أول سورة كاملة نزلت: دراسة في آراء العلماء

بحثٌ مُفصّلٌ حول أول سورةٍ كاملةٍ نزلت من القرآن الكريم، وآخر سورةٍ نزلت، وكيفية نزول الوحي، مع الإشارة إلى آراء العلماء المتباينة في هذا الشأن.

جدول المحتويات

البابالرابط
أول سورة نزلت كاملة: اختلاف الآراءالفقرة الأولى
آخر سورة كاملة من القرآنالفقرة الثانية
موعد نزول القرآن الكريمالفقرة الثالثة
مراحل نزول القرآنالفقرة الرابعة

اختلاف الرأي حول أول سورة كاملة

تُثار مناقشاتٌ بين العلماء حول أيّ سورةٍ نزلت كاملةً أولاً. تدور الآراء حول ثلاث سورٍ رئيسية: سورة العلق، والمدثر، والفاتحة. يُرجّح البعض أن سورة العلق لم تنزل كاملةً دفعةً واحدة، كما ذهب إلى ذلك السيوطي. وبالتالي، يبقى الخلاف محصوراً بين سورتي المدثر والفاتحة.

يُؤكّد بعض المفسرين، ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره “المنار”، أن سورة الفاتحة هي أول سورة نزلت كاملة، وذلك عند فرض الصلاة. لكنهم يقرّون بأنّ آياتٍ أولية من سورة العلق سبقتها، مُشكّلةً تمهيداً لمنهج القرآن الكريم، ودلالةً على أهمية العلم والمعرفة، كما ورد في قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ). ويُلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع سورة الفاتحة في مقدمة ترتيب سور القرآن الكريم، وهو أمرٌ اجتمع عليه معظم العلماء.

وقد أشار الإمام القاسمي في تفسيره إلى أن الفاتحة هي أول سورة نزلت كاملة. بينما فسّر السيد طنطاوي الأحاديث التي تُشير إلى سورة المدثر بأنها أوّل ما نزل بعد فترة انقطاع الوحي. وذهب الآلوسي إلى أن سورة العلق نزلت أولاً، تلتها سورة المدثر بعد فترة توقف، رافضاً فكرة نزول الفاتحة أولاً.

وقد ذكر الحافظ السيوطي في كتابه “الإتقان” أن سورة المدثر هي أول سورة نزلت كاملة، مستنداً إلى قول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- الذي روى أنه سأل أبا سلمة عن أول ما نزل من القرآن، فأجابه بآياتٍ من سورة المدثر: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}.

أما الذين يرون أن الفاتحة هي أول سورة، فيعتمدون على أحاديث -بعضها منقطع- تروي قصة نزول الوحي، حيث يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ورقة بن نوفل بما سمع، وذلك بآيات من سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ…}

آخر سورة نزلت كاملة

تُشير الأدلة إلى أن آخر سورةٍ نزلت كاملةً على النبي صلى الله عليه وسلم هي سورة النصر. إنّ نزولها يُعتبر علامةً على اقتراب وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما فهمها كبار الصحابة، حيث اعتبروا الكمال دليلاً على قرب النهاية. وتتضمن السورة آياتٍ تُحثّ على التسبيح والاستغفار، وهو ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله بكثرة قبل وفاته. {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

وقت نزول القرآن

بدأ نزول القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة القدر، في شهر رمضان المبارك، في عام 610 ميلاديًا. وقد نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وتلا عليه آيات من سورة العلق. وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم خائفاً إلى زوجته خديجة، مُبشّراً ببداية الرسالة وبداية نزول الوحي الإلهي.

مراحل نزول القرآن

يُمكن تقسيم نزول القرآن الكريم إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  1. النزول إلى اللوح المحفوظ: نزل القرآن الكريم جملة واحدة إلى اللوح المحفوظ، كما ورد في قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}. وتفاصيل هذه المرحلة لا يعلمها إلا الله عز وجلّ ومن أذن له.
  2. النزول إلى بيت العزة: نزول القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، كما ورد في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
  3. النزول على النبي صلى الله عليه وسلم: نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم على مدار 23 عاماً، بواسطة جبريل عليه السلام. وقد بدأ ذلك ببعثته وانتهى بوفاته. {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}. وكان هذا النزول المُتفرّق له حكمٌ كثيرة، منها مُلاءمة الأحداث والوقائع المُتغيّرة.
Total
0
Shares
المقال السابق

أول سورة أنزلت في المدينة المنورة

المقال التالي

سُميّة بنت الخياط: أول شهيدة في سبيل الله

مقالات مشابهة