إخراج زكاة الفطر عبر الإنترنت: نظرة فقهية

تعرف على آراء العلماء حول إمكانية إخراج زكاة الفطر عن طريق الوسائل الإلكترونية الحديثة، وشروط ذلك، ومتى يجب إخراجها.

حكم إيصال زكاة الفطر بالوسائل الرقمية

مع التطور التكنولوجي السريع، يثار تساؤل حول مدى جواز إخراج زكاة الفطر عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة. هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة من خلال التطبيقات البنكية أو المنصات الرقمية؟

إخراج زكاة الفطر بالقيمة النقدية

اختلف العلماء في مسألة إخراج زكاة الفطر بالقيمة النقدية بدلًا من الطعام، ويمكن تلخيص آرائهم كالتالي:

  • الجواز المطلق: ذهب الحنفية إلى جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة مطلقًا، ويرون أن إخراج القيمة قد يكون أنفع للفقير في بعض الحالات. قال سفيان الثوري -رحمه الله-: “لا يشترط إخراج التمر أو الشعير أو البر في زكاة الفطر، ولو أخرج قيمتها مما هو أكثر نفعًا للفقير فإن ذلك جائز؛ وذلك لأن القصد من إخراج زكاة الفطر إغناء الفقراء عن المسألة وسد حاجتهم في هذا اليوم.”
  • الجواز عند الحاجة: يرى البعض جواز إخراجها بالقيمة عند وجود حاجة أو مصلحة راجحة تستدعي ذلك. وقد أشار الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، إلى جواز إخراجها نقدًا تبعًا للظروف وتغير الأحوال.
  • عدم الجواز: يرى جمهور العلماء أنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر بالقيمة النقدية، بل يجب إخراجها من الطعام، اقتداءً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-.

اشتراط تسليم الزكاة للمستحق يداً بيد

لا يشترط في الشريعة الإسلامية أن يتم تسليم الزكاة إلى المستحق يداً بيد، بل يجوز إيداعها في حسابه البنكي مباشرة، ويعتبر ذلك قبضًا صحيحًا للزكاة. كما يجوز أيضًا إيداعها في حساب شخص آخر موكل عن المستحق، ولا حرج في ذلك.

تجنب تأخير دفع زكاة الفطر

يستدل العلماء بحديث عبد الله بن عمر على وجوب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد:

عن عبد الله بن عمر:(أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أمَرَ بزَكَاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ)

يشير هذا الحديث إلى أن تأخير زكاة الفطر عن صلاة العيد يخرجها عن كونها زكاة، وتصبح مجرد صدقة. ومن أداها بعد يوم العيد بدون عذر شرعي يعتبر آثمًا.

زكاة الفطر واجبة على كل مسلم، سواء كان غنيًا أو فقيرًا، إذا كان يملك ما يزيد عن حاجته اليومية. وقد أجاز الفقهاء تقديم زكاة الفطر عن وقت الوجوب، حيث أجاز الحنفية تعجيلها من أول العام، والشافعية من أول شهر رمضان، والمالكية والحنابلة بيوم أو يومين عن وقت الوجوب.

بناءً على جواز الدفع الإلكتروني للزكاة، وجواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة النقدية، يجب على المسلم الذي يرسل الزكاة إلكترونيًا أن يتأكد من وصولها إلى المستحقين قبل وقت الوجوب. وإذا أرسلها إلى جهة معينة لتوصيلها إلى المستحقين كحبوب أو نقد، فيجب التأكد من عدم التأخر في ذلك.

هناك العديد من الجهات الحكومية المعتمدة التي تستقبل زكاة الفطر إلكترونيًا وتقوم بتوزيعها على المستحقين.

يجوز للمؤسسات المسؤولة عن الزكاة تحويلها من عين إلى نقد، أو من نقد إلى عين، حسب الحاجة والمصلحة. كما يجوز نقل الزكاة إلى خارج البلد الذي وجبت فيه إذا كان هناك من هم أكثر حاجة، أو إذا لم يوجد محتاجون في البلد الأصلي.

المراجع

  1. محمود الخطيب،كتاب حكم إخراج زكاة الفطر قيمة نقدا، صفحة 256-259. بتصرّف.
  2. سعيد القحطاني،الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة مفهومٌ وفضائلُ، صفحة 614. بتصرّف.
  3. “حكم إرسال الزكاة عن طريق البنك”،إسلام ويب، 25/2/2014، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2022. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1509 ، صحيح
  5. أبحسام عفانة،فتاوى د حسام عفانة، صفحة 50. بتصرّف.
Total
0
Shares
المقال السابق

أحكام في الصلاة: دعاء الاستفتاح والتشهد والقراءة

المقال التالي

إخراج كفارة الصيام بالنيابة عن شخص آخر: نظرة فقهية

مقالات مشابهة

الرحمة في الإسلام: مبادئ وتطبيقات

تعرف على مظاهر الرحمة في الإسلام وكيفية تطبيقها في حياتنا اليومية. اكتشف رحمة الله بعباده، ورحمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكيفية التعامل برحمة مع الأبناء والوالدين واليتامى والمساكين والحيوانات.
إقرأ المزيد