فهرس المحتويات
لمحة عن سورة الانفطار
سورة الانفطار هي سورة مكية، اتفق علماء التفسير على أنها تتناول قضايا أساسية تتعلق بالبعث والنشور، وتهدف إلى تذكير الإنسان بيوم القيامة وأهواله، وما يترتب عليه من حساب وجزاء. تُعد السورة بمثابة تذكرة بأحداث عظيمة و تحولات كونية شاملة، وتوضح أيضًا الوجهة النهائية للإنسان، إما إلى النعيم المقيم أو إلى العذاب الأليم.
تصوير مشاهد يوم الحساب
تصف الآيات الأولى من السورة بعض الأحداث الجسام التي ستقع في يوم القيامة. يقول الله تعالى:
(إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ* وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ* وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ* وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ* عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ).
توضح هذه الآيات بعضًا من أهوال يوم القيامة، حيث تنشق السماء استعدادًا لنزول الملائكة الكرام، وتتساقط النجوم والكواكب من أماكنها وتتبعثر في الفضاء. وتنفجر البحار وتختلط مياهها ببعضها، وتتقلب القبور ويخرج منها الأموات. عند وقوع هذه الأحداث العظيمة، يتذكر الإنسان جميع أعماله التي قام بها في حياته الدنيا، سواء كانت خيرًا أم شرًا، وما قدمه من أعمال صالحة، وما تركه من آثار حسنة أو سيئة.
تذكير بتقصير العباد
تنتقل السورة بعد ذلك إلى توبيخ الإنسان على جحوده وتقصيره في حق ربه. يقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ).
في هذه الآيات، يخاطب الله عز وجل الإنسان المقصر في أداء حقوقه تجاه خالقه، ويسأله عن سبب هذا التقصير والتهاون، هل هو الاستهانة بحقوق الرب، أم عدم الاكتراث بالعقوبة، أم الإنكار لجزاء المحسنين. ثم يذكره سبحانه وتعالى بأنه هو الذي خلقه وصوره في أحسن صورة وأكمل هيئة، فكيف يجازي هذا الإنعام بالجحود والعصيان؟
وظائف الملائكة تجاه الإنسان
تذكر السورة الكريمة أيضًا بوجود الملائكة الكرام الذين يسجلون أعمال العباد ويحصونها. يقول الله تعالى:
(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ* وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَامًا كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ).
تذكر هذه الآيات المكذبين بيوم الدين، وتدعوهم إلى عدم الاغترار بستر الله عليهم وإمهاله لهم، فالله سبحانه وتعالى قد وكل بهم ملائكة كرامًا يسجلون عليهم كل أعمالهم وأقوالهم، ويراقبون جميع تصرفاتهم، لكي تُعرض هذه الأعمال يوم القيامة ويجازى كل إنسان بما كسبت يداه.
مصير الصالحين والطالحين
تختتم السورة ببيان مصير المؤمنين والكافرين في يوم القيامة. يقول الله تعالى:
(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ* يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ* وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ* ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ* يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّـهِ).
تقسم الآيات الناس إلى فريقين: الأبرار الذين أطاعوا الله ورسوله، ومصيرهم هو النعيم الدائم في الجنة، والفجار الذين عصوا الله وكذبوا رسله، ومصيرهم هو العذاب الأليم في النار، ولن يخرجوا منها أبدًا. ثم تعظم الآيات من شأن يوم القيامة وتصف أهواله، وتؤكد على أنه يوم لا يملك فيه أحد لأحد شيئًا، وأن الأمر كله لله وحده، فهو الذي يحكم بين العباد ويجازيهم بأعمالهم.
المصادر
- الزحيلي، وهبة. (1422 هـ). التفسير الوسيط للزحيلي (الطبعة 1). دمشق: دار الفكر.
- الصابوني، محمد علي. (1997). صفوة التفاسير (الطبعة 1). القاهرة: دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع.
- السعدي، عبد الرحمن. (2000). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (الطبعة 1).
- الزحيلي، وهبة. (1991). التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 1). دمشق: دار الفكر.