الزنا بامرأة متزوجة: نظرة شرعية
يرى علماء الشريعة الإسلامية أن جريمة الزنا بامرأة متزوجة أشدّ شناعة من الزنا بامرأة غير متزوجة. والسبب في ذلك يعود إلى ما يترتب على هذا الفعل من انتهاك لحقوق الزوج، وتعدٍّ على عرضه وكرامته. وقد أفاض الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه “الزواجر عن اقتراف الكبائر” في تفصيل مراتب الزنا من حيث حجم الجرم والإثم، مؤكداً أن الزنا بامرأة ذات زوج أعظم إثماً من غيره، وأن الزاني المحصن (المتزوج) أشدّ عقوبة من غير المحصن (غير المتزوج). وتكفير هذا الذنب العظيم يكون بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، والتي تتضمن الإقلاع الفوري عن هذا الفعل المشين، والشعور بالندم العميق، والعزم الأكيد على عدم العودة إليه أبداً.
جزاء من اعتدى على زوجة غيره
على الرغم من أن بعض الأحاديث الواردة في عقوبة الزنا بامرأة متزوجة قد ضعفها علماء الحديث، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عظّم ذنب الزنا بزوجة الجار، وتبرأ ممن يسعى للإفساد بين الزوجين. فقد ورد في الحديث النبوي الشريف: “ليس مِنَّا مَنْ خبَّب امرأةً على زوجها”، وهو دليل واضح على قبح هذا الفعل الشنيع الذي ينتهك حرمة البيوت، ويؤذي الأزواج، ويفسد العلاقات الزوجية.
كما ورد في السنة النبوية ما يدل على عظم جزاء من يزني بزوجة مجاهد أو أحد من أهله، حيث يجعل الله تعالى للزوج المجاهد الحق في أن يأخذ من حسنات الزاني ما يشاء يوم القيامة. قال صلى الله عليه وسلم:
“حُرمةُ نساءِ المجاهدينَ على القاعدينَ في الحرمةِ كأمَّهاتِهم وما من رَجُلٍ مِنَ القاعدينَ يخلفُ رجلًا منَ المجاهدينَ في أهلِهِ إلَّا نصبَ لهُ يومَ القيامةِ فيقالُ يا فلانُ هذا فلانٌ فخُذْ من حسناتِهِ ما شئتَ ثمَّ التفتَ النَّبيُّ إلى أصحابِهِ فقالَ ما ظنُّكم تَرونَ يدعُ لهُ مِن حسناتِهِ شيئًا”
عقوبة الزنا في الدنيا والآخرة
لقد حذر الله عز وجل عباده من الوقوع في فاحشة الزنا، وبيّن خطورتها وعواقبها الوخيمة. قال تعالى:
“وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا”
وقد رتب الله سبحانه وتعالى عقوبات دنيوية وأخروية على من يرتكب هذه الجريمة الشنعاء. ففي الدنيا، إذا كان الزاني محصناً (متزوجاً)، فإن عقوبته الرجم حتى الموت، سواء كان رجلاً أو امرأة. أما إذا كان الزاني غير محصن (غير متزوج)، فإن عقوبته الجلد مائة جلدة والتغريب لمدة عام، كما هو مبين في الشريعة الإسلامية.
أما في الآخرة، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما ينتظر الزناة من عذاب شديد. فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
“فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا.. وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني”
المصادر
- الإسلام سؤال وجواب، كفارة الزنى مع المتزوجة
- صحيح الترغيب، الألباني، حديث رقم: 2014
- صحيح النسائي، الألباني، حديث رقم: 3191
- الإسلام سؤال وجواب، حول صحة بعض ما ورد في عقوبة من زنى بامرأة متزوجة
- سورة الإسراء، الآية 32
- صحيح البخاري، حديث رقم: 7047
- إسلام ويب، عقوبة الزاني الدنيوية والبرزخية والأخروية