إجراءات الاستجواب: ضمانات وحماية المتهم

فهرس المحتويات

ما هو الاستجواب؟

يُعرّف الاستجواب لغوياً كمصدر الفعل “استجوب”، وهو عملية استخراج الحقائق أو المعلومات من خلال المساءلة والتحقيق، سواءً كان ذلك قانونياً أو في سياق نقاش مفتوح حول قضية ما. فاستجواب المتهم يعني طرح الأسئلة عليه لاستنطاقه والوصول إلى الحقيقة. كذلك، يُعرّف بأنه طلب إجابة على سؤال معين، والجواب هو الرد على هذا السؤال. ويُستمد من الفعل “جوب” بمعنى مراجعة الكلام. ومن أسماء الله الحسنى “المجيب”، الذي يردّ على دعاء السائل ويُعطيه ما سأل. وفي هذا السياق، يُقال “استجوبه”، “استجاب له”، أي أجابَه.

اصطلاحاً، يُعرّف الاستجواب بأنه مناقشة المتهم بتفاصيل مهمة حول قضية ما، ومواجهته بالأدلة أو الشهود بهدف البت في الاتهام الموجه إليه، إما بالإثبات أو بالنفي. تُمكّن هذه المناقشة من سماع أقوال المتهم حول الأفعال المُنسوبة إليه، ومنحه الفرصة لدفع أوجه الاتهام أو الاعتراف بها. كما يتم دراسة اعتراف المتهم ومطابقته مع نتائج التحقيق. ويُعتبر الاستجواب أداةً أساسية في الوصول إلى الحقيقة وتثبيت الحق في الدعوى.

فقهاء القانون يقسمون الاستجواب إلى قسمين: استجواب حقيقيّ، وهو توجيه الاتهام للمتهم ومناقشته حولها بالتفصيل مع مناقشة أي دليل ضده؛ واستجواب حكميّ، وهو مواجهة المتهم بالمتهمين الآخرين أو الشهود.

الاستجواب في إطار النظام القانوني

يُعرف الاستجواب في كتب القانون بأنه إجراء مهم من إجراءات التحقيق، يهدف إلى الوصول إلى حقيقة الاتهام الموجه للمتهم، والتوصّل إلى اعتراف يدينه أو ينفي عنه التهمة. فيه يتم توجيه الاتهام للمتهم ومواجهته بالأدلة التي تدينه، ثم مناقشته فيها بشكل مفصل، ويُطلب منه تفنيدها إن أنكر الاتهام. يُمكن للاستجواب أن يُفضي إلى اعتراف المتهم إن كان مُذنباً، وهو وسيلة تُمكّن المحقق من الوصول إلى الجاني الحقيقي، كما يُمكّن المتهمين من الدفاع عن أنفسهم وتفنيد الأدلة الموجهة إليهم.

المتطلبات الأساسية لإجراء استجواب صحيح

يجب مراعاة شروط معينة خلال الاستجواب، سواءً فيما يتعلق بشكله أو الضمانات المتعلقة به. لم يُحدد القانون شكلاً محدداً للاستجواب، بل ترك الأمر للفقه والقضاء لتقديره. من الأمور المعتمدة: أن يكون الاستجواب شفهياً باللغة الرسمية للدولة. في حال عدم فهم المتهم للغة، يُعيّن مترجم يحلف يمين الصدق. إذا كان المتهم أصمّ أو أبكم، يُعيّن خبير لمساعدته.

يجب تدوين الاستجواب لمنع أي تغيير أو تحريف. يجب عدم ترك فراغات بين الكلام، وفي حال إضافة أي شيء، يجب توقيع المحقق والمتهم والكاتب.

حماية حقوق المتهم أثناء الاستجواب

نظراً لأهمية الاستجواب وحساسيته، يجب ضمان حماية حقوق المتهم. تُحدد الشريعة الإسلامية والأنظمة هذه الضمانات، والتي تكفل حقوق المتهم. مخالفة هذه الضمانات قد تُبطل التحقيق أو المحاكمة. من أهم هذه الضمانات:

• عدم جواز تحليف المتهم اليمين القانونية، حيث يرى الفقه والقضاء أن تحليف اليمين يُعد ضغطاً أدبياً يؤثر في إرادته وأقواله. بعض التشريعات تجيز ذلك، بينما أخرى لا تجيزه.
• حماية المتهم من الإكراه، وذلك وفقاً لقانون الأمم المتحدة الذي يحظر التعذيب النفسي أو الجسدي لإجبار المتهم على الإدلاء بأقوال تُجرّمه.
• حق المتهم في الصمت، وهو مُشتق من حقه في الإدلاء بأقواله بحرية. الصمت لا يُعتبر دليلاً ضده.
• حق المتهم في تعيين محامٍ خاص.
• إحاطة المتهم بالقضية والتهم الموجهة إليه، وضمان وجود محامٍ للدفاع عنه إن لم يكن لديه محامٍ.
• الإسراع في الاستجواب، ليتمكن المتهم من إثبات براءته والوصول إلى الحقيقة بسرعة.
• عدم اللجوء إلى طرق غير مشروعة خلال الاستجواب.

نتائج انتهاك ضمانات الاستجواب

مخالفة ضمانات الاستجواب تُبطل الاستجواب، إما بطلاناً مطلقاً أو نسبياً. البطلان المطلق يكون إذا كانت المخالفة لقاعدة جوهرية تتعلق بالنظام العام، مثل مخالفة قواعد ولاية السلطة القائمة بالاستجواب، أو إخضاع المتهم لإكراه مادي أو معنوي. يُمكن للمحكمة البت في البطلان تلقائياً، حتى لو لم يصدر عن المتهم أي شكوى أو تنازل.

البطلان النسبي لا يتعلق بالمصلحة العامة، بل بمصلحة الخصوم، مثل عدم دعوة محامٍ للدفاع أو عدم تبليغ المتهم بالاتهامات الموجهة إليه. يجب إعلام المتهم بحريته في الإدلاء بما يشاء، والاتصال بمحاميه، وحضور المحامي للاستجواب، وإطلاع المتهم على ملف الدعوى، والاتصال بمحاميه دون رقابة إن كان موقوفاً.