مقدمة
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد:
يعتبر الذكر من أجلّ العبادات التي حثّ عليها الإسلام، فهو يربط العبد بربه، ويذكره بنعمه العظيمة، ويحصنه من الشرور والآفات. ومن بين أنواع الذكر، تبرز أذكار الصباح والمساء كحصن للمسلم في بداية يومه ونهايته، تملأ قلبه طمأنينة وسكينة.
أهمية الذكر في الإسلام
لقد منّ الله سبحانه وتعالى على الإنسان بنعمة النطق، وجعل اللسان وسيلة للتعبير والتواصل. وهذه النعمة تكون عظيمة عندما تستخدم في الخير، والدعوة إلى المعروف، والإصلاح بين الناس، وفي ذكر الله وتسبيحه وتحميده. فذكر الله هو سبيل إلى السعادة في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة. إنّ ترطيب اللسان بذكر الله، والأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو من أعظم ما ينطق به اللسان.
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الذاكر بالغافل تشبيهًا بليغًا، يوضح الفرق الشاسع بينهما، وأثر الذكر على القلب والروح.
قال صلّى الله عليه وسلم: “مثلُ الذي يَذكُر ربَّه والذي لا يَذكُر ربَّه مَثَلُ الحيِّ والميِّت”.
إن المداومة على ذكر الله تعالى أمر مستحب في كل الأوقات والأماكن، وفي جميع الأحوال، سواء كان الإنسان قائمًا أو قاعدًا أو راكبًا. ومن هذه الأذكار:
- أذكار بعد الصلاة المكتوبة.
- أذكار النوم والاستيقاظ والأحلام.
- أذكار الرقية الشرعية من السحر والحسد والعين والمرض.
- أذكار دخول الحمام والخروج منه، والوضوء.
- أذكار دخول المنزل والخروج منه، وزيارة المريض.
- أذكار الركوب والطعام.
- أذكار الصباح والمساء.
أمثلة من أذكار الصباح والمساء
وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام مجموعة من أذكار الصباح والمساء، نذكر منها ما يلي مع بيان عدد مرات التكرار ووقتها، وأثرها في حياة المسلم:
- آية الكرسي: بعد الفرائض وعند النوم.
- الأثر: لا يقرب الشيطان قارئها أبدًا.
- آخر آيتين من سورة البقرة: قبل النوم.
- الأثر: تكفي قارئها من كافة الشرور والأذى مهما كان.
- سورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس: ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء.
- الأثر: تحمي من كل شيء وأذى.
- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم: تُقال ثلاث مرَّاتٍ صباحًا ومثلهنّ مساءً.
- الأثر: تحمي من يقولها من كل ضرر، ولا يُصاب ببلاء فجأة، ولا يقدر شيء على إلحاق الضرر به.
- أَعـوذُ بِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق: ثلاث مرَّاتٍ مساء.
- الأثر: تُحصِّن المكان الذي يبيت فيه الإنسان أو ينزل فيه من كلِّ ضررٍ.
- اللهمّ إنّي أعوَذ بك من الهم والْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ: مرَّة في الصَّباح وأخرى في المساء.
- الأثر: إذهاب الهمّ والغمّ، وتساعد على قضاء الدَّين.
- اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، اللَّهُمَ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ: مرَّة في الصَّباح ومرَّة في المساء.
- الأثر: هذا الدُّعاء يُسمى سيد الاستغفار، وثواب من يقله دخول الجنّة.
فضل المداومة على الأذكار
ينبغي على المسلم أن يحرص على أذكار الصباح والمساء، لما لها من تأثير عظيم على حياته اليومية، إضافة إلى الأجر والثواب الجزيل من الله تعالى. ومن فوائد المداومة عليها:
- طرد الشيطان وقهره وإذلاله.
- إرضاء الله عز وجل باللجوء إليه وطلب العون منه.
- إزالة الهم والغم والكدر الذي يصيب الإنسان نتيجة مصاعب الحياة ومشاكلها.
- جلب الفرح والسرور إلى القلب، والشعور بالراحة النفسية والطمأنينة.
- تقوية القلب والبدن معًا.
- إشراق الوجه بالنور الرباني نتيجة زيادة الإيمان والتوكل على الله.
- جلب الرزق والبركة فيه، ودفع الفقر والحاجة.
الخلاصة
الذكر للقلب كالماء للسمك، فكما أن السمك لا يستطيع العيش بدون الماء، كذلك القلب لا يستطيع الاستمرار في الحياة الروحية بدون ذكر الله. فلنحرص على المداومة على أذكار الصباح والمساء لننعم بالسعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.
