محتويات |
---|
رسالة الخليفة الراشد |
نص الرسالة الكريمة |
الحكمة في توجيهات عمر بن الخطاب |
المراجع |
رسالة الخليفة الراشد إلى قاض الكوفة والبصرة
بعث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- برسالة قيّمة إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- والي القضاء في الكوفة والبصرة. تضمنت هذه الرسالة توجيهات ثمينة في القضاء، ترسم له مساراً عادلاً في إدارة شؤون العدالة. وقد أوضح فيها الخليفة الراشد أُسس الحكم العادل، وكيفية الشهادة، ودور القاضي في تحقيق العدل بين الناس.
نص الرسالة المباركة
تناقل الرواة رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري عن طريق الحفظ، مما أدى إلى اختلاف في بعض الألفاظ بينهم. لكن هذا الاختلاف لم يغير في مضمون الرسالة، فجميع الروايات تحمل نفس المعنى. وقد أجاز علماء الحديث نقل الروايات بالمعنى. إليكم نصٌّ لهذه الوثيقة المهمة:
“بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس. سلام عليك، أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أُدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفوذ له. آس بين الناس بوجهك وعدلك ومجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيْفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصُلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحلّ حراماً، أو حرّم حلالاً. لا يمنعك قضاءٌ قضيتَه اليوم فراجعت فيه عقلك وهُديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديمٌ ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنةٍ، ثم عرف الأشباه والأمثال، فقس الأمور عند ذلك، وامدد إلى أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق، واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه فإِن أحضر بينته أخذت له بحقه وإلا استحللت عليه القضية، فإنه أنفى للشك وأجلى للعَمى، المسلمون عدولٌ بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حدّ ومجرّباً عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو نسب، فإن الله تولى منكم السرائر ودَرَأ بالبينات والإيمان. وإياك والغلْق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات، فإن الحق في مواطن الحق ليعظم الله به الأجر، ويحسن به الذخر فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله بينه وبين الناس ومن تخلّق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله -عز وجل- في عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام”.
فهم توجيهات عمر بن الخطاب في إدارة العدل
درس العلماء رسالة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فرأوا فيها خلاصة ما استفادَه من نصوص الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمور القضاء ونظامه. بعض القواعد والتوجيهات التي استخلصها العلماء من هذه الرسالة:
- أهمية القضاء وكونه فريضة إسلامية: يُبرز النصّ أهمية القضاء كركن أساسي في الإسلام، وهو فريضة من فرائض الدين.
- المساواة والعدل بين الخصوم: يُشدد على ضرورة المساواة بين الخصمين، وإعطاء كل منهما فرصة كاملة لعرض حججه، والابتعاد عن الظلم والمحاباة.
- فهم القضية وتأنّي القاضي: يحثّ الرسالة على فهم القضية جيداً، وأن يكون القاضي مُعتدلاً، هادئاً، متزن النفس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقضينّ حكمٌ بين اثنين وهو غضبان).
- إلزام إنفاذ الأحكام مع مراجعة الحق: يؤكد على ضرورة تطبيق الأحكام، وإمكانية الرجوع عنها إذا تبين خطأ فيها أو مخالفتها للكتاب والسنة.
- السعي للصلح قبل القضاء: يشجع على السعي للصلح بين المتخاصمين قبل البت في القضية، لأن الخلاف قد يكون بسبب سوء الفهم أو تعارض البينات.
- الإخلاص لله تعالى: يُشدد على أهمية الإخلاص لله تعالى في القضاء، والابتعاد عن الرياء وطلب رضا الناس على حساب رضا الله سبحانه وتعالى.
المراجع
المعلومات الواردة في هذا المقال مستقاة من مصادر فقهية موثوقة، وتحتاج إلى الرجوع للمراجع الأصلية للتأكد من التفاصيل.