر الرئيسي في العملية التعليمية ويُعد باني الأمّة، فالمعلم يبذل جهده لتنشئة جيل متسلح بالمعرفة والعلم. لذلك، يقع على عاتقه مهمة التخطيط لعملية التدريس والتجهيز، وتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة منه، والقيام بالمسؤوليات الإدارية. هذا يتطلب وجود معلم كفؤ يتم تدريبه وتطويره باستمرار، وتزويده بأهم ما توصل إليه العلم في مجال التربية والتعليم.

الخطة الدراسية

الخطة الدراسية تنظم الأنشطة المنهجية واللامنهجية زمنيًا داخل المدرسة وخارجها على مدار العام الدراسي، مما يجعل العملية التعليمية منظمة وبعيدة عن العشوائية. تحتوي الخطة الدراسية على الحصص الدراسية ومدتها الزمنية وأسماء المعلمين، وأيام الرحلات، والاحتفالات، والاجتماعات، وفترة الامتحانات، وموعد بدء العام الدراسي وموعد انتهائه.

دور الإذاعة المدرسية

تُعد الإذاعة المدرسية من الأنشطة اللامنهجية التي يمارسها الطلاب، ويتم تنفيذها داخل المدرسة، مما يوفر عنصر المتعة والتشويق للمتعلم. يتم إلقاء مجموعة من الفقرات على مسامع الطلاب أثناء الطابور الصباحي، والتي يتم تحضيرها بإشراف المعلم. تكمن أهمية هذا النشاط اللاصفي في تقديم معلومات مفيدة ومنوعة للطلاب، وتشجيع الطلاب على البحث عن المعلومة من مصادرها الموثوقة، وتنمية شخصية الطالب بزيادة ثقته بنفسه، واكتساب مهارة الاستماع والكتابة والقراءة، واكتشاف بعض من المواهب لديه مثل إلقاء الشعر وكتابة التقارير الصحفية.

خدمات الاستشارة النفسية

يرتبط علم النفس ارتباطًا وثيقًا بعملية التعلم، فهو يُعنى بدراسة خصائص الطلاب النمائية وحاجاته النفسية وسلوكه. بالتالي، من الهام جدًا وجود قسم للإرشاد النفسي داخل المدرسة للعمل على توجيه الطلاب، وتعديل سلوكهم، وتنمية شخصيتهم، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، ومساعدتهم في اكتشاف نقاط القوة لديهم والتخلص من نقاط الضعف، وتحديد توجهاتهم وميولهم لتحقيق الصحة النفسية لديهم، وحل بعض المشكلات التي قد تواجههم داخل وخارج المدرسة، مع ضرورة أن يمتلك المرشد النفسي أساليب الإقناع والتغيير، مما يعود بالأثر إيجابياً على التحصيل الدراسي، والارتقاء بمستوى الطلاب التعليمي.

تلبية احتياجات ذوي الهمم

هنالك توجهًا حديثًا نحو دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع باقي الطلاب في المدارس. لذلك، يجب توفير كافة التسهيلات لهم مثل: وسائل النقل الخاصة بهم، ومراعاة ذلك عند تصميم البنية التحتية للمدرسة مثل تجهيز أماكن خاصة لمرور المقعدين منهم داخل المدرسة مع وجود إشارات تنبيهية في الأماكن التي قد يكون فيها خطر عليهم مثل: الشوارع، وممرات عبور المشاة، وكذلك توفير مصاعد كهربائية لهم.

توفير وسائل وأجهزة مساعدة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في تعلمهم مثل: التسجيلات الصوتية، وأجهزة بريل، ومكبرات الصوت، والحواسيب، وتوفير قسم متخصص داخل المدرسة من أجل تقديم العلاج السلوكي، والنطقي، والوظيفي لطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وكل ذلك يسهم بتغيير نظرة المجتمع نحو ذوي الاحتياجات الخاصة، وإتاحة الفرصة للحصول على تعليم جيد، وتحقيق الصحة النفسية لهم بتفاعلهم مع أقرانهم.

المنهج الدراسي المتكامل

يشير مفهوم المنهج الدراسي إلى مجموعة من العناصر المتكاملة وهي المحتوى التعليمي، والأهداف التعليمية، وطرق واستراتيجيات التدريس، والوسائل التعليمية المتنوعة، وعملية التقويم. لذا، فإن إيجاد بيئة تعليمية فعالة ومناسبة للمتعلمين يتطلب اعتماد منهج دراسي يتضمن محتوى يرتبط بالواقع ويقدم خبرات تعليمية هادفة تعمل على تنمية الفرد من جميع النواحي وتزويده بالمعرفة التي يمكن أن يستفيد منها في حياته العملية. أيضًا، يجب أن يحقق أهدافاً معرفية، ومهارية، ووجدانية على المدى القصير والبعيد لدى المتعلم.

كما يجب أن يعكس المنهج المدرسي رؤية ورسالة وزارة التربية والتعليم بإيجاد فرص تعليمية مميزة للطالب، واعتماد طرق وأساليب تدريس ووسائل تعليمية تسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية وتسهيل وصول المعلومة للمتعلم، والتركيز على التعلّم بالاكتشاف، والاستقصاء، والتفكير الإبداعي، والعمل الجماعي التعاوني، وتوظيف استخدام التكنولوجيا في التعليم بالأنشطة التي تقع على عاتق المتعلم، أو بالطرق المتبعة للتدريس، أو باعتماد أنواع من التعلم الحديث مثل التعليم الإلكتروني، والتوجه نحو تطبيق النظرية البنائية حيث يكون التعلم متمركزاً حول الطالب، ويقتصر دور المعلم على الإشراف والتوجيه والتقويم.

Total
0
Shares
المقال السابق

تحيات للعروسين في يوم الزفاف

المقال التالي

تحديد نطاقات الأبراج الفلكية

مقالات مشابهة